شوق خفيٌّ في الفؤادِ وظاهرُ
بهما يغرِّد في الرياض الطائرُ
بهما يُسَلْسِلُ نَهْرُ حبِّكَ ماءَه
عَذْباً ، يُسْرُّ إذا رآه الناظرُ
تنمو على جنبيه أزهار الرِّضا
وبمائه الرَّقْراقِ يُسقى الخاطرُ
وتهُبُّ في الأجواء منه نسائمٌ
تصفو بها عند المحبِّ مشاعرُ
من أين أَقبل ما تراه من الرُّؤى
ومتى سرى هذا النسيم الساحرُ؟
ومتى انتشتْ أزهار روضتك التي
بلغ المدى الأقصى شذاها العاطرُ؟
ومتى تجلَّى ثَغْرُ فجرِكَ ضاحكاً
ومتى بدا هذا الضياءُ الباهرُ؟
ومتى تبرَّجت السماءُ بصَحْوها
وبشمسها احتفل الربيعُ الناضرُ؟
يا فيضَ أسئلةِ المُحبِّ إجابتي
أملٌ ، تطير به إليكَ بشائرُ
أقبلتُ نحوَك بعد ليلٍ حافلٍ
لاقاه من عينيَّ طَرْفٌ ساهرُ
لاقاه من نفسي هدوءُ يقينها
وأَزالَ وحشتَه اللسانُ الذاكرُ
رافقْتُ أَنْجُمَه بقلبٍ صابرٍ
فاجتازه ، وطواه قلبي الصَّابرُ
أقبلْتُ نحوَك بالقصيدةِ عَذْبَةً
أدنى محاسنها إليكَ الشاعرُ
ما أنت إلا في حقيقةِ ما ترى
جلَّى ملامحَها الإله القادرُ
هذا صباحُكَ في مساءٍ مشرقٍ
فاعجبْ لليلٍ فيه صُبْحٌ ظاهرُ
فَجْرُ اللِّقاءِ بمن تُحبُّ إذا جرتْ
أنوارُه انكشف الحجابُ الساترُ
يا فيضَ أسئلة المحُبِّ ، مشاعري
نَبْعٌ تدفَّق منه نَهْرٌ زاخرُ
مدَّتْ لي الذكرى يداً مغموسةً
في المسكِ ، فيها للمحبِّ مزَاهرُ
فإذا بماضيَّ البعيد كأنَّه
بجميع ما يحويه عندي حاضرُ
من أين جاء؟ وكيف جاء؟ وما الذي
أدْناه مني ، وهو ماضٍ غابرُ
هذي هي الذكرى تُعيد إليكَ ما
ولَّى ، تقاسمكَ الرِّضا وتُشاطرُ
أَلْقِ الرِّحالَ على رُباها ، مثلما
أَلْقى الرِّحالَ ليستريحَ مسافرُ
افرحْ بليلتكَ الجميلة ، تلتقي
فيها مواردُ للرِّضا ومصادرُ
سارتْ مراكبُها إليكَ ، وأنتَ في
درب الحياةِ ، إلى جديدكَ سائرُ
هي ليلةٌ من عمرك الغالي ، لها
من حُسْنِ ظنِّك بالإله مُؤَازِرُ
فيها من الأشواقِ أجملُ روضةٍ
خضراء ، يَسقيها السَّحابُ الماطرُ
فيها مشاعلُ يستضيء بنورها
ليلُ السُّرى ، وبها يُسَرُّ السَّامر
هذا ابنُك الغالي يَزيدُ بهاءَها
ببهائه ، هذا حبيبُك طاهرُ
أبُنيَّ ، بُنيانُ الحياةِ ، أَساسُه
تقوى الإله ، بها يفوز مثابرُ
ما البيت إلا وردةٌ فوَّاحةٌ
لمَّا تطيب وتستقرُّ مشاعرُ