كلما أذن الموقف لي باكتشاف ضآلة الخبرات الثقافية، والمعرفية عند الشابات وهن إمَّا دارسات، أو محاورات، أو متسائلات، كلَّما أذنت لنفسي أن أقتعد كرسي «الأم» فهو المكان الوحيد الذي يلتف حوله الجميع دون أن يكون هناك أيُّ شك يعتور نواياهم... فلا غير الحب، ولا غير الصدق، ولا غير العطاء المتناهي، والمتنامي، ذلك لأنَّ الأم وحدها هي التي لا يختلف في أمر صدقها إنسان...، بل حيوان، بل طائر، بل زاحف!!
فانظروا إلى محاضن الأمهات
وستجدون هذه الحقيقة ناصعة كفجر تخرج فيه الشمس من أردية السَّحر...
من هنا، فكثيراً ما اكتشف أن فتياتنا «ضحية» إمَّا الآباء، وإمَّا المعلمون المربون، وإمَّا الفئتان معاً...، ذلك أنَّ ثقافتهن العامة ضحلة، ومعلوماتهمن قاصرة، ومتابعتهن غير نشطة، وحرصهن على المعرفة بدافع شخصي قد تعتوره صعوبات، و... خبراتهن المتراكمة ليست تعلو مسافة جزء من قياس أطوالهن!
لماذا؟
ومن المسؤول؟
وكيف يتبدل الحال؟
أذكر ولا أزال أقول إنَّني دوماً أردد عليهن هذه العبارة: «زني نفسكِ قبل أن يزنك الآخرون»...، وببراءة الذهن الخام يسألنني ما المقصود بهذه العبارة؟، فأعود لشرحها: إنَّ وزن الإنسان ليس فقط هذا التكوين من اللحم والعظم والجلد والأعصاب والعضلات. فهناك وزن آخر وهو ليس أيضاً وزن ما فيه من مشاعر وأفكار واحساس وانفعال...، بل هناك وزن آخر أكثر أهمية: هو ما في قلبه من الوعي، وما في عقله من المعرفة. فوعاء الفطنة مجزءٌ بين العقل والقلب، ووزن الإنسان هو محصلة علمه وثقافته وتفاصيل مكتسباته، وأجزاء مخزونه...
وإنَّ امرأً يرغب في فلاح أمره، ورفعة قدره، ونجاح سعيه، لن يتحقق له ذلك دون أن يحرص على إثقال ميزان عقله وقلبه، فهذا القلب مضغة تصلح بالدربة والتعلم، وذلك العقل مخزون ينمو وينتج بالعلم والمعرفة والثقافة والاستزادة المستديمة.
إنَّ فتياتنا لا يقرأن في السنة «بطولها» كتاباً واحداً؟ فكيف نتوقع أن يقرأن في الشهر كتاباً؟!، وإنَّهن يجهلن حقائق، ومفاهيم، بل عموميات في الحياة من المفترض أن لا يبلغن حدَّ «الجامعة» وهن لا يفقهن عنها شيئاً..
ولأنَّ هناك قصوراً من قبل الفئات التي خرجن من بين يديها وموازينهن خفيفة، فإنَّ عليهن تقع مسؤولية ملء هذه الموازين.
صحيح إنَّهن سوف يكابدن، ويجهدن، لكن إمضاء الحياة كفاحاً من أجل الذات خير من إمضائها تحسراً عليها.
لذلك ما رأيكن أن يكون شعاركن «زن نفسك قبل أن يزنك الآخرون»؟
لكلِّ من كبر فجأة...
ووجد أن ميزانه خالياً... فارغاً... تعصف به الريح!!
|