* القدس المحتلة - نائل نخلة
حذر مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية من الآثار المدمرة التي سيخلفها قرار محكمة الاحتلال بإقامة جدار فصل عنصري على مجمل الأنشطة اليومية والحياتية للمواطنين في القدس، وسائر الأراضي الفلسطينية التي سيسلكها مسار هذا الجدار.
وأكد المركز في بيان له يوم الاثنين الماضي إن من شأن إقامة هذا الجدار الجديد تكريس عزل القدس بالكامل عن عمقها الجغرافي والديمغرافي مع الضفة الغربية وقطع صلات المواطنين في البلدات والضواحي الواقعة خارج الحدود البلدية المصطنعة بمدينتهم، مما يعني إخراج القدس عن كل ما له صلة بعمقها الفلسطيني وتواصل مواطنيها ومؤسساتها مع هذا العمق.
الغيتو الجديد
وأشار مركز القدس إلى أن إقامة هذا الجدار الجديد سيؤدي إلى خلق كانتونات معزولة عن بعضها البعض، بحيث يرتبط كل «كانتون» مع سلطة الاحتلال والتي ستتحكم بمسار شؤونه اليومية، وعلاقته بالكانتونات المجاورة، مما سيحد من حرية الحركة والتنقل، ويخضعها لإدارة جنود الاحتلال عند بوابات تفتح وتغلق في ساعات محددة قد ترتبط في أغلب الأحيان بمزاج هؤلاء الجنود.
وأوضح المركز أن قرى وبلدات مثل: عناتا، وحزما، جبع، الرام، وضاحية البريد، ستتأثر على نحو خاص بإقامة هذا الجدار، إضافة إلى قرى شمال غرب القدس الأربع عشرة التي باتت جميعها محاصرة بين حزامين شرقي وغربي من الكتل الاستيطانية.
وأشار أن حركة المواطنين هناك ستتم فقط عبر بوابات ستقام لهذا الغرض، وقد يتم شق طرق خاصة بحركة المواطنين في هذه القرى والبلدات لتكون بديلاً عن طرق رئيسية يستخدمها المواطنون حالياً في تحركاتهم وتنقلاتهم.
الجدار انتهاك لحرية العبادة
نوه مركز القدس إلى أن هذه الإجراءات ستؤثر أيضاً على حقوق المواطن الأساسية في الوصول إلى أماكن العبادة المقدسة للمسيحيين والمسلمين على حد سواء والذين تفرض سلطات الاحتلال حالياً قيوداً على حركة تنقلهم، فيما سيؤدي إقامة الجدار والأحزمة الاستيطانية إلى حرمانهم بصورة كاملة من هذا الحق، وهو ما يعد انتهاكاً للقوانين الدولية.
الفلسطينيون أقلية في المدينة المقدسة
وحذر مركز القدس من التأثيرات الديمغرافية لجدار الفصل العنصري على المواطنين المقدسيين، حيث تم حتى الآن إخراج أكثر من 30 ألف مقدسي من داخل الحدود البلدية المصطنعة للقدس 26 ألفاً يقيمون في أحياء مثل: كفر عقب، سميراميس، والمطار، وقلنديا بالإضافة إلى آلاف يقيمون في حي «أبو مغلي» الواقع بين أبوديس، وجبل المكبر.
وأعرب المركز عن قلقه من أن إخراج هؤلاء من داخل حدود القدس، يمهد لإجراء آخر أكثر خطورة، وهو تجريد هؤلاء المقدسيين من حقهم في الإقامة، مما قد ينسحب على مناطق أخرى تتاخم حدود الجدار المقترح أو تقع في مساره.
واعتبر مركز القدس أن عمليات الإحصاء المستمرة في بعض ضواحي المدينة وبلداتها مثل: ضاحية البريد، الرام، كفر عقب، قلنديا، سميراميس، بيت حنينا، وأجزاء من بلدتي العيزرية، وأبوديس قد تفضي إلى خطوة إسرائيلية على هذا الصعيد.
وأكد أن الإسرائيليين كانوا عبروا مؤخراً عن قلقهم من الزيادة الكبيرة في إعداد المقدسيين خلال السنوات الثلاث الماضية مما رفع نسبتهم إلى ما يقرب من 34% من العدد الإجمالي لسكان القدس اليهود والعرب، وهي النسبة الأكبر منذ احتلال المدينة عام 67، بحيث تتعدى النسبة التي قررتها حكومات إسرائيل المتعاقبة بحوالي 6 درجات مئوية.
الجدار يستهدف الوجود الفلسطيني
ويرى المركز أن التذرع الإسرائيلي بالدواعي الأمنية، يعطيهم المبرر للعمل ضد الوجود الديمغرافي الفلسطيني سواء من خلال إخراج المزيد من المقدسيين وإسقاط حق الإقامة عنهم، أو عبر تكثيف عمليات الاستيطان وجلب المزيد من المستوطنين اليهود إلى المستوطنات القائمة، مما رفع عددهم وفق آخر إحصائية إلى أكثر من 200 ألف مستوطن يقيمون في خمس عشرة مستوطنة مقابل 250 ألف مقدسي.
وأوضح المركز في تقريره، أن المحصلة النهائية لهذا الجدار وما سيترتب عليه من تأثيرات، سيحول القدس المحتلة إلى «غيتو» كبير محاط بالمستوطنات من الجهات الأربع، كما سيجزئ الأحياء والقرى والبلدات عبر الحواجز، والبوابات، ونقاط التفتيش الثابتة والمتحركة والمراقبة الكترونياً.
|