* الرياض - حازم الشرقاوي:
نفى معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بن عبدالرحمن بالغنيم في حديثه ل(الجزيرة) أن معوقات واجهت توقيع الاتفاقية الثنائية بين المملكة وأمريكا بسبب الدعم الزراعي في المملكة، وذكر أن الدعم الزراعي السعري سيتم تخفيضه على مدى 10 سنوات، وأوضح معاليه أن القطاع الزراعي يعاني من مشكلات مثل أي قطاع اقتصادي آخر مشيراً إلى أن المشكلات والتحديات في هذا القطاع تختلف عن غيرها، وأضاف أن السبب الرئيس من وراء حل مشكلة التسويق الزراعي يعود إلى عدم جدواها الاقتصادية، وتناول الدكتور بالغنيم عددا من القضايا والمشكلات الخاصة بالقطاع الزراعي في هذا الحوار:
******
* معالي الوزير الحقيبة الزراعية في المملكة التي تتولون مهامها تضم العديد من القطاعات، وكل قطاع يعاني من مشكلات.. فما هي أبرز التحديات التي تواجهكم في القطاع الزراعي؟ وما هي خططكم للحد من هذه المشكلات؟
- أود التوضيح أن القطاع الزراعي شأنه شأن القطاعات الاقتصادية الأخرى يتعرض من فترة لأخرى لبعض المشكلات، إضافة إلى ذلك فإن هذا القطاع يختلف عن غيره من تلك القطاعات ببعض السمات التي من أهمها موسمية الإنتاج، وسرعة تلف المنتجات، والتعرض للآفات النباتية والحيوانية، وتأثير الظروف البيئية، وهذه السمات منفردة أو مجتمعة بدورها تضاعف هذه المشكلات التي تتعرض لها المنتجات النباتية والحيوانية في مراحل الإنتاج المختلفة، أي مرحلة ما قبل الإنتاج، ومرحلة الإنتاج، ومرحلة ما بعد الإنتاج وهي التسويق، والتصنيع الغذائي.
والوزارة بدورها تسعى إلى تبني عدد من السياسات الزراعية التي تساعد في التخفيف من أثر هذه المشكلات، وكذلك تتبنى برامج مكافحة الآفات الزراعية ومن أهمها برنامج مكافحة حشرة سوسة النخيل الحمراء، وبهذه المناسبة أود الإشادة بدعم ولاة الأمر- حفظهم الله- بهذا البرنامج، وكان أصدق الشواهد على هذا الدعم توجيه سمو ولي العهد - حفظه الله - لمعالي وزير المالية بمضاعفة المبالغ المعتمدة لبرنامج المكافحة في هذه السنة المالية 1424- 1425هـ إضافة إلى تلك السياسات، فإن الوزارة وضعت استراتجية وخطة عمل وطنية للغابات ومكافحة التصحر لمواجهة بعض الصعوبات الناتجة من التوسع العمراني على أراضي الغابات والمراعي وقطع الأشجار والشجيرات، وحرائق الغابات، والرعي الجائر، وقد تم الرفع بهما للمقام السامي الكريم لاعتمادها.
يعد الدعم المباشر المقدم لبعض القطاعات الزراعية أحد أهم العراقيل التي تواجه إبرام الاتفاقية الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية تمهيداً لانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية.. كيف ستتعاملون مع هذه المشكلة خاصة وأن هناك قطاعات في حاجة ماسة للدعم مثل: قطاع الدواجن؟
هذا غير صحيح، فالدعم الزراعي المحلي لا يعتبر من أحد أهم العراقيل التي تواجه إبرام اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنهت المملكة ما يتعلق بوثيقة الدعم الزراعي المحلي (ACC4) في الاجتماع متعدد الأطراف الخاص بالزراعة على هامش لقاء فريق العمل الحادي عشر الذي عقد في شهر أبريل الماضي في مقر المنظمة في جنيف.
وشاركت فيه الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يعد موضوع الدعم الزراعي المحلي محل نقاش في المفاوضات الجارية حالياً لانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية.
أما بخصوص أن هناك قطاعات في حاجة ماسة للدعم مثل قطاع الدواجن، أود تصحيح معلومة يعتقدها البعض مفادها أن الدعم الزراعي سوف يلغي عند انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، وهذا غير صحيح، الدعم السعري المباشر هو القابل للتخفيض بنسبة 13.3% على مدى عشر سنوات من تاريخ الانضمام.
