*لندن - واس:
أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة على عمق العلاقات التاريخية التي تربط المملكة العربية السعودية واسكتلندا.
وقدم سموه خلال محاضرة ألقاها أمس بجامعة ادنبرة تلبية لدعوة من طلاب دراسات السياسة الدولية بعنوان/ التطورات الحكومية في المملكة العربية السعودية في العصر الحديث/ قدم نبذة تاريخية عن مراحل تأسيس الدولة السعودية والدور الرائد والكبير الذي قام به الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله - في توحيد المملكة ووضع الأسس الراسخة لقيام الدولة الحديثة فيها منذ السادس والعشرين من سبتمبر من عام 1932م.
وشدد سموه على ان الإسلام وتعاليمه السمحة كان النهج الأساسي الذي ارتكز عليه الملك عبدالعزيز في توحيد عقول وقلوب أبناء شبه الجزيرة العربية المشتتين فوق مساحة تفوق المليوني كيلومتر مربع , كما تمكن من تحرير أبناء شبه الجزيرة العربية من العداءات والتناحرات القبيلة والإقليمية.
واستعرض سموه بعد ذلك وضع الاسس للنهضة الشاملة والمتكاملة في جميع مجالات الحياة من بناء شبكات الطرق وبناء المدارس والمستشفيات لتحسين المستوى الحياتي لأبناء لأبناء المملكة.
وأوضح سموه ان اكتشاف واستخراج النفط في عام 1937م يمثل نقطة الانطلاق الكبرى في تحقيق النهضة الشاملة والمتكاملة التي تشهدها المملكة اليوم.
ولفت سموه إلى ان المملكة كانت من بين قلة من الدول المستقلة في المنطقة وأن ذلك ساعد في وضع الارضية السليمة ليبدأ جلالة الملك عبدالعزيز ومنذ عام 1945 في تطوير نظام الحكم بالمملكة وتكوين مؤسسات الحكم.
وأكد سمو الأمير تركي الفيصل انه كان في مقدمة اولويات الملك عبدالعزيز بعد توحيده المملكة الاهتمام بدور المملكة الإسلامي حيث قام بتوسعة الحرمين الشريفين وتحسين وتوفير وسائل الراحة لمئات الآلاف من الحجاج الذين يقصدون المملكة كل عام لاداء مناسك الحج.. موضحا أن عدد الحجاج في عام 1955 كان يبلغ 200 الف حاج وقد وصل العدد اليوم إلى اكثر من مليونين ونصف المليون حاج.
واستعرض سموه الانجازات الضخمة التي تحققت في المملكة في كل مجالات الحياة وفي مقدمتها التعليم والعناية الصحية وشبكات المواصلات والطرق وغيرها.
وأجرى سمو الأمير تركي الفيصل مقارنة بين اوضاع المملكة عام 1953م والاوضاع الراهنة اليوم.. موضحا أن نسبة الأمية في المملكة انخفضت من 95 في المائة عام 1953م إلى 12 في المائة في الوقت الحاضر.
واستعرض سموه النهضة التعليمية التي شهدتها المملكة منذ عام 1953 م وقال ان ميزانية التربية والتعليم كانت في العام المذكور ستة ملايين ريال سعودي وقد قفزت الآن إلى حدود 30 بليون ريال.. وان عدد طلاب المدارس كان وقتئذ حوإلى 40 الف طالب ولم تكن بينهم طالبة واحدة لكن اصبح عددهم الان اكثر من ثلاثة ملايين اكثر من نصفهم من الطالبات.
وتطرق سموه إلى نهضة التعليم الجامعي في المملكة ايضا وقال انه لم يكن في المملكة اي جامعة في عام 1953 بينما هناك الان ثمانى جامعات اضافة إلى جامعتين تحت التأسيس.. وان عدد المعاهد الفنية ارتفع إلى اكثر من40 معهدا.
وتوقع سموه أن يرتفع عدد الجامعات والمعاهد العليا الخاصة إلى اكثر من عشرين مؤسسة تعليمية عليا خلال السنوات الخمس القادمة.. مبينا أن عدد المدارس قد وصل الان إلى حدود 22 الف مدرسة مقابل اربع مدارس في عام 1953م.
وتناول سموه التطورات التي تحققت في المملكة على صعيد الاهتمام بصحة المواطنين.. وقال انه في العام 1953 كان في المملكة ثلاثة مستشفيات فقط وقد ارتفع العدد اليوم إلى اكثر من 30 الف مركز صحى بها 40 الفا من الأسرة من بينها ايضا ستة مستشفيات متخصصة تضاهي في مستوياتها افضل المستشفيات في اوروبا.
كما تناول سموه تطورات البنية التحتية في قطاع المواصلات في المملكة مستعرضا بالارقام ما تم انجازه من شبكات الطرق الحديثة والمطارات والموانىء.
وأوضح سمو الأمير تركي الفيصل انه خلال عقود قليلة من الزمن قفز المجتمع السعودي إلى مراحل متقدمة من التطور والرقي.
وأكد ان المملكة تولى اهتماما كبيرا بالتماسك الاجتماعى لشعبها ومواطنيها وان اسلوبها يرتكز على تبني منهج التطور الطبيعى والتدريجى والابتعاد عن الاسلوب الثوري متفادية التجارب السلبية التي اتبعتها دول اخرى.
وأضاف سمو الأمير تركي الفيصل ان عملية الاصلاح الاجتماعى والسياسى في المملكة كانت تدريجية ولكن موثوق من نتائجها.
