* حلقات أعدها - عبدالرحمن العطوي:
انتهينا في الحلقة السابقة بلقاء مع سجين في سجن تبوك بقضية تهريب المخدرات إلى المملكة حيث تحدثا عن قضية الأحكام الصادرة بحقهم ونصيحتهم للشباب بالابتعاد عن المخدرات التي لن ينال من يسلك دربها سوى الهلاك والحسرات وسوء الخاتمة.
واليوم تلتقي (الجزيرة) بأحد السجناء والذي تختلف قضيته عن سابقيها في كونها تمثل (ترويج المخدرات) فرغم تفاوت عقوبة المهرب عن المروج للمرة الأولى إلا أن خطر الترويج كبير وقد يكون المروج مكملاً لعمل المهرب ففي كلتا الحالتين المتضرر من المخدرات المستعمل لهذه الآفة الخطيرة.
*****
أسمي (ع. ع. ت) وعمري 29 عاما
* ما هي قضيتك الموقوف فيها؟
- لقد قبض علي بسبب ترويجي لمخدرات.
* هل ترى الاتجار في المخدرات طريقا للثراء السريع؟
- هي غلطة يقع فيها الإنسان ويندم عليها أشد الندم خصوصا أن ضحايا المخدرات من الشباب وصغار السن قد أصبحوا من مرتادي مستشفيات الصحة النفسية ومستشفيات الأمل وهو ذنب كبير لكل من له يد في الوصول بالمخدرات لمتعاطيها.
* ما هو الحكم الشرعي الصادر بحقك؟
- صدر بحقي حكم بالسجن سنتين مع الجلد على فترات متفاوتة وأمضيت بالسجن سنة وأربعة أشهر وأحمد الله سبحانه وتعالى على ما قدر.
* هل تحفظ من القرآن الكريم أجزاءً؟
- بحمد الله وبفضل ما يوفر لنا في سجن تبوك من توفر المصاحف والأشرطة الصوتية ووجود الوقت الكافي للحفظ فأنا أحفظ الآن عشرة أجزاء من كتاب الله الكريم ومستمر في الحفظ وهناك لجان تأتي لنا ونقرأ أمامها ما تيسر من حفظنا لكتاب الله الكريم.
* هل يقوم أحد بزيارتك؟
- نعم ويجب على الإنسان أن ينظر لنا بأننا أخطأنا ولا يوجد إنسان معصوم من الخطأ فقد يكون الإنسان في معزل عن أسرته لكن ذلك يؤثر سلبا على حياته ولو نبذ السجين بعد خروجه من المجتمع ومن أقرب الناس إليه ليكون ذلك سببا ومدعاة لعودته لطريق الضلال ولو وجد من يحتضنه لتغير سلوك هذا السجين، فكم من سجناء تاب الله عليهم وأصبحوا الآن من الدعاة وممّن يشار إليهم بالبنان وعكسهم ممن زاد إجرامهم وأصبحوا من مرتادي السجون بسبب نظرة المجتمع وخاصة الأسرة للخارج من السجن، فليعلم الجميع أن سجون المملكة هي إصلاح.
* هل استفدت من الدروس الدينية والمحاضرات التي تقام بالسجن؟
- الحمد لله لقد استفدت فائدة عظيمة لم أجدها خارج هذا السجن، فلقد اطلعنا على الكتب الدينية وحفظنا من القرآن الكريم ما تيسر لنا حفظه وتعلمنا أمور ديننا والأحكام الشرعية والتقينا بالمشايخ والدعاة واستفدنا من طرحهم كما أن الإنسان ليعجز عن الكلام عما يوفر لنا من خصوصيات في السجن، فأنا إنسان متزوج ولدي أربعة أطفال، وحظيت بقدوم أسرتي لي في السجن مرتين في الشهر حيث تم تهيئة شقق سكنية مؤثثة بكل الاحتياجات وبها كافة الكماليات تحضر أسرتي وأطفالي إلي في السجن وأجلس معهم وكأننا في منزلنا خارج السجن حيث ألهو مع أطفالي وتقوم الزوجة بإعداد الطعام وهناك البرامج التلفزيونية وغرفة خاصة للأطفال وهذه الشقق بمعزل عن السجن شيء لا يمكن وصفه أن ترى أسرتك وأطفالك وتعيش جواً أسرياً رائعاً مرتين في الشهر إن ذلك والله لا يحدث في أية دولة في العالم سوى هذه البلاد - حفظها الله وأبعد عنها كل مكروه -.
