* مكة المكرمة - أحمد الأحمدي:
(الحوار مع الآخر بين الواقع والطموح) عنوان المحاضرة التي ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور عوض محمد القرني الداعية المعروف ضمن النشاط المنبري لمهرجان مكة خير 25 الذي ترعاه الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
قدَّم للمحاضرة الأستاذ إسماعيل البلوشي الذي تحدث عن أهمية الحوار وضرورته في البيت والمدرسة والمجتمع مع الصديق والعدو.
ثم بدأ الشيخ عوض محاضرته بتعريف الحوار وشرعيته وبيَّن أن الحوار من المناهج الربانية التي وردت في القرآن الكريم ولذا فالحوار مع الآخرين وسيلة شرعية لسماع ما عندهم ونقل ما لدينا لهم.
وذكر بعد ذلك الهدف من الحوار وهو الاستجابة لأمر الله سبحانه وتعالى، حيث كلفنا بالدعوة إلى دينه وتبليغه للعالمين، وإحدى الوسائل لتنفيذ هذا الأمر هو الحوار، وأوضح أن تصحيح صورة الإسلام والمسلمين ودفع التهم عنهم والدفاع عن قضاياهم عند الآخرين لا يأتي إلا بالحوار الهادئ القوي، ولا يمكن البحث عن القواسم المشتركة مع الآخرين لحل المشكلات القائمة أو تخفيف آثارها والاستفادة مما عند الآخرين من منجزات علمية وتقدم مدني وتحريك وتفعيل الطاقات العلمية إلا بالحوار البناء السليم.
وحدد الدكتور عوض شروطاً لنجاح الحوار ولخصها في الإخلاص في طلب الحق والوصول إليه والتجرد لذلك من كل هوى صارف عن الحق وتحديد موضوع الحوار بدقة ووضوح والاتفاق على مرجعية يحتكم إليها في الحوار.. وبيَّن فضيلته أن العلم بالموضوع من الشروط الأساسية لنجاح الحوار لأنه إذا تصدى للحوار جاهل أضر وما نفع وكان سبباً في زيادة تمسك أهل الباطل بباطلهم وضياع الحق، واشترط فضيلته لنجاح الحوار الالتزام بآدابه والصدق والأمانة في النسبة والأخبار والبيان والوضوح في اللفظ والتعبير والتلطف بالكلام، بالإضافة إلى الاستفادة من علم النفس وفن الإدارة والبرمجة اللغوية العصبية في معرفة خصائص المحاور الآخر والتعامل معه على أساس ذلك لكسب ثقته وتسهيل التأثير فيه وإقناعه.
وذكر الدكتور القرني وسائل الحوار ومنها المؤتمرات والندوات وتأليف الكتب والإعلام والزيارات الشخصية للآخرين والمراسلات والاتصال الهاتفي كلها تسهم في بناء حوار هادئ سليم.
وانتقل الشيخ عوض إلى مجالات الحوار وقال ما دام الحوار مع الآخر فإن جميع المجالات ميدان له بلا استثناء أي أن كل ما يخالفوننا فيه يصح أن نحاورهم فيه وقد حاور القرآن المخالفين في كل شيء تقريباً وأورد مقولاتهم وناقشها مهما كان خطؤها ويمكن أن يكون الحوار حول جميع قضايا الدين من عقائد وشرائع وأدب وأخلاق وسلوك ونظم وحول الأديان الأخرى وما نراه فيها من خلل وخطأ وقصور، وكذلك حول القضايا الثقافية والفكرية والفلسفية والسياسية والتجارية والعلمية البحتة.
وفي إشارته لشبهات حول الحوار رأى فضيلته أن الحوار وسيلة شرعية وضرورة إنسانية وأن الصراع بين الحق والباطل فريضة دينية وسنَّة كونية وبالتالي فنحن في تعاملنا مع الآخر ينبغي أن نأخذ توجيهات الدين كاملة وأن نراعي سنن الله في الحياة والاجتماع ولازم ذلك أن نمزج في تعاملنا مع الآخرين بين الحوار والصراع، فهو حوار أحد مظاهره الصراع أو صراع أحد وسائله الحوار وبذلك لا نضرب نصوص الوحي بعضها ببعض ولا نضيق على أنفسنا في مصالح وفرص تلوح للأمة ولا تصادم سنن الله في الحياة، فهو حوار القوة وصراع الرحمة، حوار لتبليغ رسالة الإسلام وقوة لدفع الظلم والاضطهاد عن الإنسان.
|