اما أوجه الدعم الأخرى مثل الدعم المباشر ودعم دخل المزارع والدعم الضئيل Deminimis الذي لا يتجاوز نسبة 10% من قيمة المنتج المدعوم، فإن هذه الأنواع من الدعم غير قابلة للتخفيض، لكن من باب الشفافية المملكة ملزمة بتقديم إخطارات سنوية بعد انضمامها موضح فيها جميع أوجه الدعم المحلي الزراعي، وهذا ينطبق على جميع الأعضاء في المنظمة.
شهد سوق الأسهم مؤخراً انهياراً في الأسعار، وكانت الشركات الأكثر انخفاضاً هي العاملة في المجال الزراعي.. فما أسباب انخفاض أسعار أسهم الشركات الزراعية في المملكة؟ وما هو دور وزارة الزراعة في حماية مثل هذه الشركات من حدوث أية انهيارات؟
قرأت الكثير مما كُتب ويُكتب حول سوق الأسهم السعودية.. (وأود تأكيد أنني لست بصدد تقديم تحليل مالي أو فني أو تشخيص مشكلة) وحول ما يدور حولها وداخلها وخارجها وخصوصاً بعد التراجع الكبير في مؤشرات سوق الأسهم المحلية خلال الأسابيع الماضية.. ورغم أن ما حدث يؤكد أن الاستثمار يجب أن يمر أولاً وقبل كل شيء عبر التحليل المالي للشركات وإجراء التقييم الحقيقي للأسهم المراد الاستثمار بها، والعمل على أن يكون الاستثمار مبنياً على التقييم العلمي للشركات المتداول أسهمها وترك الأساليب القديمة المعمول بها لدى الكثير من المستثمرين، كما أعتقد بأننا بحاجة ماسة إلى دور تثقيفي أكثر من حاجتنا إلى أنظمة وتشريعات، وأعتقد أن خير من يقوم بهذا الدور التثقيفي المطلوب هي الصحافة المسؤولية القادرة على الوصول إلى شريحة كبيرة من المجتمع لتوضيح الصورة الكافية حول ما يحدث في السوق بشكل تفصيلي ومستمر لكونها مؤهلة للعب هذا الدور، خصوصاً أن تجربة سوق الأسهم بالنسبة لعدد ليس بالقليل من المستثمرين لدينا هي تجربة حديثة ويحتاجون إلى توجيه إعلامي.
* أُعلن منذ أشهر قليلة عن حل شركة التسويق الزراعي وإعادة الأموال للمؤسسين والمملكة في حاجة لتسويق منتجاتها الزراعية وخاصة التمور.. فما هي أهم أسباب إجهاض هذه الشركة الوليدة؟ وما هو السبيل لتسويق وتصدير منتجاتنا الزراعية في ظل غياب مثل هذه الشركات التسويقية؟
- فكرة إنشاء الشركة السعودية للتسويق الزراعي بدأت من القطاع الخاص في عام 1416هـ، ونظراً لأن التطور الملحوظ في الإنتاج الزراعي لم يواكبه تطور في التسويق الزراعي، لذا أيدت الوزارة فكرة القطاع الخاص بإنشاء شركة للتسويق الزراعي.. وبادر بعض المؤسسين لإيداع مبالغ مالية في حساب خاص لهذا الغرض، وأعدت دراسة جدوى اقتصادية فنية تم دراستها من الجهات المعنية في الدولة، حيث أيدت بعض الجهات إنشاء هذه الشركة بشرط مساهمة الدولة فيها أو بإعانة مقطوعة من الدولة تشجع على المساهمة في هذا المشروع.. بينما لم تؤيد بعض الجهات الأخرى مساهمة الدولة والمبرر من وجهة نظرهم هو تعثر الشركات الزراعية بصفة عامة وشركات التسويق الزراعي بصفة خاصة في الماضي، بالإضافة الى عدم جدوى هذا المشروع بناءً على دراسة الجدوى الاقتصادية له.. وكون الوزارة تبنّت دور المنسق والداعم للقطاع الخاص لذا تم إبلاغهم بهذه النتيجة، وأنه بالامكان إنشاء الشركة دون مساهمة الدولة في المشروع إذا رغب القطاع الخاص في ذلك أو تحل وتعاد الأموال المودعة لأصحابها واتخذ القطاع الخاص القرار بحل هذه الشركة، ويجري حالياً إعادة أموال المساهمين لهم من قبل جهة محاسبية نظامية.
