منذ فجر التاريخ عرف الإنسان الصوم، فقد كان الفراعنة يصومون بطريقة خاصة في أيام أعياد محددة، وكذلك الصينيون القدماء والإغريق وغيرهم من أهل الحضارات القديمة.ولقد فرض الله الصوم على اليهود والنصارى وعلى المسلمين وإن اختلف أسلوب الصيام وأوقاته.
وبقدر ما يشتمل الصوم على فوائد دينية عظيمة إذ إنه يهذب النفس ويسمو بها ويقربها من بارئها وخالقها فإنه أيضاً له فوائد صحية هامة للغاية للحفاظ على جسم الإنسان سليماً معافى.
وحول هذه الفوائد الصحية كان لنا هذا اللقاء مع عدد من الأطباء العاملين في مستشفى الحمادي بالرياض والذي جاء على النحو التالي:
لا خطورة على الحمل والإرضاع
في البداية تحدثت الدكتور سهير دهب اخصائية النساء والولادة بالمستشفى فقالت: إن الصيام يريح الجهاز الهضمي من عبء وثقل الوجبات المتكررة، ويساعد الجسم على الاسترخاء وعلى التخلص من الفضلات والشحوم الزائدة ليستعيد نشاطه وحيويته بقية العام، وتنصح د. سهير أن على الصائم أن يبتعد عن الإكثار من الطعام ولاسيما الأطعمة الدسمة والحلويات، فالوجبات بالنسبة للصائم هي نفسها في الشهور العادية مع مراعاة الاهتمام بالإكثار من السوائل والأطعمة الخفيفة التي يسهل هضمها لتعين الصائم على عبادته وعمله.
كما أوضحت أن هناك حكمة عظيمة في إباحة الإفطار للمسلمين في حالات خاصة مثل السفر والمرض، فإذا كان الصيام يشكل مشقة وعبئاً إضافياً على المسافر أو المريض فقد يؤدي إلى تفاقم المرض وبطء الشفاء«فالمسلم القوي خير من المسلم الضعيف».
وهناك بعض الأمراض المزمنة التي لاشفاء منها وتتفاقم بالصيام وتزداد خطورتها على صاحبها، ثم قالت د. سهير: وهنا يخطر على البال سؤال عن خطورة الصيام على الحمل والإرضاع بالنسبة للمرأة الحامل وجنينها، طبعاً الصيام مسموح ولاضرر إن شاء الله منه على الحمل إن اتبعت المرأة الحامل التوصيات الصحية التي تعينها على الصيام مسموح ولاضرر إن شاء الله منه على الحمل إن اتبعت المرأة الحامل التوصيات الصحية التي تعينها على الصيام وأداء فرضها دون الإضرار بجنينها فعليها أن تأخذ قسطاً وافراً من الراحة خلال النهار، وأن تكثر من تناول السوائل خلال فترة الإفطار والاستمرار بتناول المقويات والفيتامينات الموصوفة من قبل الطبيب أو الطبيبة المشرفة على الحمل إذا كان سير الحمل لديها وصحتها العامة جيدة ومستقرة، وأشادت د. سهير في هذا السياق إلى أن الإفطار جائز طبعاً إن خافت الحامل أن يضر الصيام بجنينها، وكذلك بالنسبة للمرضع فقد يقلل الصيام من كمية الحليب مما ينعكس سلباً على الرضيع في بعض الحالات، وأردفت تقول: إن الصيام قد يضر بالحامل ويجب عليها الإفطار إذا كانت مصابة بالجفاف بسبب الإسهال والقيء المتكرر ولاسيما تلك الحالات التي تحدث في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، وكثيراً ما تستدعي هذه الحالات القبول في المستشفى للعلاج بالسوائل الوريدية لتحسين الحالة العامة للحامل حتى لا يحدث الأذى لها ولجنينها.
كذلك الحامل المصابة بالداء السكري المعتمد على الأنسولين، فالصيام قد يعرضها لاختلاطات هذا الداء بسبب تغير مستوى سكر الدم الشديد بين الصيام والإفطار والذي ينعكس سلباً على الأم وجنينها.
والحامل المصابة بحالة فقر الدم الشديد المترافق مع الضعف العام وهبوط الضغط الشرياني من البديهي ألا تصوم حتى تتحسن حالتها ويقوى جسمها ليتحمل عبء الصيام.
واختتمت د. سهير حديثها قائلة: وطبعاً بسبب وجود هذا التفاوت الكبير بين الحوامل، فيجب على كل حامل قبل بداية شهر رمضان المبارك أو في بدايته أن تزور طبيبتها المشرفة على مراقبة الحمل لتقوم بإجراء بعض التحاليل والفحوصات لتقيم حالتها الصحية وتقدم لها النصيحة اللازمة بشأن الصيام والحالات التي يمكنها أن تفطر فيها.