أختتم حديثي لكم بأن أقدم عظيم شكري لقيادتنا الرشيدة - حفظها الله - وإلى مدير عام السجون في المملكة اللواء علي الحارثي وإلى كافة القائمين على سجن تبوك على حسن المعاملة وهذه الخدمة التي نعتز بها وأقدم نصيحة للشباب الذين أدمنوا أو تورطوا في المخدرات بأن يبتعدوا عنها لأنها والله لا تخلف سوى الدمار وخراب البيوت وأصلح الله أحوال كل من وقع في هذه الآفة الخطيرة.
من جانب آخر التقت (الجزيرة) مع شاب من نزلاء السجن عمره ثلاثون عاما ودار معه الحديث التالي:
أسمي ب ع د سعودي الجنسية
* ما هي القضية الموقوف فيها؟
- قضيتي هي تهريب كمية من الحبوب المخدرة المسماة (الكابتجون) من الأردن إلى داخل السعودية عبر منفذ حالة عمار الحدودي.
* هل تعرف عدد هذه الكمية؟
- لا أعرف أعدادها.
* هل معك أشخاص آخرون في هذه القضية؟
- نعم أطراف هذه القضية مجموعة من الأشخاص وجميعنا سعوديون.
* هل كنت تعمل قبل القبض عليك؟
- نعم كنت في وظيفة محترمة وأتقاضى راتبا لكن أقول لعنة الله على الشيطان.
* هل تم الحكم عليك في القضية؟
- نعم فحكمي 14 عاما أمضيت منها لحد الآن تسعة أعوام وتبقى لي من المدة أربعة أعوام وقد صدر الحكم من المحكمة الشرعية بتبوك.
* ألم تستفد من حفظ القرآن الكريم في تخفيف العقوبة؟
- للأسف الشديد فأنا لم أحفظ سوى ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم ولو كنت حافظا للقرآن الكريم لخرجت منذ زمن طويل من السجن بسبب سقوط نصف المدة من الحكم الشرعي بناء على مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - في هذا الشأن وتشجيعا لحفظ كتاب الله الكريم.
* هل زملاؤك مازالوا في السجن؟
- لا تقريبا جميعهم خرجوا بسبب حفظهم للقرآن الكريم.
* هل أنت متزوج؟
- نعم أنا متزوج وأكرمني الله سبحانه وتعالى بالمميزات التي تقدمها سجون المملكة لنزلائها حيث أخرج 24 ساعة مرة في كل شهر وأذهب لمنزلي وأسرتي وفي اليوم الآخر أعود للسجن فهذا والله لا يوجد في أي سجن في العالم سوى المملكة التي تطبق الشريعة الإسلامية قولا وعملا وتقدم هذه الخدمة الموجودة كما ذكرت لك في كافة سجون المملكة لكل سجين متزوج وحسن السيرة والسلوك.
* حدثنا وبكل صراحة عن الخدمات المقدمة في سجن تبوك؟
- لو سألت كل سجين في المملكة لأجابك على سؤالك فوالله نجد المعاملة الإنسانية من المسؤولين وحراس السجن ونحظى بالزيارات المتكررة لسماع أية شكوى من أي سجين من مدير السجن ومساعده والضباط المسؤولين فيه وقد زارنا اللواء علي الحارثي مدير عام السجون في المملكة والتقى بنا فردا فردا ووجه مسؤولي سجن تبوك ببعض مطالبنا كما أن المحاضرات الدينية في قاعة المحاضرات بالسجن أو عن طريق شاشات التلفاز كل ذلك متوفر في هذا السجن وزيارات الدعاة لنا وحفظ القرآن الكريم والمكتبة الثقافية التي نستفيد منها وتعليم الكمبيوتر فالسجين يقضي وقته في الاستفادة.
* كلمة أخيرة لمن توجهها؟
- أولا نحن السجناء نشعر بالأسى والألم من الإرهابيين الذين قتلوا الأبرياء في هذه البلاد الطاهرة الآمنة ويبرأ منهم كل مسلم وندعو الله أن يكشف سترهم وأن ينالوا جزاءهم الرادع، كما أنني أقدم نصيحة أخوية صادقة لكل من ابتلاه الله في الوقوع في وباء المخدرات فالمخدرات دمار وهلاك أنقذ الله منها كل من وقع فيها فأضرارها خطيرة لينظر كل إنسان هذه الأضرار الجسيمة فكم من شاب راح ضحية المخدرات وكم من حادث مروري سببه تناول المخدرات ليتقِ الله كل من يمشي في طريقها وليَخَفْهُ وليَخَفْ الذنوب التي تلحق به من ضحاياها.
|