* هل هناك من يُعتبرون من الموهوبين في مجال الإجابات العلمية الإضافية على (النص) يمكن العودة إلى آثارهم واجتهادهم، خاصة في المسائل الجليلة، كسياسة الأعمال والإدارة والاقتصاد وسياسة الحياة كأحكام االنظم والمال والشورى؟
عبدالله م.أ - الكويت
* ج - سؤال مثل هذا السؤال لا جرم حري به أن أبسط جوابه لو كان من مكان غير هذا المكان، إذ هو سؤال علمي متخصص جيد النظر على كل حال.
ومن أعظم فوائده تنبه العلماء والباحثين والمحققين والمنظرين إلى أمر كما يحتاجونه، فإن الهيئات والمجالس العلمية والجامعات تحتاجه كذلك، ولو من باب التذكير لدفع حرارة الأمانة والشعور بالمسؤولية تجاه كبار العلماء الأخيار من هذه الأمة خلال القرون الأول والثاني والثالث من هجرة أفضل الخلق والحاكم العادل في سياسة الدين والدنيا عليه الصلاة والسلام،
سوف أنقل كلاماً جاء في (إعلام الموقعين) ج1 من ص 14 - 15، وما بعدهما عن جلة من: الموهوبين الذين نقلوا: الآثار ما بين مرفوع وموقوف له حكم الرفع في سياسة الحياة وسياسة حكم الدين والدنيا مضيفين إلى ذلك ما وسعتهم الإضافة العلمية في ذلك يقول ابن قيم الجوزية من طبعة (دار الفكر) بتحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، قال: (وكما أن الصحابة سادة الأمة وأئمتها وقادتها فهم سادات المفتين والعلماء،
قال الليث عن مجاهد: العلماء أصحاب الرسول- صلى الله عليه وسلم-، وقال سعيد عن قتادة في قوله تعالى {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} قال: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال يزيد بن عمير: لما حضر معاذ بن جبل الموت قيل يا أبا عبدالرحمن أوصنا، قال أجلسوني، إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما، يقول ذلك ثلاث مرات التمس العلم عند أربعة رهط:
1 - عند عويمر بن أبي الدرداء.
2 - وعند سلمان الفارسي.
3 - وعند عبدالله بن مسعود.
4 - وعند عبدالله بن سلام.
وقال مالك بن يخامر، لما حضرت معاذاً الوفاة بكيت فقال ما يبكيك؟
قلت: والله ما أبكي على دنيا كنت أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنت أتعلمهما منك.
فقال: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وحدهما.
اطلب العلم عند أربعة فذكر هؤلاء الأربعة ثم قال:
فإن عجز عنه هؤلاء فسائر أهل الأرض عنه أعجز، فعليك بمعلم إبراهيم، قال: فما نزلت بي مسألة عجزت عنها إلا قلت: (يا معلم إبراهيم) (قال في الهامش: معلم إبراهيم- صلى الله عليه وسلم- هو الله جل جلاله.. إلخ).
وقال أبو بكر بن عياش عند الأعمش عن أبي إسحاق قال: قال عبدالله علماء الأرض ثلاثة.
1 - فرجل بالشام.
2 - وآخر بالكوفة.
3 - وآخر بالمدينة.
فأما هذان فيسألان الذي بالمدينة، والذي بالمدينة لا يسألهما عن شيء.
وقال الشعبي: ثلاثة يستفي بعضهم من بعض
1 - فكان عمر وعبدالله وزيد بن ثابت يستفي بعضهم من بعض،
2 - وكان علي وأبي بن كعب وأبو موسى الأشعري يستفي بعضهم من بعض،
قال الشيباني: فقلت للشعبي: وكان أبو موسى بذاك؟
فقال: ما كان أعلمه قلت: فأين معاذ؟ قال: هلك قبل ذلك،
وقال أبو البختري: قيل لعلي بن أبي طالب، حدثنا عن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، قال عن أيهم..؟
قال عبدالله بن مسعود،
قال قرأ القرآن وعلم السنة، ثم انتهى وكفاه بذلك.
