أظن أن الأسرتين السعودية والمقيمة في وضع لا تحسدان عليه أبداً جراء ما تلقيانه من عنتِ وإرهاق وضغط نفسي كبير فما إن يضع الأبناء الأقلام والقراطيس مع نهاية كل عام دراسي وتسري نشوة عارمة من الفرح بين الجميع بسبب توقف الالتزام اليومي والدوام الصباحي الباكر وحالة الطوارىء غير المعلنة وهسيتيريا ترقب النجاح وحمى الخوف من الفشل وما بين طي ملف العام الدراسي الماضي بكل أحزانه وأشجانه وبين الترقب والانتظار للضيف القادم تتناسى الأسر يوم قطف الثمار وحصاد التحصيل وتعويض السهر يوم أن يتأبط العيال الشهادات الجيدة المؤهلة لاقتحام معترك الحياة وتهيئة الإنسان وانتقاله من حالة الطالب الذي ينتظر كل صباح مد يد الدعم والعون له من أبيه أو أخيه دعماً له في المشوار الطويل الذي كتبته على الجميع سنة الحياة، وليس هناك أصعب من مراحل التغذية الروحية والفكرية والجسدية للإنسان والتي دائماً ما تصادف جيل المرحلة الثانوية الصعبة جداً على أرباب الأسر العائلين سواء كان ذلك للبنات أو للبنين فقدر هذه العوائل أن ترعى ابناءها تعليميا خوفاً من الجهل، وأن تغذيهم فكرياً وروحياً خوفاً من الانحراف والانزلاق إلى مهاوي الأفكار الشريرة سواء كانت المتزمتة في الدين أو الداعية إلى الانحلال والتفسخ، فحري بهذه الأسر أن تبذل قصارى جهدها وبتعاون الأساتذة القائمين على أمر الطلاب ورجال الدين الذين ينشرون أفكار الوسطية وشرعة الإسلام السمحة وفضائل وأخلاق المسلمين الحقيقيين أن يُخرجوا جميعاً طلاب هذه المرحلة من نفق التشويش وذبذبات الأفكار الضالة والتعمق الشيطاني والصحبة الجهنمية، وحقيقة ما عاد في عالم اليوم أن تعتمد الأسر فقط على تلقين ابنائها كتباً محفوظة وأناشيد عادية ومسائل حسابية لا يتجاوز عمقها تأهيل محاسب على «كاشير» في مطعم مندي باستراحة على احد طرق المرور السريعة، بل المطلوب التفكير الجاد والنظرة الفاحصة وقراءة أفكار ابنائها في عيونهم وإنهاء مرحلة الاتكالية على المدرس والتشمير عن سواعد الجد لاعداد جيل مسلح بالدين والعلم وبالفكر وقوة الجسد للدفاع عن نفسه وأهله ووطنه وشريعته إذا ما حدث مكروه لا قدر الله.
أرجو أن نلقي وراء ظهورنا البرامج القديمة والسياحة الطائشة المهدرة للأموال وللأفكار وان تكون الإجازة مرحلة إعداد آخر في مكان آخر لسد ثغرة أخرى بدلاً من الترحال والطيش في بلاد لا تعرف إلا غربة الدين وكريه الطباع، وحرىّ بنا جميعاً الانتباه إلى الخطر والاستعداد له مبكراً مما يخفف من وطأته إذا ما هجم علينا.
الرياض 11333 ص.ب 340184
|