في سجون إسرائيل مواطن أمريكي يدعى (كين أوركيف) وهو الآن مضرب عن الطعام احتجاجاً على اعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلي ومحاولة ترحيله خارج (الأراضي المحتلة)، وسيمثل قريباً أمام محكمة عسكرية بعد أن وصف إسرائيل بأنها دولة إرهابية! وكان يخطط أيضاً لتعبئة عشرة آلاف مواطن من مختلف دول أوروبا وأمريكا للحضور إلى غزة تضامناً مع الشعب الفلسطيني وهذا ما لا تحتمله إسرائيل فهي تريد أن تبقي جرائمها الإبادية والعنصرية طي الكتمان! وهي مطمئنة إلى إخفاء جرائمها ما دامت تسيطر على وسائل الإعلام في أمريكا وأوربا.
كين أوركيف محتجز الآن خلف القضبان ولم تقم حكومته الدنيا ولم تقعدها كما تفعل عادة عندما يتعرض أحد مواطنيها للأذى فوق أية أرض، ولعل ما زاد (طينته بلة) أنه قد سجن لسبب جوهري ولجريمة لا تغتفر لأن ذلك (الضال) عن طريق السياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل، كان يدافع عن الفلسطينيين بل وحاول أن يلتقي بعض زعماء الفصائل الفلسطينية! وعند النظر إلى صحيفة سوابقه وجد أنه قد شارك بتنظيم الدروع البشرية قبيل غزو واحتلال أمريكا للعراق مما يدعم نظرية خطورته بما له من سوابق!
ذلك المواطن الأمريكي والذي تخلى عن جنسيته الأمريكية بسبب مواقفها لم يرضَ الظلم لشعب أعزل ويوجد مثله الملايين في أنحاء الأرض، مستعدين أن يدافعوا عن الفلسطينيين بأصواتهم وأجسادهم ويقفون معهم في أيام الحصار والتنكيل الجماعي والجيش الإسرائيلي يحسب حساب الجسد الأوروبي والأمريكي فيحاذر أن يطلق عليه القذائف من مدافع الدبابات الواقفة في الطرقات أو يقصفه بطائرات الأباتشي بل يتعامل معه تعاملاً آخر.
وإذا كان قتل مرة إحدى المدافعات الأمريكيات عن حقوق الفلسطينيين فلقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن (المرحومة) غلطانة ويبدو أنهم استعاروا أو اقتبسوا أو اغتصبوا هذا التعبير العربي الأصيل! لأنه وبعد التحقيق النزيه وجد أنها كانت تقف إلى جانب جدار منزل الأسرة الفلسطينية في نفس الوقت الذي كانت الجرافات تقوم بهدمه على رؤوس أهله!!
فكرة وجود دروع بشرية لمناصرة الفلسطينيين، هي فكرة ذات جدوى وليت الجامعة العربية تقوم بتهيئة السبل لحضور هؤلاء من ميزانيتها بعد أن تلغي بعض الندوات أو المؤتمرات الروتينية وإذا كانت ميزانيتها لا تسمح فيمكن أن يكون على حساب رجال الأعمال العرب الذين يرعون مسابقات ملكات الجمال وتلك النوعيات من البرامج التي ستعيد للأمة مجدها وستضعها على طريق التقدم العلمي! العالم مليء بالشرفاء، فلماذا فقط نظل نتعامل مع قاتلي الشيوخ والأطفال والنساء وننتظر موافقتهم على التفاوض معنا بينما نحيد أصواتاً سيكون لها صدى في بلدانها في ظل عجزنا عن إيصال صوت الحق العربي للعالم حيث كانت الصورة مغلوطة حول قضية فلسطين منذ بدأت المشكلة، ولقد قال لي مرة سائق أجرة أمريكي عرف الحقيقة أخيراً من خلال كتاب محايد: إن وسائل الإعلام الأمريكية صورت لنا أن هناك دولتين فلسطينية وإسرائيلية وإن الفلسطينيين يهاجمون الإسرائيليين ويقتلون أطفالهم، لذا كنا نتعاطف مع الإسرائيليين، الآن يقول عرفنا الحقيقة، ولكن الذين عرفوا هم قلة لأن وسائل الإعلام لا تسمح لنا بإعلانها وكثيراً ما تغلق المكالمات مع برامج حوارية يتكلم بها منصفون! اعتقد أن فكرة المناصرين والذين لديهم الاستعداد للوقوف جنباً إلى جنب مع الفلسطينيين هي فكرة مثمرة خاصة إذا كانوا من رجال الإعلام والمال والسياسة والثقافة والفن ونجوم السينما، فهذه الشرائح تؤثر كثيراً بالرأي العام! يجب أن نردع هذا الكيان العنصري الدموي بالسلاح الذي يخافه وهو افتضاح أمره بين الأمم التي يدعي في محافلها بتحضره وديموقراطيته.. وهذا السلاح لن نحاسب عليه لأنه ليس من أسلحة الدمار الشامل الممنوع أن تمتلكه الدول التي قد تشكل خطورة على إسرائيل! لن يكون من السهولة تنظيم مثل هذا الإجراء السلمي فلقد أحرق قبل شهر معرض أقيم في ألمانيا يضم صوراً عن معاناة الفلسطينيين جراء الجدار العازل فكشف الحقيقة للرأي العام العالمي ولشعوب العالم، وهو ما تخشاه حكومة الكيان الصهيوني! لكن من المفروض أن نري العالم الصورة الحقيقية والمزرية التي يعيشها الفلسطينيون على أرضهم حتى بعد توقيع اتفاقيات السلام! الأمر لا يجب السكوت عنه والمحاولات المستميتة التي تتم الآن من أجل إقناع حكومة شارون بفكرة إجراء مفاوضات أفقدتنا هيبتنا أمام العدو بسبب هذا الاستجداء الطويل الأمد والمؤلم أنه أثناء تلك المحاولات اليائسة غير المجدية قتل وجرح وشرد الآلاف وهدمت المنازل وقطعت الأشجار وجرفت الأراضي الزراعية وامتد ثعبان الجدار العازل لعدة أميال أخرى.. لا أقل من أن نقول ل كين أوركيف: شكراً، نقولها له ولعائلته ونرسلها بالبريد الإلكتروني أو بأية طريقة على مواقفه التي لم يقفها كثيراً من العرب!! لكن كين أوركيف ليس الوحيد فهناك الملايين في أنحاء أوروبا وأمريكا، شاهدنا نماذج منهم في مظاهرات عارمة ضد الحرب على العراق وهم مستعدون لتبني مواقف مشرفة لقضيتنا العربية ويقفون ضد سياسات حكوماتهم الداعمة لإسرائيل..
فهل نستفيد من هذا التعاطف الشعبي العالمي لصالحنا!!
|