إن الألفة والائتلاف في الشخصية المسلمة مع أسرته وأهله وعشيرته هي تجاذب يشد العلاقات والتفاعلات الاجتماعية بعضها إلى بعض, وهي تؤدي إلى القوة في الترابط, والصحة في التوافق والمتعة في التضامّ, وهي التي تشد بناء الأسر المسلمة.
مصطلح الألفة والمودة مصطلح عظيم خاصة إذا كان يربط أسرة واحدة تنتمي إلى جد واحد, هذا المصطلح بشتى مترادفاته اللغوية كان إلى سنوات قريبة هو السائد عند الكثير من أسر هذه البلاد المباركة يتمثَّل ذلك في السكن والمبيت عند أحد الأقارب إذا كان في بلد لا تسكنه, أو تبادل الزيارات والعلاقات بين الأقارب بشكل منتظم ومتقارب, أو تفريج كربة أحدهم عندما تحل به مشكلة, أو غيرها من مظاهر الألفة النابعة من قلب صادق.
أما في هذه السنوات المتأخرة فإن هذه الظاهرة الرائعة بدأت تخبو شيئاً فشيئاً, ذلك لدخول مظاهر الترف عند الناس, والمبالغة في تجميل البيوت - فإن هذا السبب مدعاة لعدم استقبال الأقارب خوفاً من التأثير على أثاث المنزل - زد على ذلك ضعف القوامة لدى كثير من الرجال, فلو لم تسمح الزوجة باستقبال الأقارب لوجدت الزوج يطأطئ رأسه أو يلفت وجهه حينما يرى أحد أقاربه في مكان ما خوفاً من أن يضطر لدعوته إلى منزله، وهذا الفعل فعل قبيح في عادات العرب, وقبله في شريعتنا الإسلامية التي أمرت بالتكافل والمحبة والكرم والوئام مع أباعد الناس فضلاً عن أقاربهم.
أمنية:
ليت هذا المجتمع النبيل الذي يحمل ديناً عظيماً يحث على المحبة وتقارب القلوب قبل تقارب الأبدان, ليتهم يعودون بنظرة ثاقبة متأملة للألفة الحقيقية والتكافل الأسري الذي كان يضخ الحب بين أفراد الأسر, ذلك لأن الألفة الأسرية توفِّر جواً اجتماعياً سليماً صحيحاً لنمو شخصية اجتماعية واثقة، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الألفة لأنها كما يقول الإمام الماوردي -رحمه الله -: (تجمع الشمل وتمنع الذل).
إشارة:
الناس داءٌ وداء الناس قربهم
وفي اعتزالهم قطع المودات |
( * ) عضو الدعوة والإرشاد بالرياض |