يثرثرن عن الموضة في الحج!!
تعليقاً على ما نشر في (الجزيرة) من أخبار عن الحج والاستعدادات التي تقوم بها المملكة لاستقبال ضيوف الرحمن.. أقول إنه في السنوات الأخيرة سهل الحج عن ذي قبل لكننا مازلنا نرى من يؤخر حجه، أو يتذمر ويشتكي من تعب الحج والحملة التي حج معها، ويتمنى ألا يتعب أبدا، يريد كل شيء جاهزا ومريحا، صحيح أن بعض الحملات مقصرة ولكن ليس الكل، لا بد أن يكون هناك تعب ولو بسيط حتى تشعر بقيمة هذه العبادة، إنه جيل نشأ على حب الراحة والكسل، انظر كيف كان يحج أباؤنا وأجدادنا، إنهم يقصون علينا قصص حجهم وكأنهم مازالوا يعيشونها، يقصونها علينا بشيء من النشوة والبطولة وليس التذمر والتشكي ويعيدونها أكثر من مرة ونحن لا نملّ من سماعهم، ولقد كانت أشبه بالمغامرة الصعبة التي خاضوها بقوة واقتدار، هم الذين يقودون الرحلة بأنفسهم ويوفرون المسكن والطعام والشراب بأنفسهم ويحمون النساء، كانوا يقودون السيارات بأنفسهم والتي تحتاج إلى ملاحظة مستمرة من تعبئة بنزين وإصلاح كفرات وغيرها ومن قبلهم أجدادنا الذين كانوا يسافرون بالجمال، حيث لا يمكن أن أصور حجم المشقة التي يبذلونها، أما جيلنا هذا للأسف يريد كل شيء بسهولة لا ينقصه إلا أن يقول: لماذا لا تؤدي الحملة المناسك عنا ونرتاح أكثر؟! الحملات أصبحت تتنافس في تقديم الخدمات، بعضهم يعلن عن خدماته فيقول: بوفيه مفتوح ومرطبات على مدار اليوم، ما هذا؟ أهو وليمة عرس أم إعلان عن رحلة سياحية كان المفترض أن يقولوا توفير متطلبات المعيشة من مأكل ومشرب وغيرها فقط احترام لهذه الفريضة العظيمة، ولكنهم يريدون اجتذاب البعض الذين همّهم ملء البطون حتى في أداء العبادات، على الحاج أن يسخر وقته كله للعبادة لأنها رحلة العمر التي قد لا تتحقق مرة أخرى، فالآن صار للحاج وقتا فارغا أكبر، حيث تكفيه الحملة المتطلبات فيحلو للبعض قضاء ما تبقى من وقته في المسامرات في شؤون الدنيا مما يقلل من تعلقه بخالقه في هذا الجو الخاشع، عليه أن يستغل هذا الوقت في الذكر والخشوع، فهي أيام معدودة وتنقضى قد لا تتكرر فعليه التدبر والتفكر حتى تمتلئ نفسه إيمانا وتقى، عند بعض النساء في بعض الحملات في المسكن تحس أنك أمام وليمة أو تجمع أسري، تجتمع الفتيات في جهة والمتزوجات في جهة وهات يا سواليف قد تكون في الموضة والأزياء وفلانة وعلانة.. وقد يفضي ذلك إلى الغيبة والنميمة والسخرية بدون قصد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) والمبرور هو الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية ويقول عليه الصلاة والسلام (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، فعلى الحاج أن يحرص على حجه تماما بحيث لا تشوبه شائبة لكي تغفر كل ذنوبه يتفكر في هذا الأجر العظيم، حيث يمحى كل ذنب عمله في حياته وكأنه لم يعمل أي ذنب في حياته كيوم ولدته أمه تماما، يستحق هذا الأجر أقصى جهد في الذكر والتعبد والنشاط لذلك، فعلينا ألا نتكاسل ونشتكى ونتسامر، لكي تصبح رحلتنا معبرة مؤثرة نقصها على أبنائنا مستقبلاً بنشوة وسعادة كما فعل أباؤنا وأجدادنا معنا.
سارة العبدالله
***
|