Monday 27th october,2003 11351العدد الأثنين 1 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أقدم نظام لحقوق الإنسان أقدم نظام لحقوق الإنسان
إبراهيم بن سعد الماجد (*)

يأتي انعقاد مؤتمر حقوق الإنسان في السلم والحرب في ظل أوضاع دولية معقدة لم يمر على العالم بأسره مثلها منذ أمد بعيد.هذه الأوضاع السيئة تضرب على وتر واحد وهو «حقوق الإنسان»، ذلك الإنسان الذي ضاعت حقوقه من حيث أريد لها ان تحفظ..! يتشدَّق المجتمع الغربي بحرصه على حقوق الإنسان ويدّعون انهم أوصياء على الإنسان، أينما كان وحيثما حل. وهم لهذه الحقوق منتهكون..!.
جيشت الجيوش واستعرت الحروب وأبيد الإنسان والحيوان وأهلك الحرث من أجل حقوق الإنسان..!! عجباً لهذا العالم «الديمقراطي» كيف يدعو إلى حفظ حقوق الإنسان وهو له قاتل ومشرد وظالم..؟!
عالم غريب وعجيب، يدعي الحرية والديمقراطية وهو لها وائد «إن الإسلام يمنح الإنسان قيمة تفوق كل قيمة سياسية أو اجتماعية.. لأنها القيمة التي يمنحها له الله في القرآن الكريم في قوله: {وّلّقّدً كّرَّمًنّا بّنٌي آدّمّ} فهذا التكريم يكون أكثر من الحقوق أو الضمانات الشرط الأساسي للتعبير اللازم في نفس الفرد، طبقاً للشعور الديمقراطي سواء بالنسبة للأنا أم بالنسبة للآخرين، والآية التي تنص على هذا التكريم تبدو وكأنها نزلت لتصدير دستور ديمقراطي يمتاز عن كل النماذج الديمقراطية الأخرى» «مالك بن نبي القضايا الكبرى».
إن الطامة الكبرى عدم فهم أبناء الاسلام لهذا الدستور العظيم الذي نظم للدولة والشعب الحقوق فجعل لكل طرف مسؤوليات وحقوقاً، فكما ان لولي الأمر حقاً فكذا للمواطن حق، بل إن الإسلام عظّم من هذه الحقوق وأغلظ في عقوبة من استهان بها.
لقد اعتنى الإسلام بالإنسان منذ تكونه في بطن أمه فحرّم الاجهاض بل قبل ذلك أوجب حفظ الأنساب بتحريمه الزنى، وحفظ الإنسان يوم صار طفلاً رضيعاً بأن أوجب على الأب الإنفاق على الأم، ولو كانت في غير عصمته حتى الفطام بل حتى تنتقل الحضانة، واعتنى به في مراحل عمره المختلفة إلى ان يبعث فجعل الإسلام حرمة المسلم الميت كحرمته حيا، فكانت المقابر ذات حرمة لدى المسلمين.
ورغب في منح الحرية للآخرين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً من أعضائه من النار».
وحذّر من الاعتداء على المملوك ولو كان هذا الاعتداء يسيراً يقول عليه الصلاة والسلام: «من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه».
وأوصى بالرقيق كما في قول رسول الهدى عليه السلام: «أوصاني حبيبي جبريل بالرفق بالرقيق، حتى ظننت ان الناس لا تستعبد ولا تستخدم».
إن دين الإسلام جعل للإنسان كرامة لم تكن تُعرف قبل ظهور هذا الدين العظيم فجعل من العبد المملوك إنساناً كامل الإنسانية له حقوق وعليه واجبات لا يختلف في المصير عن سيده فأضيف بذلك لأول مرة إلى عالم الإنسان بعد ان كان يضاف إلى عالم الأشياء المادية، لقد وضع سيد البشر عليه الصلاة والسلام دستوراً لحقوق الإنسان في خطبة الوداع عندما قال: «يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر، فضل إلا بالتقوى..».
إذاً هي علاقة الإنسان بالله وحده هي التي تفضله، فكلما كان أتقى، كلما كان أفضل.
وقد نظر الإسلام إلى الإنسان في حالة الحرب تلك الحالة الاستثنائية التي لا ينظر لها العالم اليوم إلا نظرة فرض القوة والجبروت وما حال الشعوب التي نالت نصيبها من الحروب القذرة في هذا العصر إلا شاهد حي على اهدار حقوق الإنسان لدى المجتمع الغربي في حالة الحرب، لقد نظر الإسلام إلى تلك الحالة نظرة خاصة جداً بل فكّر رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - في حال الإنسان قبل ان تبدأ الحرب فأوصى معاذاً يوم بعثه لليمن بالمرأة والطفل والشيخ بل والراهب في صومعته أوجب له عليه الصلاة والسلام الأمان.
إننا في ظل هذه الهجمة الغربية على النظام الإسلامي بحاجة إلى طرح مشروعنا الإسلامي المقر منذ ما يزيد عن ألف وأربعمائة عام على بساط النقاش للتحاور مع الآخر، وذلك بعد ان نحاور أنفسنا «شعوباً وقيادات» من أجل تطبيق دستور حقوق الإنسان في الإسلام ذلك الدستور الذي لا نشك في شموليته وكماله وعدله، ولكن الذي جعل الآخرين يشككون في نظامنا الإسلامي هو عدم أخذنا بهذا النظام العظيم. وتيهاننا في دهاليزهم باحثين عن قانون يحفظ لنا هذه الحقوق..!!
إذاً ما حل بهذه الأمة ليس من الآخر بل «.. قل هي من عند نفسكم» تحريف وتصحيف وتعطيل لدستور متكامل لا يحتاج إلى هيئات وإلى أي اجتماعات من أجل صياغته بل انه كامل الأركان متماسك البنيان، حافظاً لكافة الحقوق لا يمكن ان تغيب عنه مسألة دون وضعه لها حلا.
حفظ الله لهذه الأمة دينها الذي هو عصمة أمرها.
والله المستعان..

(*) فاكس: 4080796

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved