عنوان المقالة السابعة من كتاب الأستاذ السماك (القرار السياسي الأمريكي والنبوءات التوارتية). والحديث فيها مركز على إيضاح تأثر السياسيين الأمريكيين بالعقيدة الصهيونية المسيحية. وقد بدأه المؤلف بإيراد ما قاله الرئيس ليندون جونسون عام 1968م أمام منظمة يهودية: (إن لأكثركم -إن لم يكن لجميعكم- روابط عميقة مع أرض وشعب إسرائيل كما هو الأمر بالنسبة إليَّ؛ ذلك لأن إيماني المسيحي انطلق من إيمانكم. إن القصص التوراتية محبوكة مع ذكريات طفولتي).
أما الرئيس كارتر، فقد اعترف بأن مشاعره المؤيدة للصهيونية كانت الحافز الذي صاغ سياسته في الشرق الأوسط (نقلاً عن كتاب (دم إبراهيم) المطبوع في لندن عام 1985م). وقد وصف دولة إسرائيل بأنها العودة إلى أرض التوراة، وأن إقامتها تحقيق لنبوءة توراتية.
وأما الرئيس ريجان، فكان من أكثر الرؤساء إيماناً والتزاماً بعقيدة الصهيونية المسيحية، وكانت فترة رئاسته فترة ذهبية لتلك العقيدة في أمريكا، وكان عدد من المحيطين به من غلاتها، بل إنه كان يأخذ عند اتخاذ قراراته آراء عدد من قساوستها؛ مثل فولويل وروبرتسون. وكان ذلك كله مما جعله يندفع اندفاعاً شديداً في دعم الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.
وتتناول المقالة الثامنة -وعنوانها (موقع القدس وفلسطين)- موقف بعض الساسة الأمريكيين منهما. وقد بدأها المؤلف بذكر ما حدث في المؤتمر السنوي عام 2003م، الذي ينظمه التحالف المسيحي؛ إذ جعل عنوان ذلك المؤتمر (إسرائيل والعرب). وكانت القضية الأولى فيه توطين الفلسطينيين خارج فلسطين (الترانسفير)، جاعلاً شعاره: (إن الله أعطى بني إسرائيل حق وراثة أرض كنعان). وتمحورت الخطب حول تحقيق الإرادة الإلهية -بزعمهم- بإقامة إسرائيل من النهر إلى البحر على أن تكون دولة يهودية صافية لا يبقى فيها (قش في العيون وأشواك في الخواصر)، وأن الله أعلن القدس عاصمة لإسرائيل، وأن ما يريده الله لا يغيره البشر. (هكذا)
وقد هتف زعيم الأكثرية في الكونجرس دي لاي أمام المؤتمرين داعياً إلى دعم مؤيدي إسرائيل الذين يقفون بشجاعة إلى جانب السيد المسيح. ولم يكن غريباً -لذلك- أن اتخذ الكونجرس بمجلسيه قراراً عام 1995م باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ويطالب بنقل مقر السفارة الأمريكية إليها. ولقد جُدِّد هذا القرار عام 2002م ووقَّع عليه الرئيس الحالي بوش.
ولإيضاح ارتباط الدين بالعمل السياسي والعسكري أشار المؤلف إلى أن هذا الرئيس قال: (إن الحرب على العراق مهمة إلهية، وإن القس روبرتسون كان في دبَّابة دايان عندما احتل القدس عام 1967م، والقس فولويل كان في دبَّابة شارون عندما احتل بيروت سنة 1982م). وأضاف الأستاذ السماك أن الحركة الصهيونية المسيحية -بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر- أصبح لها دور فعال في بلورة القرار السياسي الأمريكي.
