لمن لا يعرف من هو (الحقنة) في المعنى النجدي الدارج فهو ذلكم الشخص اللزج إن قرب منك، والزئبقي إن طلبته وبحثت عنه، والثقيل بنفسه عندما يستنطقك حول أمر أو شخص آخر، ثقيل بهذره المتناثر في كل اتجاه عندما يدعي أنه ملتزم بمواقفه وآرائه، وانتقائه لعباراته وألفاظه، مهذب في طرحه وجدله ونقاشه، متزن غير متطرف في فكره وانتمائه.. يمتدح نفسه وذاته كما يريد، ويلح عليك أن تسمعه حتى النهاية، كما يرغب هو، لا كما تريد قاعدة (أقل الأدب حسن الاستماع)، فمقاييس الأدب والذوق عنده أن تصغي وتؤمِّن على كل ما يبدي ويعيد، يلقنك تلقيناً أنه يتربع على قمة اللطف والرقة وحسن الرفقة، وما عليك فقط إلا أن ترخي لسانك، وتحكي له عن كل زميل وصديق وجليس وجار، ولا يكفي منك الإيجاز والمعلومات الهامشية، بل لابد أن يعرف منك أسرارا وخصوصيات ودقائق حياة أولئك النفر من المعارف، وإلا فلست صديقاً ودوداً تنال ثقته، ولن يمنحك وسام التأهل لسجل صداقته ومجالسته، ولو تجرأت أنت فسألت (الحقنة) عن جزئية بسيطة مما سبق أن استنطقك به لوجدت منه مالا يعجبك من نظرة حادة وزفرة حارة وعبوس وتكشير، ثم اهمال وانعطاف إلى شخص آخر يبتليه بنفسه، هذا على أحسن تقدير، ويكون بذلك قد أعفاك من إجراء أعنف، ومرد ذلك ربما لأمرين: إما أنه ينوي الالتفاف عليك في جولة قادمة، أو لأنه لا يريد أن يخسر الضحية الملاصقة التي خطط ورسم لها شراكاً قد لا يتخلص منها إلا ان كان (لزقة وحقنة وثقيلاً) بحجم عائلي.
|