يبقى المرء إنساناً طالما تعامل مع الآخرين بإنسانيته التي ميزه الله بها عن سائر مخلوقاته.. وتظل الأعمال الطيبة التي يقوم بها الإنسان تنفث أريجها بين أفراد المجتمع الذي أصاب منها ما أصاب.. و
احدة من سيدات المجتمع التي توافرت فيها كل معايير وشروط المرأة المسلمة بقيمها وعاداتها وتعاملها و صلتها بالآخرين.. لهم أرها قط إلا في حالة تواصل مع الله سبحانه رغم عجزها عن الحركة بيسر وسهولة.. فأغبطها حينما تطيل السجود وتكثر من الدعاء.. وتحمد الله على كل حال..
فاذا ما انتهت جلست تتحدث بهدوئها المعتاد لتسأل عن القاصي والداني.. امرأة داهمها المرض لعشرين عاماً.. فلم تضعف ولم تتوقف عن عاداتها الاجتماعية المحببة في جمع الأهل والأقارب والجيران في بيتها ليلة كل خميس وجمعة لتسعدهم بالتواصل ولتقرب بينهم المسافات.. لم تخطئ ولم تنس ولو مرة السلام على أحد الأطفال بل كانت تقبلهم وتسأل عنهم وتعاتب من انشغل باللهو عن السلام.. فكانت الصورة المشرقة المحبوبة لدى الجميع..
لم تسمع هذه السيدة بعمل خير إلا وأسرعت إليه.. ولم تسمع عن مسكين أو يتيم إلا ومدت له يد العون والمساعدة ووعدته بالتواصل.. ما أروع الإنسان حينما تتجسد إنسانيته لخدمة الناس؟ ولنصرة الضعفاء والمساكين! ما أروع الإنسان حين يدفع للمجتمع خيرة الرجال والنساء الصالحين المتقين الورعين؟ هذه الإنسانة الأم التي قامت بتربية أبنائها وبناتها على التعامل الإنساني الراقي وخشية الله والحرص على طلب العلم.. تستحق أن تكتب فيها كلمة حق عرفاناً ووفاء لتفانيها في خدمة الإنسانية ليحذو كل فرد حذوها إذ أفنت عمرها في البر والتقوى والنصيحة والاستسلام للمرض وشكر الله وحمده على ما أصابها.. أفنت عمرها في حب الناس كل الناس وفي القول الحسن وفي الصبر على النوائب والصعاب..
أفنت عمرها بالعمل الصالح ودعم المحتاجين والسؤال عن القريب والبعيد وملاطفة الأطفال والتحدث إليهم طويلاً وبسعة صدر.. والآن وقد صعدت روحها إلى بارئها.. نعلم كم خلفت من الحب والسيرة العطرة.. نعلم كيف صار كل طفل يدعو لها ويكتب فيها بعض المواقف السامية.. أيتها الرائعة.. يا من أسعدت الكثير من القلوب البائسة اليائسة.. ليتلقاك الله بحبه وليتولاك برحمته وليخفف عن محبيك حزن فراقك يا أم خالد:وصدق الله العظيم إذ قال {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ {54} فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} ..
|