تفاقمت الأوضاع الأمنية في العراق وتزايدت الهجمات والتفجيرات الانتحارية إلا أن موجة الاستهداف لم تفرق بين أمريكي وعراقي وبات الجميع في مرمى النيران المجهولة المصدر.
تتابع الضربات على القوات الأمريكية انعكس مباشرة على المجتمع في الولايات المتحدة وعلى إدارته الحكومية، فقد زادت حالة الامتعاض من الحرب وانطلقت المشاعر ضدها وبدأت المواكب المناهضة لها بالتحرك وتجسدت على الواقع الأمريكي صور الاحتجاج على حرب فيتنام قبل عدة عقود مضت.
وعلى الصعيد الرسمي فإن كلمات المسؤولين الأمريكيين لم تخل من المرارة، بل والاعتراف الصريح بأن معنويات الجنود تنهار، وفقاً لما ورد على لسان وزير الدفاع الأمريكي الذي دعا في مذكرة مشهورة إلى إعادة تقييم الأوضاع وفق المنظور العام لمحاربة الإرهاب حيث أقرَّ بأنه لا يعرف ما إذا كانت الجهود الأمريكية تحقق تقدماً على صعيد مكافحة الإرهاب أم أن الإرهابيين هم الذين يكسبون؟!
ووسط هذه الملابسات هناك في البيت الأبيض من يحاول إيجاد المبررات لحالات الاحباط هذه حيث تتوجه الاتهامات الأمريكية إلى إيران وسوريا بأنهما تفتحان حدودهما أمام المقاتلين الذين يستهدفون القوات الأمريكية.
ولا تحتاج العلاقات الأمريكية مع كل من دمشق وطهران إلى من يزيدها توتراً فهي في حالة توتر مستمرة، ومع ذلك فإن إلقاء اللوم على البلدين بسبب ما يحدث في العراق لن يضع حَدّاً للمشاكل القائمة إلا اذا كانت واشنطن تسعى إلى استثمار ما يحدث في العراق للتصعيد ضد دمشق وطهران وخصوصاً أن نبرة التهديدات الأمريكية هي الأكثر وضوحاً في التعامل مع الجانبين بسبب ملفات عدة بينها بصفة خاصة إسرائيل.
غير أن العراق يحتاج إلى قدر من التهدئة لمواجهة المشاكل القائمة بينما سيكون فتح جبهات جديدة بمثابة صب المزيد من الزيت على النيران المشتعلة بما يجعل من الصعب محاصرة الحريق الذي قد يأتي على الأخضر واليابس، ويومها سيكون من الصعب تبيُّن سبل إعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، فإذا امتدت النيران إلى سوريا فإن بوسع الأمريكيين القول أيضاً إن هناك من يتسلل عبر الحدود لإثارة المشاكل في سوريا، والحال ذاته ينطبق على إيران.
وخلاصة الأمر أن قدراً أكبر من الحكمة والتروي يمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل لكافة مصاعب المنطقة.
|