كل يغني على ليلاه؛ هكذا جُبِل البشر؛ أي أن كلاً يبحث عن مصلحته الخاصة؛ فشركة الكهرباء كل ما يهمها هو أن يكون هناك ربح متخم للمساهمين؛ ولا يهمها من أين يأتي المواطن بالنقود التي يدفعها لهم؛ وقس على ذلك الماء والهاتف والبنزين وغيره من الضروريات المشتركة الهمّ لدى الدهماء من الناس.
والشيء الجميل هنا هو أن أية تسعيرة ترتفع فلا يمكن أن تنخفض أبدا؛ حتى ولو أن ارتفاعها جاء مؤقتاً لحل أزمة المشاريع العاجلة التي تحتم أن تؤخذ من المواطن بشكل مؤقت؛ فالمواطن العادي كان يملأ خزان وقود سيارته بثلاثين ريالاً تكفيه لمدة أسبوع كامل أو خمسة أيام؛ وفجأة ارتفع السعر ليكون بدلاً من الثلاثين خمسة وثمانين ريالاً؛ وظن أن تلك أزمة سوف يعود بعدها السعر إلى ما كان عليه؛ لكن الوضع استمر إلى اليوم؛ ومثله الكهرباء الذي إذا قورن بأي بلد عربي أو غربي في السعر لوجدته من أغلى الأسعار؛ وارتفاعه كان بسبب إنشاء محطات إضافية قبل مدة؛ واستمر؛ ولم تنتبه الشركة إلى صياح الضعفاء أو نياح الثكالى اللائي لا يستطعن أن يدفعن أسعاراً خيالية خاصة في الصيف المهم ان يمتلئ صندوق المساهم وأن يستمر في النمو بغض النظر عن غيره؛ أما الماء طيّب الذكر فإن مصلحته الموقرة في الرياض خاصة قد أرادت أن تداوي دمعة العين فأبكتها؛ حيث إن العدادات التي تلصقها في الجدار قد بدأها الخرف قبل أن تستوردها وتبيعها على المواطن بثلاثة آلاف ريال (أنا دفعت تلك القيمة سنة 1415هـ) أي أنها تجري أسرع من الواقع؛ لذا فحسابها في الكيلوات المترية من الماء لصالح الشركة لا المواطن؛ أي أنها مثل الجزار الذي يضع الشحم والأمعاء تحت اللحم ويبيعه على المستهلك؛ فقد بليت بعداد من تلك وصارت الفاتورة تجيء إليّ بثلاثمائة وأربعمائة؛ وبعد مدة سددت 2400 ريال؛ ولولا أن الله أنقذني بوزير الكهرباء والماء سابقاً الدكتور غازي القصيبي وغيّروا العداد لصرت من ضحايا العدادات المخرفة؛ فلكم أن تتصوروا أن المبلغ الذي كان 400 ريال عاد إلى 32 ريالاً!! فمن هو المسؤول عن دفعي مدة 20 سنة لمبالغ خيالية لأجل أن العداد كان رجيعاً!! أشياء لا تصدق أبدا؛ وعد إلى شركة الهاتف التي هي من أنشط الشركات فيما يخصها فقط؛ أي إذا كان الحق لها فإنها سوف تستعمل مع المواطن (لوي اليد)؛ فإذا كان لديك ستة تلفونات كحالتي؛ فإنها سوف توقف كلها حتى يسدد الذي لم يسدد منها؛ وهم لا يعرفون (فنظرة إلى ميسرة) أبداً؛ وإنما حقي حقي أولاً؛ وهو مبدأ فيه الكثير من الجلافة في التعامل.هذه أشياء ينظر إليها البعض بأنها مسائل بسيطة؛ لكن هي من أصعب المسائل؛ لأن رويتب الموظف مهما كان لابد أن يوزعه كالتركة تماماً على الماء والكهرباء والتلفون والبنزين؛ وكلها أشياء ضرورية له؛ أي أنها تشاركه في رزق أولاده المتواضع؛ ومن هنا فلعل المسؤولين (جزاهم الله خيراً) يلتفتون إلى حالة المواطن؛ لأن ليس كل مواطن لديه (حنيني) بل بعضهم لم يعرفه إلا بالاسم فقط؛ فهل يجيء يوم نرى فيه تخفيضاً لأسعار البنزين والماء والكهرباء والتلفون؟
أظن أن ذلك ليس صعباً لسبب بسيط جداً؛ وهو أن الربحية للشركات خيالية؛ فلا بد أن يبقى بعض الربحية رحمة للمواطن الذي ينتظر مثل هذا القرار.
فاكس 2372911
|