الكلى والصيام
أما الدكتور إسماعيل حسن أخصائي الباطنية ووحدة أمراض الكلى والغسيل الكلوي، فيؤكد بأن الكلى تعد من أكثر الأعضاء في الجسم عرضة للمشاكل مع الصيام وذلك لعلاقتها الوثيقة مع سوائل الجسم والتروية الدموية لأنسجة الجسم المختلفة وغيرها.
وقال د. إسماعيل: وتأتي النصيحة عموماً بالإكثار من شرب السوائل في خلال فترة الإفطار وخاصة لمن يشكون من التهابات في المسالك البولية أو حصوات الكلى..وذلك بشرط أن تكون وظائف الكلى لديهم طبيعية، أما من يعانون من قصور كلوي قبل أو بعد المعالجة التعويضية من غسيل للكلى «أو الزراعة» فالأمر يتوقف بصورة أساسية على كمية البول التي يطرحونها يومياً، وذلك لحساب كمية السوائل المسموح بشربها في اليوم، وأما عن المرضى المعالجين بزراعة الكلى فننصحهم بزيادة تناولهم للسوائل خلال فترة الإفطار وذلك لتأمين عمل جيد للكلى المزروعة.
وعن المرضى الذين يمكنهم الصوم أكثر من غيرهم فيقول د. إسماعيل: إنهم المرضى الذين يعانون أكثر من ارتفاع الضغط ومضاعفاته نتيجة لزيادة السوائل المطردة والوزن بين جلسات الغسيل الدموي، مما يترتب عليه حدوث هبوط القلب الاحتقاني من ضيق النفس وانتفاخ الجسم، وأما بخصوص السوائل عند مرضى الزراعة وصومهم، فهناك جدل حول ذل وأيضاً محاولات لتحديد المرضى منهم الذين يمكنهم الصيام بدون مشاكل- بإذن الله-.
التوازن البيولوجي
كما تحدث الدكتور طلال أحمد أخصائي الجراحة العامة قائلاً: لعل أبقراط أشهر أطباء اليونان القدماء في القرن الخامس قبل الميلاد هو أول من وصف طرق الصوم وأهميته العلاجية على حين أنه في عهد البطالمة بمصر حيث كانت الإسكندرية مركزاً للإشعاع الحضاري، وكان أطباؤها أشهر أطباء العالم فكانوا ينصحون مرضاهم بالصوم لكي يعجلوا شفاءهم من بعض الأمراض.
ثم أردف طلال قائلاً: ولقد دأب الكثير من العلماء والباحثين على دراسة أسرار الصيام الطبية، وخرجوا بنتائج يطول شرحها وخلصوا بنتيجة أن الصوم ضروري لحياة وصحة الإنسان، وأن أي مخلوق إذا امتنع عن الصوم لابد وأن يصاب ببعض الأمراض لأن الصوم يساعد الجسم على تنشيط وظائفه البيولوجية.
واستطرد د. طلال بقوله: ومن الحقائق التي توصل إليها العلماء كفوائد للصوم هي أن الإنسان عندما يفرط في تناول الأغذية والأدوية فإنه قد يصاب بالتسمم بالعناصر الداخلة في تركيبها وأنه أحوج ما يكون إلى الصوم أياماً متتالية بل أسابيع لطرد هذه المواد الدخيلة على الجسم.
كذلك فإن الدراسات الحديثة تشير إلى أن أول الأعضاء التي يتغذى عليها جسم الإنسان أثناء الصوم هي الأعضاء المصابة بالأمراض والشيخوخة، ولذلك فإن الخلايا التالفة يصغر حجمها، إضافة لذلك فإن الذي يقول ان الصوم يعطل التئام الجروح والكسور فإنه يكون مخطئاً، فقد أثبتت الدراسات العكس تماماً فإن الجسم يستنفذ أنسجته الأقل أهمية في إصلاح الأنسجة الأكثر أهمية.
كما أشار د. طلال أحمد إلى أن الدارسات الطبية أكدت أن المخ أثناء الصيام يفرز مادة الفيلادين ومادة الأندوفرين التي تعمل على ضبط الأعصاب واستعادة توازنها وتهدئة الإنسان دون الإستعانة بتناول المهدئات، كما وأن الصوم علاج أساسي لكثير من الأمراض القلبية والجهاز الهضمي والكبد والكلى والمسالك البولية عدا عن دوره في علاج بعض الأمراض الجلدية والضعف الجنسي.
ويختتم د. طلال حديثه بقوله: إن الصوم فرصة ذهبية لاستعادة الجسم البشري توازنه البيولوجي وتجديد نفسه بنفسه- بإذن الله-.
|