كثر الكلام خلال الأيام القلائل الماضية عن الحكم الأجنبي.. بين مدى الرغبة في الاستعانة بخدماته في ملاعبنا، وبين عدم الحاجة إلى ذلك.
وكان من آخر ما دار في هذا الجانب فقرة من أحد البرامج الشيقة التي تبثها قناتنا الرياضية، والتي تم تخصيصها عن ذات الموضوع (الحكم الأجنبي) وكانت معظم الآراء التي تمت الاستعانة بها بغية الوقوف على معدلات القناعة باحضاره من عدمه صحافية ..وبدون الحاجة إلى إجراء أية احصائيات للأصوات يتبين تلقائياً ان الغالبية العظمى تنزع إلى الرغبة في الاستعانة به دون تردد؟!
أكثر ما يلفت الانتباه هو عدم طرح عدد من الأسئلة المفترض طرحها ونقاشها ولو باقتضاب، سواء من خلال البرنامج التلفزيوني.. أو في ثنايا ما تم طرحه من مطالبات عبر الصحافة الرياضية لعدد من الإداريين والزملاء الإعلاميين؟!
من تلك الأسئلة المفترضة مثلاً: هل الحكم الأجنبي منزه عن الوقوع في الأخطاء إلى الحد الذي يجعلنا نندفع إلى المطالبة بحضوره بهذا الشكل.. مع ان المشاهدات للأحداث المتلاحقة تتطلب منا إعادة النظر والتفكير في مسألة الاستعانة بالحكم الأجنبي كحل لمعضلة قائمة نحن الذين فاقمناها عن طيب خاطر؟!
بمعنى ان المنطق والمشاهدات الماثلة تؤكد على ان ما يجري في ملاعبنا من أخطاء تحكيمية يجري بنفس المعايير والمستويات وأكثر في أي مكان من العالم.
وأعني هنا الأخطاء الناتجة عن سوء تقدير الحكام ولا أعني تلك التي تحدث نتيجة ارتفاع وتيرة الضغوط التي يبدو ان عينة من الحكام تستغلها لتمرير بعض القرارات المؤثرة.. أو التغاضي عن بعض الأحداث التي تستلزم اتخاذ اجراءات قانونية حيالها؟!.
السؤال السابق يدفعنا بالضرورة إلى تساؤلات أخرى تقول من يتحمل تبعات الأخطاء التي ستصدر عن الأجنبي عند حدوثها والتي لامناص منها.. فهل سنتقبلها فقط لأنها ماركة أجنبية على غرار البضائع المستوردة.. أم إننا سنبتلعها إما من قبيل المكابرة، أو نكاية بالوطني على طريقة (زامر الحي)؟!
ولنفترض انه لم يعجبنا شكل هذا الحكم أو ذاك أو لم نستخف ظله كما حدث مع الراحل بلقولة (رحمه الله) وغيره من الحكام العرب والأجانب في أكثر من مناسبة.. وبالتالي أردنا أن نفضفض، أو ننفض عنا غبار أي اخفاق أو هزيمة على طريقتنا المعتادة التي لاينافسنا عليها أحد في العالم.. أو أردنا مثلاً ان نستعرض بعض ثقافتنا الكروية والخطابية من خلال اعطاء الآخر فكرة وافية عن مدى ما نتمتع به - كإداريين- من دراية لاتضاهى في فنون (الكورة)، ناهيك عن الفهم العميق في القوانين وما أدراك ما القوانين؟!
فهل سيسمح لنا الاتحاد الدولي.. أو الاتحادات التي ينتمي لها هؤلاء الحكام، أو الحكام أنفسهم بأن نطلق عليهم بعضاً من تلك الأوصاف والنعوت التي اعتدنا اطلاقها بحق الحكم المواطن من عينة (عصابة ،وشارة أبو ريالين، والضرير، والأصور والأعور والطويل والقصير ) إلخ.. من الابداعات في هذا المجال!!!
الخلاصة: إذا كانت الاستعانة بالحكم الأجنبي ستنهي مسلسل المعاناة من بعض الأخطاء والتجاوزات التحكيمية ومعاناة الحكام من الإهانات.. وستفضي إلى اغلاق ملف الردح والشتائم والطعن في الذمم أياً كانت الأسباب فأهلاً وسهلاً ومرحباً بهذه الخطوة وكلنا يجب ان نلح في طلب اتخاذها عاجلاً وليس آجلاً.
أما إذا كانت لن تغير من الأمر شيئاً.. وان المشكلة بشقيها الفعلي والتبريري ستبقى قائمة على رأي مقولة (كأننا يابدر لارحنا ولاجينا).. فمن الأجدى والأكرم لنا البقاء والإبقاء على وضعنا الراهن الذي هو أفضل ألف مرة من كثير من الأوضاع التي نشاهدها على أكثر من مستوى محلياً ودولياً.
وأعتقد ان ماتم نشره من غسيل خلال المواسم القليلة الماضية وحتى الآن يجعلنا أكثر حرصاً على عدم فتح مجالات أوسع لنشر المزيد من الغسيل على حساب الجوانب الفنية وتلمس حاجيات الكرة الوطنية بشكل عام.
|