* الرياض - عبدالعزيز القراري:
أصبحت ظاهرة موسمية تعاود الانتشار كل شتاء ويراجع من جرائها أعداد كبيرة من البشر المستشفيات من مختلف الأعمار ومن يعانون من أمراض مختلفة حيث يؤكد الأطباء أنها لها ارتباط مباشر بعدد من الأمراض ورغم خطرها على الصحة العامة إلا أنها تدخل الأسواق بكثافة وتجد إقبالاً مثيراً للدهشة من قبل المستهلكين المغرر بهم والغريب في الأمر أن التجارة والجمارك والمواصفات والمقاييس والصحة لم يلاحظوا خطر تلك السلع وفتحت أمامها الأبواب ودخلت دون أن تنطبق عليها شروط المواصفات والمقاييس والصحة والأنظمة التجارية كقانون الإغراق وبقي المستهلك «الضحية» يعيش أنواعاً من المشاجرات والخلافات مع المغاسل ظناً منه أن ذلك بسبب المواد المصاحبة لعملية الغسيل والتنظيف متجاهلاً جميع المبررات المنطقية والتي يتأكد فيها أن العيب ليس في التنظيف ولكن في السلعة المقلدة والمغشوشة.
فالأصباغ والخيوط الرديئة التي تدخل في صناعة الملابس والبطانيات والشراشف المقلدة والتي يقصد مستوردوها إغراق السوق بسلع مقلدة ورديئة وتهمل الجانب الصحي وتهدف إلى الكسب المادي السريع.
وتعوَّد الناس مع دخول فصل الشتاء أن يبدأ مستوردو البطانيات والملابس الشتوية ومع الإقبال المتزايد أن يدخلوا في السوق تلك المنتجات الرديئة والملوثة.
واتضح بعد التحري أنها من مصادر تركية وكورية وصينية حازت على نصيب الأسد من الحصة السوقية والتي تعتبر المملكة من أكثر الدول طلباً لتلك المنتجات.
ومع موقف الجمارك وهيئة المواصفات والمقاييس ووزارة التجارة والصناعة الصارمة ضد أي منتج يراد به الغش أو الإغراق إلا أن تجار ومستوردي هذه السلع استطاعوا ومنذ زمن إغراق السوق وترك المستهلك يواجه مصيره مع المخالفين لأنظمة الاستيراد غير مبالين بالاشتراطات المفروضة على السلع المستوردة.
ويعاني المواطن (الضحية) من البطانيات بسبب تغذيتها وإشباعها بالصبغات بشكل يجلب الضرر للإنسان بشكل مباشر وخصوصا مرضى الربو والحساسية.
وفي هذا الجانب يؤكد المواطن محمد صالح العواد أن عدم وعي المستهلك بتلك السلع ساعد بعض التجار على استقلاله وتمرير الحيل عليه وعرض بضائعهم المقلدة والرديئة لتجد بيئة صحية تساعد على انتشارها.
ويشير أن هناك سلعاً جيدة من بعض المستوردين والإنتاج المحلي ولكن لا يمكن لها أن تنافس هذا الرديء والمخالف للمواصفات والمقاييس والذي يجعلها تقدم للمستهلك بأسعار منخفضة والذي يكون على حساب الجودة.
ويؤكد العواد أن نوعية الأصباغ والخيوط يؤثر على المنتج فهناك خيوط وأصباغ آثارها ليست مادية فحسب وإنما لها آثار صحية وخاصة على مرضى الحساسية والربو وهناك أمراض يؤكد الأطباء أنها ترتبط ارتباطاً كلياً بالأقمشة والأثاث الذي يستخدمه الناس.
الملابس وتأثيراتها الصحية على الجلد والجهاز التنفسي
ويشكل ارتداء الإنسان للملابس شيئاً أساسياً وتجميلياً في حياته ولهذا تعددت الأنواع والخامات النسيجية والألوان مع تعدد الأذواق وظروف العمل، لهذا فبعض المهن لها زي ولون معين ومعروف لدى الجميع فالملابس كلمة عامة وتشمل الألبسة بكافة أنواعها وكذلك الأحذية وأيضاً ما يوضع على الجسم من أدوات الحياة الضرورية أو التجميلية كالساعات وحلق الأذن، وبما يفترش الإنسان ويتغطى به أثناء نومه مثل البطانيات والشراشف.