أما بخصوص البديل، فإن توجه الوزارة حالياً هو دعم وتفعيل الجمعيات التعاونية الزراعية لتقوم بأنشطتها على الوجه المطلوب، وأهمها التسويق الزراعي، وهذا التوجه مدعوم من أعلى سلطة في الدولة، وهناك لجان مشكلة لهذا الموضوع، ودراسات وندوات في مختلف مناطق المملكة لتوعية المزارعين بأهمية التكتل في جمعيات تعاونية زراعية منهم، وإليهم تقوم بتسويق منتجاتهم وتستفيد من الدعم الذي تقدمه الدولة في هذا المجال.. هذا بالإضافة للتعاون الوثيق بين الوزارة ومجلس الغرف التجارية الصناعية السعودي الممثل بمركز تنمية الصادرات لتسهيل مهمة الراغبين في تصدير منتجاتهم الزراعية وخاصة التمور.
* معالي الوزير هناك اتجاه لدى الدولة للتخصيص من خلال طرح مشاريعها للقطاع الخاص.. هل هناك توجه لدى وزارة الزراعة لطرح مشروعات أمام المستثمرين السعوديين؟ وما هي نوعية هذه المشاريع؟
- لا شك أن تشجيع القطاع الخاص وزيادة استثماراته في القطاع الزراعي من الأمور التي تسعى الوزارة إلى تحقيقها، ولا أدل على ذلك من إقامة منتدى الاستثمار الزراعي لمنطقة جازان وسهول تهامة المنعقد في الرياض خلال الفترة من 1-3 ذي القعدة عام 1422هـ، الذي تم خلاله عرض المقومات والآفاق المستقبلية للاستثمار الزراعي والاستزراع السمكي في منطقة جازان وسهول تهامة، وإيضاح الفرص الاستثمارية التي يمكن للقطاع الخاص استغلالها، وذلك بعد إجراء دراسات فنية واقتصادية لها من قبل الوزارة بالتنسيق مع المنظمات والهيئات الدولية المتخصصة في هذا المجال، وقد كان لسياسات الدولة - أيدها الله - المتعلقة بالدعم المباشر وغير المباشر لمدخلات الإنتاج وتقديم الخدمات المساندة للعمليات الإنتاجية، ودعم الاسعار النهائية لبعض المحاصيل أكبر الأثر في تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في مختلف الانشطة الزراعية من خلال تشجيع الاستثمار في المجالات التي لا تزال المملكة في حاجة لها، ويوجد حاليا العديد من المشروعات الاستثمارية في القطاع الزراعي التي حققت عوائد استثمارية مجزية في مجالات الألبان والدواجن والاستزراع السمكي، كما أن هناك توجها لتخصيص المؤسسة العامة لصوامغ الغلال ومطاحن الدقيق، والمحاجر التابعة لوزارة الزراعة، وكذلك المنتزهات الوطنية.
* المملكة تعاني - كما تعلمون - من مشكلة البطالة هل لدى وزارة الزراعة خطة للحد من هذه الظاهرة مثل استصلاح الأراضي وتوزيعها على الشباب او طرح مشروعات صغيرة عليهم؟
- استثمار الأراضي الزراعية وتوزيعها على المواطنين ليس جديداً، فقد بدأ برنامج توزيع الأراضي الزراعية منذ صدور نظام توزيع الاراضي البور الصادر بالمرسوم الملكي رقم م-26 في 6- 7-1388هـ، وقامت الوزارة بتوزيع ما يزيد على ثلاثة ملايين هكتار شملت المشاريع الكبيرة للأفراد او الشركات والحيازات الصغيرة لصغار المزارعين، ولا شك أن ذلك ساهم وما زال يساهم في استقطاب عدد كبير من المواطنين بما فيهم فئة الشباب للعمل في قطاع الزراعة سواء بممارسة العمل الزراعي نفسه أو الأنشطة التجارية الأخرى المعتمدة على القطاع الزراعي.. ويجري حالياً تقييم للموارد الارضية من أجل رسم استراتيجية تحقق التوازن بين استمرار التنمية الزراعية والمحافظة على مكتسباتها واستدامة هذه الموارد، ونتطلع أن يستمر القطاع الزراعي نشطاً وفاعلاً لاستقطاب المزيد من الشباب.
والوزارة ترحب بخريجي الكليات الزراعية، والطب البيطري، والمعاهد الزراعية للتقدم بطلب الاستثمار في مشاريع زراعية، وحيوانية، والوزارة بدورها على تنسيق تام مع البنك الزراعي لدعم مثل هذه الفئة المتخصصة من المواطنين.
|