كتب المحرر:
في الوقت الذي نجد فيه مظاهر صيام رمضان المبارك وقيامه في دولة إسلامية، نجد أن الحال يختلف في دولة إسلامية أخرى حيث لم يعلن فيها بدء الصيام رغم أن الدولتين متجاورتان ولا يفصل بينهما أي شيء وهذه ظاهرة تبرز كل عام.
وعن وجوب الاقتداء بالمملكة العربية السعودية كونها تضم في أرضها مكة المكرمة والمدينة المنورة أطهر بقاع الدنيا واللتين تضمان الحرمين الملكي والمدني الشريفين.
بحيث يصوم المسلمون إذا صامت المملكة ويفطرون إذا فطرت يجيب على هذا فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع والذي قال: المملكة العربية السعودية بحمد الله وفضله من أكثر الدول الإسلامية التزاماً ومحافظة على الطابع الإسلامي وأكثر الدول الإسلامية تقيداً بالمقتضيات الشرعية تحليلاً وتحريماً وإباحة وحظراً ولقد منَّ الله عليها واصطفاها لخدمة الحرمين الشريفين ولديها من التقيد والعناية البالغة في النظر في اثبات دخول شهر رمضان وخروجه ما ليس لدى كثير من الدول الإسلامية فضلاً عن أنها تعتبر المركز الأول والركيزة الأولى للمسلمين في كافة أنحاء الأرض وكلمتها وحكمها فيما يتعلق بشؤون المسلمين محل احترام وتقدير الجميع فمن أخذ بالاقتداء بها في اعتبار دخول شهر رمضان وخروجه فقد أخذ في تقليد من له حق القدوة والامامة. وقد بحث فقهاء المسلمين موضوع رؤية هلال رمضان وهل تعتبر رؤية بعض المسلمين الهلال رؤية للجميع أم أن لكل بلد رؤيته، فكان لفقهاء المسلمين في هذه المسألة قولان هما ما ذكر وصدر قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بأن لكل حكومة إسلامية الحق في أن يختار أهل الحل والعقد فيها ما يرونه من تقليد غيرهم في اثبات الرؤية أو الاستقلال منهم برؤية أهل بلدهم، وأما الجاليات الإسلامية في بلدان غير إسلامية فنظراً لانعدام الولاية الشرعية لديهم بصفتهم أقلية في بلد غير إسلامي فلا بدلهم من تقليد غيرهم من البلدان الإسلامية، ونظراً لمزيد من الثقة والاطمئنان وكثافة العناية بوسائل الرؤية في المملكة ولصدارتها وإمامتها للعالم الإسلامي بحكم موقعها الجغرافي وتميزها عن غيرها من الدول الإسلامية في الالتزام والمحافظة على الطابع الإسلامي في بلادها فأرى أن تقليدها في دخول شهر رمضان وخروجه تقليد تبرأ به الذمة إن شاء الله والله المستعان.
وفي سؤال آخر لفضيلة الشيخ المنيع يتضمن هل ثبوت الهلال في المملكة العربية السعودية لتحديد يوم عرفة وأيام الحج حجة على جميع المسلمين في كل أنحاء العالم فقال: الحمد لله يعرف جواب هذا السؤال من جواب السؤال الأول فوسائل اثبات دخول شهر ذي الحجة هي وسائل اثبات دخول شهر رمضان وخروجه إلا أن دخول شهر رمضان يكفي اثباته شاهد واحد وأما خروجه واثبات دخول الأشهر الباقية من السنة فيشترط لثبوت رؤية هلال كل شهر شاهدان عدلان.
وقد سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين عن هذا الموضوع فقال «حفظه الله»:
هذه مسألة خلافية
- القول الأول أنه رؤي الهلال في بلد لزم أهل البلد الآخر أن يصوموا والذين قالوا هذا القول اعتبروا الشهر شهراً واحداً.. ولم يعتبروا اختلاف المطالع.
فإذا أهلّ الهلال على أهل المشرق صام برؤيته أهل المغرب، وكذا بالعكس هذه البلاد وقالوا كيف نجعل شهر بلاد يتقدم على شهر البلاد الأخرى بيوم أو يومين أو نحو ذلك مع أنهم كلهم مسلمون ويؤمنون بدين واحد.
- القول الثاني: إن لكل أهل بلدة رؤيتهم.. وقد ذهب إلى هذا القول بعض العلماء منهم الشيخ عبدالله بن حميد - رحمه الله - والقى في ذلك رسالة أيدها بالواقع وأيدها كذلك بالأحاديث.
ومن الأحاديث التي استدل بها أصحاب هذا القول قصة كريب حيث سافر إلى الشام ثم رجع إلى المدينة المنورة في آخر رمضان فسأله ابن عباس رضي الله عنه عما لقي حتى سأله عن الهلال فقال متى رأيتموه.. قال رأيناه ليلة الجمعة وصمنا ثم قال وهل صام أمير المؤمنين؟ قال نعم .. فقال ابن عباس لكننا لم نره إلا ليلة السبت فصمنا ومازلنا نصوم.. حتى نراه أو نكمله ثلاثين قال كريب.. أولا تكتفي برؤية أمير المؤمنين وصيامه.. قال هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ففي هذا الحديث أن ابن عباس جعل لأهل الشام رؤيتهم ولأهل المدينة رؤيتهم وان كلاً منهم يصوم إذا هلّ عليه الهلال.
** القول الثالث إن رؤية أهل المشرق رؤية لأهل المغرب ولا عكس والسبب إنه إذا رؤي في المشرق لزم أن يرى في المغرب ولابد وذلك لأنه لا يغيب عن أهل المشرق قبل أن يغيب عن أهل المغرب.. وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وغيره.
** الراجح.. القول الثاني وهو ان لكل أهل بلد رؤيتهم إذا كان هناك مسافة بين البلدين يمكن أن يرى في البلد الآخر وهذا ما عليه العمل.
رأي ابن تيمية
ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية وجوب الصيام على أهل البلاد التي رأت الهلال وعلى من كان أمامهم من البلاد.. وحقق انه متى ما رؤي في بلدة فلا بد أن يرى في البلاد التي بعدها لأنه يتأخر غروبه عن الشمس.. وكلما تأخر ازداد بعداً عن الشمس وتجلياً وظهوراً فإذا رؤي في البحرين مثلاً وحب الصيام على
البلاد التي بعدها كالمملكة ومصر والمغرب ولم يجب على ما قبلها كالهند والسند وما وراء النهر.
|