ومن هنا يرى الدكتور جميل أبو أحميد استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي أنه تدخل في صناعة الملابس العديد من الأنسجة الطبيعية والصناعية والخيوط والأصباغ المتعدة الأنواع والمختلفة التركيبات الطبيعية والكيماوية، ومع تقدم الصناعة دخلت الكثير من المواد الكيماوية في العديد من الملابس لإعطائها بعض المواصفات المطلوبة من الجمهور أو لإضفاء الجمال عليها، هذه المواد قد تسبب عند بعض الأشخاص حساسية جلدية هذه الحساسية تتمثل في أعراض جلدية وعلامات تزعج المصاب الأمر الذي يتطلب زيارة الطبيب المختص في مجال الأمراض الجلدية والأعراض تختلف من شخص لآخر حسب درجة شدة الحساسية ومن أهم المواد الكيماوية التي تسبب حساسية الملابس هي مادة بارا فينيلين ديامين Para pheny
Lene حيث تستعمل في أصباغ
الصناعات النسيجية للأقمشة المتنوعة وصناعة الأحذية، وكذلك مادة المطاط الصناعي Rubber chem
icals وتدخل هذه المادة في صناعة
الأحزمة والأحذية، ومادة الكروم حيث تدخل في صباغة الجلود والملابس وتثبيت الألوان للزي العسكري، ومادة النيكل التي تدخل في صناعة سحاب البنطلونات وحلقة ربط الأحزمة «للخصر» والحلقة المعدنية لرباط ساعة اليد، ومادة كحول صوف لانولين Wool
alcohols Lanoline حيث تستعمل في
صناعة الجلد والفرو والبطانيات، ومادة بيتل فينول فورمالدهايد ديزين Butyl phenol formaldehyde resin حيث تدخل في صناعة الجلود
والأحذية وكذلك الخيوط الصناعية المستعملة في الملابس وصناعة القبعات والأربطة، ومادة فورمالد هايد حيث تدخل في صناعة الغزل والنسيج لتبيض النسيج وكذلك صناعة الفرو والجلود الصناعية، وأخيراً مادة تيودام ميكس Thiu
ram-mix حيث تستعمل في صناعة
الجلد الصناعي مثل الأحذية والجاكيتات والقفازات ومرايل المطبخ.
ومن جانب التشخيص الطبي فإنه يتم ذلك من خلال السيرة المرضية حيث نجد أن المصاب قام بارتداء بعض الملابس أو الأحذية أو ما شابهها قبل ظهور الأعراض الجلدية التي تدل على الحساسية الجلدية مثل الاحمرار والفقاقيع المائية الصغيرة - القشور السطحية والحكة.. إلخ، ويتأكد ذلك بواسطة فحص تحسس البقعة
Patch test الذي يقوم به الطبيب
المعالج ويكون بوضع أهم المواد المسببة للحساسية عند الإنسان على شكل لزقات على ظهر المصاب، وعند الحالة الإيجابية لواحدة أو أكثر من هذه المواد وعددها أربع وعشرون مادة وتسمى المسطرة الأساسية الأوروبية للحساسية الجلدية فإنه يكون هناك إحمرار وفقاقيع جلدية وحكة في نفس مكان و ضع المادة المسببة في الحساسية، ويكون العلاج بكريمات مرطبة وكريمات الكورتيزون لمدة قصيرة ويشفى المريض تماماً ولكن الأهم هو الوقاية حيث تنتكس الحالة عند الملامسة ثانية بنفس المواد لأن الجلد يصبح حساساً تجاهها ولهذا تتم الوقاية بعدم التعرض للمواد التي تثبت حساسية المصاب لها بفحص تحسس البقعة.
ومن الأضرار الصحية الأخرى والتي تنجم عن استخدام هذه الملابس يقول الدكتور خالد المبيريك استشاري طب الأطفال وأمراض الصدر والحساسية بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي أنه يتأثر في الغالب مريض الربو من الأشياء المتطايرة والتي يتم استنشاقها في الجهاز التنفسي أما الصبغات الثابتة فغالباً لا تظهر منها رائحة مؤذية وإنما تأثيرها يكمن في اصطباغ ألوانها الرديئة على جسم الإنسان مما يؤدي ذلك إلى ظهور الحساسية بالجلد، أما فيما يتعلق بالملابس فيتأتى تأثيرها على مريض الربو من خلال المبالغة في استخدام المنظفات والمثبتات أو الملطفات أثناء غسيل الملابس أو كيها حيث يبقى أثرها لساعات طويلة تؤثر على الجهاز التنفسي وبخاصة إذا ما وضعت في ملابس نوم الطفل فينبغي هنا عدم المبالغة في استخدام هذه المواد بكميات كبيرة وبخاصة المواد المعطرة وكذلك التأكد من استخدام كميات كبيرة لإزالتها من الملابس عند الغسيل، هذا بالإضافة إلى تأثير بعض الملابس على مرضى الربو وهي الملابس المحشوة بالقطن أو الحرير أو غير ذلك والتي عادة ما تستخدم في فصل الشتاء إضافة إلى البطانيات المحشوة لأنه من الممكن أن تكون المادة المستخدمة في الحشو أو ما تختزنه من محسسات مصدراً للحساسية التنفسية.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة تزخر بكثير من المصانع الوطنية المنتجة للملابس والبطانيات ذات المواصفات القياسية العالمية عالية الجودة، بل ان هناك كثيراً منها يقوم بالتصدير إلى الخارج ولا يستطيع المنافسة الداخلية بسبب اغراق السوق بالمنتجات الرديئة وتكاد تكون الحماية معدومة. لذلك يجب على المسؤولين ضرورة التفاعل مع هذه القضية والتي تمس الاقتصاد الوطني وصحة المواطن وهي الأغلى.
|