Friday 6th February,200411453العددالجمعة 15 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوازع نوازع
عالمنا الإسلامي
د.محمد بن عبدالرحمن البشر

هذه الجموع الكريمة من ضيوف الرحمن التي وفدت لحج بيت الله الحرام، تمثل عينة عشوائية من الدول الإسلامية أو أقلية مسلمة في دول غير إسلامية، وفي كلتا الشريحتين يمكن للمرء أن يلاحظ السلوك وأساليب الانضباط التي قد ارتوى بها البعض من جراء القوانين والأنظمة السائدة في بلدانهم.
كما أن كلتا الشريحتين تحتويان على نماذج من المثقفين الذين حملوا في عقولهم هموم بلدانهم ، هذه الهموم التي لم تترك منحى من مناحي الحياة إلا وقد استقرت فيه زمناً غير قصير، فالكثير من البلاد الإسلامية مازال يعاني من مشاكل اقتصادية جمة مع توفر الموارد الطبيعية الكثيرة التي لم يحسن استغلالها، لسوء في التخطيط أو أخطاء في التنفيذ، ومن اليقين أن الكثير من متخذي القرار ومنفذيه يعرف المشكلة ويدرك حلولها، غير أنه لا يعمل على تنفيذ الحل الأمثل أو المثالي مع وجود الرغبة في ذلك، وهل يا تُرى من سبب يحول دون تحقيق هذه الرغبة النبيلة؟ أعتقد أن الجهد المطلوب لتنفيذ الرغبة لا يخرج إلى الوجود بسبب الكسل السائد لدى البعض، أو غياب مبدأ العقاب في الوقت المناسب والثواب للمستحق، وهذا لن يتأتى دون الرغبة لدى متخذي القرار على تنفيذه والقدرة على استمراره، وردع النفس عن التمادي في رغباتها.
مازالت الدول الإسلامية في هذه الفترة الحساسة من تاريخها ترضخ تحت معاول هدم وبناء من بعض الدول التي تطالب بشيء من التغيير الشامل، الذي لن يقتصر على منحى بذاته، وأصبح من العسير على بعض الأفراد من شعوب هذه الدول التمييز بين ما هو مفيد من هذا المطلب وما هو غير مفيد، وما هو الذي قد يصب في صالح الفرد أو القيادة أو ذلك الذي يخدم مصلحة الدول المطالبة بهذا التغيير أو ذلك، أو قبول التقاطع في المصالح، إذا ما كان التغيير يصب في خدمة الطرفين، والفرد في حيرته تلك، قد يصل به الأمر إلى الرفض التام دون تروٍ أو القبول التام دون تمييز، وهو في كلتا الحالتين قد جانب الصواب.
إن العالم الإسلامي يحتاج إلى بناء الذات ومنها يمكن أن ينطلق نحو التغيير المطلوب القادر على مواجهة ما يحدق به من أخطار وما يعيشه من أخطاء.
لا يمكن للدول الإسلامية أن تنهض دون الانخراط في الصناعات بأنواعها، والاستفادة من عامل الزمن في اللحاق بركب التقنية قبل أن تقفل الأبواب، وهذا يتطلب تغييراً شاملاً في الأساليب الإدارية والمتبعة في بعض البلاد الإسلامية، واستبدالها بأساليب علمية عملية قابلة للتطبيق ومن ثم تطبيقها وتنفيذها بشكل دقيق حتى يمكن الوصول إلى المطلوب قبل فوات الأوان.
الإنتاج يحتاج إلى إدارة، والإدارة تحتاج إلى إرادة، والإرادة تحتاج إلى عمل، والعمل يحتاج إلى الرغبة، والرغبة في العمل تستوجب التخلي عن الأهواء فإذا تم ذلك أمكن الوصول إلى الهدف بالسرعة المطلوبة، وإلا فإن الفوارق سوف تزداد، والبون الشاسع سيزيد اتساعه ومن ثم سوف تقبع الدول الإسلامية في مؤخرة العالم أجمع.
إن العالم المتقدم ليس مستعداً أبداً في مساعدة تلك الدول غير القادرة على مساعدة نفسها، بل قد يضع العراقيل أمام تلك الدول الراغبة في اللحاق بها غير أن السعي الجاد والحثيث قد يعمل على تجاوز تلك العراقيل والقفز فوق تلك الحواجز، ولهذا فإن الأمر يتطلب الصبر والمصابرة والمثابرة، والبعد عن الكسل والهوى، وفي عالمنا الإسلامي الكثير من الخير، والكثير من الأفراد الجادين والقادرين على دفع عجلة التقدم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في بلدانهم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved