ظهر يوم الأربعاء كان الوطن على موعد مع العقوق ومع الجريمة، أبناؤه غير البررة انتهكوا حرمته أراقوا الدماء على أرصفة الموت المجاني، لعقت منها الشياطين التي كانت تنتظر مثل هذه الفجيعة، ورقصت وحق لها أن ترقص طرباً وتدق طبول النصر فماذا يمكن أن ينتظر من الشياطين! نزف الجرح بغزارة لكن دموع المواطنين كانت أكثر وفجيعتهم كانت أكبر، من فعل ذلك؟ ولماذا؟ المتسائلون لم يجدوا تفسيراً لما حدث.. كل الأسئلة ترجع بلا جواب شافٍ؟ لماذا؟ كان السؤال الأكثر تردداً على الألسن وكان صداه يتردد في مبنى المرور المنكوب لم يبرح المكان ما زال ينتظر إجابة؟ ويبقى السؤال لماذا هو الأكثر حضوراً فوق جدران المبنى! في ساحتنا دماء تقاطرت أشلاء محترقة تناثرت.. لم يكن حادث سير كما تعودنا كأقسى ما يمكن أن يحدث في هذا البلد الآمن كان المشهد مروِّعاً الأمر بدا مدبراً بليل والضحايا تم اختيارهم والمكان تم تحديده. ولم يكن مهماً النوعية المهم كان الكم يؤكد ذلك أمران التوقيت وكمية المتفجرات! وتوقيت الانفجار كان يعني أن المطلوب عدد من موظفي المبنى والمراجعين والمارين بالمكان! في هذا التوقيت يمكن استهداف أكبر عدد والحصول على أكبر كمية من الدم المراق! الفاعل بالتأكيد ليس شارون ذلك الذي تعودنا منه أن ينهش أجساد إخواننا في فلسطين بصواريخ الأباتشي ولا صدام فصدام لن يكرر ما فعل في الرياض عندما فعل نفس المشهد بصواريخه الغادرة لأنه الآن خارج دائرة (الفاعلين)، الفاعل لهذه الجريمة من أبناء الوطن الذين عاشوا فوق أرضه وتحت سمائه وأعطاهم من خيراته وتعلَّموا في مدارسه لكنهم قلبوا ظهر المجن لكل ما تعلموا في المدرسة أو الجامعة.. بالتأكيد أن من قال لهم فجروا في الرياض لم يكن معلماً ولم تكن آيات القرآن الذي فيه هدى للناس والذي حفظوه وسمعوه من آبائهم ومعلميهم. لم نكن نتوقَّع من أبناء الوطن أن يصل بهم الأمر إلى عقوقه وطعنه في أعز ما يملك وهو الأمن! هذا ما تقوله الحقائق وهذا ما تصرخ بها دماء شهداء وجرحى يوم الأربعاء.. تجرؤوا على حرمات الله شيئاً فشيئاً حتى وصل الأمر بهم إلى أن يفعلوا هذه الجريمة بأهلهم وإخوانهم تحت ستار التبريرات الضالة.. خمسة شهداء وعشرات المصابين ممن وجدوا في المكان وطفلة كانت تلهو في بيتها توفيت (بأي ذنب قتلت) بماذا سيبرر القاتل جريمته يوم القيامة! بأي وجه سيقف والله سبحانه وتعالى خصمه!! وآخرون كانوا يؤدون واجبهم تجاه الأمن والمواطنين لحفظ أرواح الناس وتسيير المرور لكن يد الجريمة اغتالتهم.. صلاتهم جماعة وقت الظهر، ألا تبرهن أن دمهم حرام كما حذَّر رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)، العملية تمت بعد أن خرجوا من صلاة الظهر بساعة ونصف يبدو أن هذا كان التوقيت.. وهذه شفرتها اقتلوهم بعد أن ينتهوا من صلاة الظهر بساعة ونصف ليس قلب وليس بعد!
|