* فلسطين المحتلة - بلال أبو دقة:
هكذا بدا المشهد التراجيدي في قاعة المحكمة الإسرائيلية، أسير فلسطيني، معصوب اليد من الرسغ حتى الكوع بقطعة قميص ممزق عفنة، يقف محاطاً بعدة جنود إسرائيليين، ينتظر المحاكمة..
الأسير أحمد دراغمة، وقف مترنحاً في آلامه، يده مهشمه، ويبدو العظم خارجاً من بين قطع خشبية وخرقٍ بالية، إذ عمد الأسير إلى علاج نفسه بنفسه أثناء وجوده في العزل الانفرادي مدة ثلاثة شهور.
منذ شباط - فبراير الماضي، لم ير الأسير الفلسطيني دراغمة البشر، ومنذ ذلك الحين لم تحرك السلطات الإسرائيلية ساكناً، رغم كل الطلبات المتكررة من جمعيات حقوق الإنسان والهيئات الدولية التي طالبت بعلاج الأسير دراغمة، الذي كان مكسور اليدين منذ شباط الماضي.
وبحسب تقارير، جهات حقوقية وإنسانية تتابع قضية دراغمة، تلقت الجزيرة نسخا منها: ان الكسور التي يعاني منها الأسير دراغمة تشكل الآن خطراً على حياته، بعد أن خرج العظم من اللحم، وتعرضت اليد لالتهابات وتلونات ظاهرة بالعين المجردة.
شقيق الأسير، الذي كان موجوداً في قاعة المحكمة، قال: إن أخاه أحمد اقتيد مكبل اليدين والرجلين في أولى جلسات محاكمته.
وأضاف: إنه مشهد لن ينساه طيلة حياته، لقد جاءوا به مقيداً بالحديد، كان بالإمكان رؤية يديه مزرقة منتفخة من مسافة عشرين متراً، عندما جاءوا به إلى قاعة المحكمة كان كشخص خارج من القبر للتو..!!
وتنتظر عائلة هذا الأسير دراغمة، التي تسكن مدينة طوباس في الضفة الغربية أن يحصل تقدم ما، بعد عشرات الاتصالات والمناشدات التي أجرتها، مطالبةً العالم الحر ووسائل الإعلام وجمعيات حقوق الإنسان التعاطي مع قضية ابنها، وتؤكد عائلة دراغمة، أنها لم تترك باباً إلا وطرقته، وتقول العائلة: إن كل يوم يمضي على ابنها يقربه من الموت أكثر وأكثر، وإنه بحاجة لرحمة إلهية كي تخلصه من الألم الذي يصيبه.
وأوضح مدير نادي الأسير الفلسطيني أن محاميه حاول أن يثير قضية علاج الأسير دراغمة في داخل قاعة المحكمة أمام القاضي منذ أربعين يوماً، وأنه رفض التعاطي مع نقاشات المحكمة قبل علاج يد الأسير المهددة بالبتر.
وأضاف، حالة دراغمة في غاية الصعوبة، خاصة بعدما دخلت الألوان غير الطبيعية إلى أجزاء جسمه الأخرى.
ولم يتسنَ لأحد من أقارب الأسير، أومن الأطباء الإسرائيليين الذين طلبوا زيارته رؤيته، إذ رفضت مصلحة السجون الإسرائيلية كل الطلبات المقدمة بهذا الخصوص.
وحسب تقرير المحامي جلال أبو واصل من الناصرة، فإن دراغمة تم كسر يده على يد الجنود، وأنه منذ اليوم الأول الذي تم فيه كسر اليد لم يخضع للعلاج.
وأكد نادي الأسير الفلسطيني: ان حكومة الاحتلال انتهكت معاهدة جنيف والقانون الدولي وكافة المواثيق والمعاهدات في تعاملها مع قضية الأسير دراغمة.
يشار إلى أن عدد الأسرى المرضى داخل سجون الاحتلال يزيد على (1000 أسير ومعتقل)، يعانون من أمراض مختلفة ومن الإصابة بالرصاص أثناء اعتقالهم..!!
من هؤلاء الأسرى المرضى (123 أسيراً) اعتقلوا قبل اندلاع انتفاضة الأقصى، هم مازالوا داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية، منهم (19 أسيراً) يعانون من أمراض القلب وضغط الدم، بالإضافة إلى (19 أسيراً) يعانون من أمراض باطنية مختلفة، و(15 أسيراً) يعانون من أمراض عصبية، إضافة إلى آخرين يعانون من أمراض متعددة.. وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب الذي يصادف يوم السبت الموافق 26 - 6 - 2004، أكدت لجنه الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، في بيان تلقت الجزيرة نسخة منه: أن حكومة اسرائيل ما زالت تستخدم التعذيب الجسدي والنفسي لانتزاع الاعترافات من الأسرى، وتستخدم ما يقارب مائة نوع من أنواع التعذيب والتنكيل..
وأشارت لجنة الأسرى إلى أن هناك كثيراً من الحالات التي يجبر فيها الأسرى على الإدلاء باعترافــات كاذبـــة على نشاطات لم يقومـــوا بها، نظرا لقساوة التعذيب والذي أدى إلى استشـــهاد العديد من المعتقلين..
|