وعنوان المقالة التاسعة من الكتاب: (مؤسسات الحركة الصهيونية المسيحية). وقد أشار المؤلف إلى أن هناك مؤسسات كثيرة لهذه الحركة، ومن أبرزها -إن لم تكن أبرزها- اللجنة المسيحية الإسرائيلية للعلاقات العامة، التي يرمز لها بكلمة (سيباك)، على شاكلة (إيباك)، التي تضم الجمعيات اليهودية الأمريكية التي تعمل من أجل إسرائيل. ويضم مجلس أمناء (سيباك) رئيس (الإيباك) ورئيس منظمة (أمريكيون من أجل سلامة إسرائيل). وأول عمل قامت به الضغط على بوش الأب لمنح إسرائيل ضمانات قروض بعشرة مليارات دولار لتمويل مشروعات توطين اليهود الروس في مستوطنات في الضفة الغربية وغيرها من المناطق الفلسطينية المحتلة. ومن أعمالها أيضاً الضغط على كلينتون حتى أصدر عفواً خاصاً عن المهرب مارك ريتش البليونير اليهودي الذي كان على لائحة أخطر المطلوبين للعدالة، وكان من أكبر ممولي الموساد. وعندما أصدر كلينتون ذلك العفو قال: (إنه فعل ذلك من أجل إسرائيل).
ثم أشار المؤلف إلى خمسة أنواع من المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي تقدمها أمريكا إلى إسرائيل، معلنة أو غير معلنة، أو القروض الائتمانية، مشيراً إلى أن تلك المساعدات تكوِّن ثلث الموازنة السنوية للمساعدات الخارجية الأمريكية للعالم كله.
وعنوان المقالة العاشرة: (علاقة الرئيس بوش بالصهيونية المسيحية). ويقول المؤلف: إنه لم يمضِ عام على تولِّي هذا الرئيس مقاليد الأمور حتى لاحت ثلاثة عوامل: الأول إيمانه والتزامه بعقيدة حركة الصهيونية المسيحية، والثاني: نجاح المؤسسات التابعة لهذه الحركة في تعزيز حضورها السياسي والإعلامي والديني بحيث أصبحت مؤثرة جداً، والثالث: وقوع مأساة الحادي عشر من سبتمبر التي ألهبت المشاعر ضد العرب والمسلمين. وأدَّى توافر هذه العوامل إلى انطلاق قساوسة الحركة بالذات لمهاجمة الإسلام والمسلمين، فقال القس جراهام: (إن الإسلام دين شيطاني شرير)، وقال القس فولويل: (إنه دين مزور)، وقال القس فاين: (إن محمداً - صلى الله عليه وسلم- هو الشيطان نفسه).ولقد أصبح القس جيرسون هو كاتب خطابات الرئيس بوش وتصريحاته، وأصبح ذلك الرئيس يصنف مجتمعات العالم إلى خيرة وشريرة، وذلك حسب موقفها من سياسته. ومن نتائج ذلك أن صارت السياسة الأمريكية في المنطقة العربية هي الوجه الآخر للسياسة الإسرائيلية كما يتضح في الأمور الآتية:
- الموقف من الأمم المتحدة ومجلس الأمن وقراراته.
- الموقف من مبدأ اللجوء إلى الحرب، وتوظيف التفوق العسكري لفرض الأمر الواقع على الطرف الآخر.
- الموقف من رفض المساعي الدبلوماسية.
- الموقف من الرأي العام العالمي استخفافاً وتجاهلاً.
ثم أشار المؤلف إلى عدد من أبرز الشخصيات المؤثرة في الإدارة الأمريكية، ومنها دوجلاس فيث نائب وزير الدفاع والعضو البارز في المنظمة الصهيونية الأمريكية، وريتشارد بيرل مستشار بوش لشؤون الشرق الأوسط وممثل شركة سولتام الإسرائيلية للأسلحة، وبول وولفويتز نائب وزير الدفاع ومنظِّر الحرب على العراق، وريتشارد هاس عضو مجلس الأمن القومي ومستشار نتنياهو سابقاً ومن أكثر المتشددين في الدفاع عن نظرية الحرب على العراق وإعادة رسم خريطة المنطقة.وقال المؤلف: تنضوي تحت لواء الحركة الدينية السياسية التي يقودها هؤلاء شخصيات سياسية ذات نفوذ واسع؛ مثل توم دي لاي زعيم الأكثرية في الكونجرس الذي وصف إسرائيل بأنها الينبوع الوحيد للحرية في الشرق الأوسط، ودعا إلى تأييدها في تهويد الضفة الغربية، وخاصة القدس.واستطرد المؤلف في حديثه عن بوش ليختمه بقوله: إن إدارته جمعت بشكل مميز بين الأصوليين الإنجيليين المتصهينيين وغلاة المحافظين السياسيين المرتبطين بإسرائيل وبالحركة الصهيونية العالمية.
|