ولفت سموه إلى ان التطور الاجتماعى في المملكة مرتكز على التوسع التعليمى الهائل للبنين والبنات مؤكدا ان المملكة تسعى إلى الحفاظ على أصالة التراث والتقاليد القديمة ومزجها بصورة مرنة ومقبوله مع متطلبات التطور والحداثة.
وأوضح سموه انه من الناحية السياسية بدأت المملكة برنامج اصلاحات ذات ستة مرتكزات اساسية قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - في خطابه أمام مجلس الشورى في شهر مايو الماضي مشيراً إلى انه قد جرى تشكيل مجلس الشورى قبل عشر سنوات لتوسيع مشاركة المواطنين السعوديين ثم توسيع عضوية من 60 إلى 120 عضوا مع إعطائه حق المبادرة في تقديم تشريعات والمساءلة حول أداء الوزارات.
وابان سموه ان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - قد طلب في خطابه من مجلس الشورى دراسة وتنفيذ النقاط التالية /...
التأكيد ان ممارسة السعوديين للاسلام وفق المنهج الوسطى الذي خطه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي اكد ان المسلمين امة وسطا وطريقهم هو الوسطية.
توجيه الحكومة ليكون أداؤها اكثر فعالية في تسيير شؤون البلاد.
دعم قدرات النساء السعوديات للعب دور بناء في تطور المجتمع مساويا لدور الرجال.
تحسين الأداء الاقتصادي للقطاع الخاص من أجل تلبية الاحتياجات المتزايدة من الوظائف.
تحسين المستوى التعليمي لترقية المناهج من أجل تأهيل الأعداد المتنامية من الشباب وتلبية احتياجات سوق العمل.
توسيع مشاركة المواطنين في عملية الحوار السياسى وتكوين لجنتين لحقوق الانسان في المملكة احداهما حكومية لتأكيد احترام حقوق الانسان في مؤسسات ووزارات الدولة والثانية مستقلة للنظر والتحقيق في اي شكاوى من قبل المواطنين.
وأشار سموه إلى التوجه نحو إصلاح إدارات الحكم المحلي وإجراء انتخابات لاختيار ثلث أعضاء المجالس البلدية حيث سيجري تنفيذ هذه العملية خلال عام من صدور المرسوم الخاص بها معتبرا ذلك خطوة أولى ومهمة تتبعها خطوات أخرى على صعيد مجالس المناطق.
وأوضح سموه ان الحوار الوطني في المملكة يرتكز على فحص القضايا وتقديم توصيات في اي موضوع يهم المجتمع السعودي مشيرا إلى ان ممثلين من قطاعات ومناطق المجتمع السعودي بما فيهم النساء يشاركون في هذا الحوار.
ولفت سموه إلى ان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين حفظهما الله يوليان اهتماما كبيرا للتعرف على اراء ورغبات وشكاوى ورؤى المواطنين وذلك من خلال لقاءات اسبوعية يعقدانها مع مختلف قطاعات المواطنين مشيرا إلى أن أمراء المناطق يعقدون لقاءات مماثلة من مناطقهم.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة وايرلندا قد قام امس بزيارة لمسجد خادم الحرمين الشريفين والمركز الإسلامى في ادنبرة في اقليم اسكوتلندا.
وكان في استقبال سموه عند وصوله الشيخ حمد المطرودي مدير المركز الإسلامي وعدد من مسؤولي المركز وقادة الجالية المسلمة في المدينة.
ثم شرف الأمير تركي الفيصل حفل الاستقبال الذي اقيم لسموه بقاعة المركز حيث القى الشيخ محمد ياسين احد المسؤولين بالمركز كلمة رحب فيها بسموه وبزيارته للمدينة.. مؤكدا أهمية مثل هذه الزيارة في دعم المركز وجهوده لخدمة أبناء الجالية المسلمة.
ثم القت عمدة مدينة ادنبرة وممثلة ملكة بريطانيا ليزلى هانيس كلمة أوضحت فيها أن المركز يخدم التوجه والتواصل الثقافي في المدينة كما يخدم المهتمين بدراسات الدين الإسلامي.. مبينة ان العديد من طلاب وطالبات حوالي الف مدرسة في اسكتلندا قد زاروا هذا المركز.
وعبرت عن ارتياحها للدعم الذي تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في دعم المركز خاصة وانها تكفلت بانشائه منذ سنوات.
بعد ذلك القى سمو الأمير تركي الفيصل كلمة عبر فيها عن سعادته بزيارة مسجد خادم الحرمين الشريفين والمركز الإسلامي في ادنبرة والذي له جهود كبيرة في خدمة الجالية الإسلامية في المدينة.
وقال سمو الأمير تركي الفيصل انني سعيد جدا لما سمعت عن الانسجام الكبير في العلاقات بين أبناء الديانات السماوية في مجتمع مدينة ادنبرة.
وأوضح سموه ان هذا التناغم الثقافي بين مختلف معتنقي الديانات يمثل اهمية في ابعاد الانقسام بينهم وللعمل مع بعض في مجتمع انسانى يمثل مختلف التوجهات.
واستشهد سموه في هذا السياق بالاية الكريمة (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله أتقاكم).
بعد ذلك دعا الحضور الى حفل الغداء الذي اقامه المركز تكريما لسموه.
وبعد جولة في المسجد والمركز عقد سموه جلسة قصيرة مع مدير المركز الشيخ حمد المطرودي واعضائه قدم فيها بعض التوجيهات للمسؤولين فيه.
|