Thursday 30th october,2003 11354العدد الخميس 4 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

كلمة ولي العهد بماليزيا.. شخَّص فيها الداء ووصف الدواء بصراحته المعهودة كلمة ولي العهد بماليزيا.. شخَّص فيها الداء ووصف الدواء بصراحته المعهودة
ناصر بن عبدالعزيز الرابح /مشرف تربوي بتعليم حائل

لعل المتابع لمضامين الكلمة التي ألقاها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني ورئيس الوفد السعودي في مؤتمر القمة الإسلامية العاشرة بماليزيا كانت بمنتهى الصراحة والجرأة المعهودة لسموه شخَّص من خلالها واقع الأمة بكل صدق ووضوح وحلل الوضع المأساوي الذي تمر به من محن شداد ومخاطر جسام تهدد أمنها واستقرارها.. صراحة سموه وان كانت قاسية ومرّة كما يتصورها البعض إلا أنها أولى الخطوات التي تقودنا إلى إصلاح الخلل ومعالجة الخطأ ومعرفة مكامن الوهن ونقاط الضعف، فالطبيب لا يصف الدواء الناجع إلا بعد ان يفصح المريض عن علته بصدق وحقيقة، فسموه وضع يده على الجرح الذي لم يعد خافيا على شعوب الأمة موثقا تشخيصه بقوله تعالى: {(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) هذا التغيير الحاصل بالأمة اليوم يرجع سببه إلى خلل فكري وسياسي واقتصادي دب في جسد أمة المليار مسلم ولم يعد لها مكانة ولا ريادة ولا سيادة بين شعوب العالم كله، فتنوعت المذاهب والطوائف واختلفت النظم والقوانين السياسية، وانعدم التعاون الاقتصادي والتجاري بين دوله.. والأمة ما كانت لتصل إلى هذا الوضع لو أنها استمسكت بحبل الله المتين واتخذت الإسلام شرعة ومنهاجاً وسيرته نظاماً في كافة شؤون حياتها كما كان حال أسلافنا الأوائل من خلفاء أجلاء وملوك عظام أقاموا امبراطورية إسلامية عظيمة وشيدوا حضارة علمية ما عرف التاريخ لها مثيلاً كله، بسبب إسلام صحيح خالٍ من البدع والطوائف وتعدد المذاهب والأحزاب، وبه أعز الله أمة كانت جاهلية جهلا يسودها التخلف والتمزق، ظلت قرونا من الزمن تعيش في نفق مظلم وموحش، حتى قيض الله لها دينا وقرآنا ونبيا عظيما انتشلها من ظلمات الجهل إلى نور الهداية، ومن مؤخرة الأمم إلى مقدمتها، ومن أمة منقادة إلى أمة قائدة.. يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه نحن أمة أعزنا الله بالإسلام وإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.. فواقع أمتنا اليوم يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بعدها عن الله وانها طلبت العزة من غيره فأذلها، فكم نناشد الغرب بحل معاناتنا ومشاكلنا وهم سببها، وكم نمد يد المطالبة والمساعدة ونستعطفهم في استرداد حقوقنا المغتصبة من قبلهم، وكم نقيم معهم علاقات اقتصادية وتبادلاً تجارياً يفوق أي علاقة وتبادل بين الدول الإسلامية نفسها، وهذا ما زادنا ذلا ومهانة حتى استحقرونا وعرفوا مواطن ضعفنا فغزونا في عقر دارنا.. فبعد استحلال فلسطين استحل العراق وباتت أنظار مطامعهم تتوجه تجاه سوريا وإيران. إن واقع أمتنا اليوم وما تمر به من منعطف خطير لا يحل بالشجب والاستنكار والإدانة التي أصبحت سمة للخطاب السياسي العربي والإسلامي، وباتت قرارات مؤتمراتنا لا تخرج عن هذا الإطار المألوف فلابد من مكاشفة صريحة وجرأة قوية بين دول العالم الإسلامي والعربي لتعرف ان الخلل منها والحل بيدها فلا تنتظر حلاً أو مساعدة من غيرها فالحوادث والشواهد كثيرة ولم تعد خافية على كل مواطن عربي ومسلم.. هذا التشخيص والتحليل والوضوح من ولي العهد السعودي ليس غريبا فهو من الزعماء القلائل الذين يمتلكون الجرأة والصدع بكلمة الحق التي تنبع من صميم قلبه وفؤاده، وينبض بهموم أمته ومعاناة شعوبها.. فحفظه الله ومتعه بالصحة والعافية..

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved