السلام عليكم ورحمته وبركاته..
سعادة الأستاذ الكريم خالد المالك - سدده الله
تحية عطرة لك ولكافة فريق العمل في جريدة الجزيرة
أطلعت في جريدتكم - الموقرة - الصادرة الجمعة 9-4-1425هـ لمقال للأخ عبدالرحمن الشميم - وفقه الله - عنون له (بين تفجيرات المكفرين وتقلبات المتلونين).. فأحببت أن أقف ويقف قلمي معي حول بعض الملحوظات والمغالطات التي في ثناياه راجيا من الله التوفيق والإعانة وألا يجعل لأنفسنا فيه حظاً بل له خالصاً وهو نعم المولى ونعم النصير. .بادئ ذي بدء لن نتمكن من الوقوف عند كل نقطة،لكن سأكتفي بثلاث إشارات أرى أنها قواعد كلية تكون بمثابة المدخل الرئيسي لهذا المقال الذي جانب فيه الكاتب - وفقه الله - كثيراً من الصواب .
أولاً: تنعم كتب السيرة بالكثير من النصوص والشواهد من سيرة الحبيب - صلى الله عليه وسلم - بأنه لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً بل جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله: (لست بالطعان ولا الكذّاب).. وقل هكذا عن الجيل الأول الرائد ومن تبعهم من التابعين ومن سلف هذه الأمة الكريمة، وكم كان حرص الإسلام على أن يهذب الإنسان لسانه وأن يضبطه فيما ينفع ولا يضر!!
فرب كلمة لا يلقي لها الإنسان بالا تزل به إلى جهنم - عياذاً بالله - والله سبحانه يقول {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء.
فأين الكاتب - وفقه الله - من النصوص وهو يلمز العلماء والمشايخ لهذه البلاد بكل نقيصة وعيب!
* ألا يعلم أنهم تلقوا العلم - في وضح النهار - على أيدي علماء هذه البلاد وعلى رأس الهرم سماحة الوالد ابن باز - رحمه الله - وسماحة العلامة ابن عثيمين - رحمه الله -؟
وهذان بهما كفاية فكيف لو سردت على الكاتب كل القائمة؟ غفر الله للميت ووفق الحي منهم.
* ألا يعلم أنه لا ينبغي للإنسان أن يقلد صوتاً أو مشية يحاكي بها أحد الحيوانات، بل عليه أن يترفع لأن المولى قال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..} فكيف بمن يلمز داعية بكائن حيواني أكرمكم الله لدرجة انه لا يؤكل لقذارته!! فلم يتفنن باصطياد التشبيهات القذرة وهو على مستوى من العقل والفهم! هذا في واحد منهم أما البقية فحسبهم أن الأمة تدعو لهم.
* ثم هو يسخر ويتهكم بالعلماء الذين نسأل الله أن يهديهم للحق إن جانبوه - فهم بشر كمثل غيرهم - يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق!! غير أنه لازالت بقية باقية قليلة أصبح شغلهم الشاغل الأخطاء لا غير مثلما قال وكتب الأخ الشميم.
فكأن هؤلاء العلماء ليسوا بشراً لا يريد أن يقع منهم خطأ ولا زلل، وكأنهم - مرة أخرى - لا يريد أن يذكر لهم حسنة واحدة فدعوة للكاتب - وفقه الله - أن يحفظ لسانه ولا يلقي التهم جزافا ويذكر النقائص تباعا كي لا يظن به ظن السوء! وماذا يريد من وراء تلك اللوثات الكلامية المقززة!!
ثانياً: يبدو أن الكاتب - وفقه الله - حين كتب مقالته يعيش أزمة نفسية حادة أو حالة قلق رهيبة.. لم قلتُ هذا الكلام؟
المتأمل في المقال يجد باب التناقض مفتوحاً على مصراعيه - دون حاجب ولا بواب - يفطن له من لديه أيسر فهم، فهو يقول: إن الخطباء تناولوا مقتل أحمد ياسين - هكذا كتب - تأمل كلمة مقتل وثارت ثائرتهم في حين لم نسمع لهؤلاء أي خطاب أو إنكار!
فنقول لكاتبنا الكريم: أولاً أين أنت من خطبتي الحرم المكي والمدني الشهيرتين فضلاً عن عشرات الخطب والأشرطة هنا وهناك في مختلف مناطق البلاد!
أيسوغ - بعد هذا أن يتهم خطباء وأئمة الحرم ويتطاول عليهم بالجحود والإنكار لأدوارهم!
- ومن نافلة القول - ممن لمزهم عياذاً بالله - فقيه الضفادع - هو الذي يحث الأمة على الرجوع لهاتين الخطبتين وهذا كلام معلوم للجميع بالصوت والصورة في درسه الأسبوعي! لكن نقول للكاتب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (8) سورة المائدة
ثانياً: ألم يقرأ بيان - من لمزهم بالمتلونين - في جريدة الجزيرة التي نشرته في وسط الحدث وهو بيان واضح وصريح بحرمة الأعمال التخريبية! ونشره كذلك موقع المسلم الذي يشرف عليه الشيخ الأستاذ الدكتور ناصر العمر - وفقه الله - وكذا نشره موقع الإسلام اليوم الذي يشرف عليه الشيخ الدكتور سلمان العودة - وفقه الله - ألا يتق الله بعلمائنا! يُنكرون وينشرون فتاويهم وتتجرح حناجرهم بملء أفواههم عبر المنابر المتفرقة! ثم يأتي من يأتي ليقول لنا لم نسمع!! لم نقرأ!!
عجباً - والله - هكذا التهم تلقى جزافا بلا حسيب ولا رقيب!
ثالثاً: كيف له أن يفرض وصاية للعلماء في قبول توبتهم من عدمها! والله يقول {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}.. كيف له أن يفتش عن قلوبهم، ويعلم أن السرائر والضمائر ليست لنا وليس لنا ان نبحث عنها بل لنا الظاهر وتلك الخبايا أمرها إلى الله!
ولا يقبل - في زعمه - أخذ ما تحويه تلك الكتب التي ذكرها! ألا يعلم أن فيها حقاً - وهو الكثير - وفيها ما يحتاج لإعادة النظر دون الفصل فيها بالبطلان والبهتان والضلال؟! وقد جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - في القصة المعروفة حيث أجاب أبا هريرة - رضي الله عنه - حيث أرشده الشيطان لقراءة آية الكرسي قال: (صدقك وهو كذوب). فأين نحن والكاتب من المنهج الحكيم العاجل الشامل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعك منه يا أبا هريرة، فهذا رأس الكفر والخبث فنظر إلى الحديث دون المتحدث بخلاف الكثير منا الذين ينظرون من المتحدث؟ ثم يلتفتون إلى الحديث والكلام.
ختاماً: ذكرت كتب السيرة أن رجلاً كان يقدح بالعلماء عند العالم المجاهد عبدالله بن المبارك فسأله ابن المبارك: أقاتلت اليهود؟ قال الرجل: لا
قال: أقاتلت النصارى؟ قال الرجل: لا
فأجابه ابن المبارك: أسلم منك اليهود والنصارى ولم يسلم منك اخوانك المسلمون!
الله أسأل أن يهدينا لسواء السبيل ويوفقنا لكل خير ويصلح قلوبنا لتصلح أحوالنا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
فهد الشمري
جامعة الإمام - كلية اللغة العربية
|