لقد حقق النظام التعليمي في المملكة إنجازات قياسية حقيقية وشهدت مسيرة التعليم خلال فترة قصيرة من الزمن من التطورات الكمية والنوعية ما يستحق التقدير ويستحوذ على الثناء والإعجاب.
وقد تحقق ذلك بمجهود دعم ورعاية من قبل قيادتنا الرشيدة التي لم تأل جهداً ولم تدخر مالاً أو وقتاً أو توجيهاً إلا ووفرته بسخاء لتحقيق هذه النهضة التعليمية التي نعايش مسيرتها ونلاحظ تقدمها.
ومع تطور الظروف والأحوال وبروز المستجدات التقنية المعاصرة والتطورات المتلاحقة من حولنا اشتدت الجهود داخل المملكة حتى يصبح التعليم ملبياً لحاجات الوطن والمواطن فلم تعد العملية التعليمية عملاً تقليدياً قاصراً على حشو الذهن بالمعلومات وتحميل الطالب بالعلوم بل أصبح من ارقى أهداف التعليم وأولها هو تعليم الطالب كيف يبحث عن المعرفة وكيف ينمّي قدراته وكيف يستفيد مما يتعلمه داخل المدرسة وكيف ينتج لديه السلوك المفيد الذي يصلح له ولمجتمعه.
ولقد فرض التطور العلمي والتقني نفسه على فكر القائمين على التعليم واصبحت الدول تتباهى بمناهجها الدراسية التي تتناسب مع تطورات العلم الحديث، بل وتفاخر بأبنائها النابغين في العلوم الطبيعية والتطبيقية التي تفيد في تطور المجتمعات، وأصبح النبوغ في تلك العلوم مقياساً من مقاييس التقدم والنمو والتطور، وشهد العالم إقبالاً متزايداً من الطلاب لدراسة العلوم، وأضحت أعداد طلاب الأقسام العلمية في تزايد، وتضاعفت المسؤوليات على المسؤولين عن التعليم بخططه ومناهجه، وتضاعفت المسؤولية أكثر وأكثر على المعلم والمعلمة.
نعم تضاعفت المسؤوليات على المعلم والمعلمة في إكساب المتعلمين المعلومات والمهارات وتعويدهم على البحث عن المعرفة والتفكير العلمي السليم وفي تحبيبهم إلى العلوم وتقريبها إليهم وفي حماية العلم وصيانته بالأخلاق الفاضلة الرفيعة التي تحمي العقول من الشطط وتصون السلوك من الزيغ والفساد.
وتضاعفت مسؤوليات المعلم والمعلمة بصورة أكبر في ميدان تشجيع الطلاب والطالبات على الالتحاق بأقسام العلوم والأخذ بأيديهم نحوها واكتشاف الميول التعليمية منذ وقت مبكر وتوجيهها السليم الذي يفيد الطالب ومجتمعه..
ولعل التوقف بالحديث عند دور المعلم أو المعلمة في هذا المجال من الأمور الواجبة في هذه الأيام ونحن نشاهد تسابق الدول في ميادين العلوم ونشاهد آثار ذلك واضحة في تقدمها ورقيها، فالمعلم هو الأساس المهم والعنصر الفعَّال في العمل التعليمي، وهو الذي تنتهي عنده جميع الجهود التي تبذل من أجل التعليم، وبإمكانه هو أن يفعّل هذه الجهود لتؤدي دورها، وبمقدوره أن يجعل كافة تلك الجهود تتحطم وتتناثر بلا فائدة، ومن هنا تأتي أهمية إعداد المعلم إعداداً جيداً ومتميزاً للتعامل مع قدرات الطلاب وإمكاناتهم، وليتمكن من توجيههم التوجيه السليم وهم يختارون مساراتهم التعليمية وليكون قادرا على توجيه النصح إليهم إذا اختاروا ان يلتحقوا بالقسم العلمي لا أن يكيل لهم الاتهامات بعدم المقدرة على السير في هذا التخصص، ولا أن يُدخل إلى نفوسهم الشك في قدراتهم وإمكاناتهم، أو أن يعقّد لديهم صورة هذه الاقسام ويخوفهم منها.
وإننا على يقين أن الجهات القائمة على شؤون إعداد المعلم والمعلمات تدرك ذلك وأكثر منه، وتعلم أن دور المعلم أو المعلمة في العملية التعليمية هو دور رائد وحافز وموجّه غير أن بعض الممارسات التي نسمع عنها - نحن أولياء الأمور- عن سلوك بعض المعلمين والمعلمات المثبط لعزائم الطلاب والطالبات والمخوّف لهم من الأقسام العلمية يجعلنا نتساءل عن دور الاشراف التربوي المطلوب في مثل هذه الحالات للتأكد من أن برامج الإعداد والتأهيل قد آتت ثمارها، وانعكست على اداء المعلم أو المعلمة داخل حجرة الدراسة وبصفة خاصة في التعامل مع الطلاب وفي حسن التوجيه وفي أداء الأمانة كما يجب.
إن تشجيع ابنائنا على الالتحاق بالأقسام العلمية يتطلب جهوداً متواصلة من أجل صالح بلادنا وهي تعد أجيال المستقبل، ومن أجل صالحنا ونحن نسعى لإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة، ولذلك فإن هذه الجهود لابد أن تتواصل في تطوير المناهج وفي توفير البرامج المناسبة وفي تهيئة المدرسة لتكون مناسبة للإقبال على التخصصات العلمية وقبل ذلك وبعده في إعداد المعلم وانتقاء المناسبين المتميزين القادرين على التعامل مع تطورات العصر وتطور العلوم، والقادرين على حسن التعامل مع الطلاب وتوجيههم وتشجيعهم وحفزهم نحو التخصصات العلمية دون مشقة أو عناء.
وبالله التوفيق
|