قال فحدثنا عن حذيفة،
قال: أعلم أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- بالمنافقين،
قالوا: فأبو ذر،
قال كنيّف مُلىء علماً.
قالوا: فعمار،
قال: مؤمن نسيٌ إذا ذكرته ذكر، خلط الله الإيمان بلحمه ودمه، ليس للنار فيه نصيب،
قالوا فأبو موسى.
قال: صُبغ في العلم صبغة،
قالوا: فسلمان،
قال: علم العلم الأول والآخر بحر لا ينزح منا أهل البيت.
قالوا: فحدثنا عن نفسك يا أمير المؤمنين،
قال: إياها أردتم، كنت إذا سئلت أعطيت، وإذا سكت ابتديت.
وقال مسلم عن مسروق شاممت أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- فوجدت علمهم ينتهي إلى ستة إلى علي وعبدالله وعمر وزيد بن ثابت وأبي الدرداء، وأبي بن كعب، ثم شاممت الستة، فوجدت علمهم ينتي إلى علي وعبدالله، وقال مسروق أيضا: جالست أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- فكانوا كالإخاذ، الإخاذة تروي الراكب، والإخاذة تروي الراكبين والإخاذة تروي العشرة، والإخاذة لو نزل بها أهل الأرض لأصدرتهم، وإن عبدالله من تلك الإخاذ.
وقال الشعبي: إذا اختلف الناس في شيء فخذوا بما قال عمر.
وقال ابن مسعود: إني لأحسب عمر ذهب بتسعة أعشار العلم.
وقال أيضاً: لو أن علم عمر وضع في كفة الميزان، ووضع علم الناس في كفة لرجح علم عمر.
وقال حذيفة: كأن علم الناس مع علم عمر دسَّ في جحر.
وقال الشعبي: قضاة هذه الأمة عمر وعلي وزيد وأبو موسى.
وقال سعيد بن المسيب: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن.
وشهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لعبدالله بن مسعود بأنه عليم معلم وبدأ به في قوله (خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد، ومن أُبي بن كعب ومن سالم مولى أبي حذيفة، ومن معاذ بن جبل.
وقال عقبة بن عمرو: ما أرى أحداً أعلم بما أنزل على محمد- صلى الله عليه وسلم- من عبدالله، فقال أبو موسى: إن تقل ذلك فإنه كان يسمع حين لا نسمع ويدخل حين لا ندخل، وقال عبدالله: ما أنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيم أنزلت.
ولو أني أعلم أن رجلاً أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته.
وقال زيد بن وهب: كنت جالساً عند عمر فأقبل عبدالله فدنا منه، فأكب عليه وكلمه بشيء، ثم انصرف فقال عمر: كُنيفٌ ملىء علماً.
وقال الأعمش عن إبراهيم: إنه كان لا يعدل بقول عمر وعبدالله إذا اجتمعا، فإذا اختلفا كان قول عبدالله أعجب إليه لأنه كان ألطف.
وقال أبو موسى: لمجلس كنت أجالسه عبدالله أوثق في نفسي من عمل سنة.
وقال عبدالله بن بريدة في قوله تعالى { حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا } سورة محمد (16) خاصة التصدر والتفرد والسكن شهرة المركب.
وبين هناك أمور غاية في دقة الطرح عن حالهم وشدة تحريهم وولائهم وتقواهم وورعهم، وكيف أنهم يفتقون (النوازل) بعقول راسخة وقلوب نيرة وأن الواحد منهم بعلمه مع بساطته، وتواضعه وزهده يساوي علماء مدينة من المدن وأكثر من ذلك.
وأنت واجد هذا في الكتب الستة حينما نقل عنهم كبار علماء هذه الأمة ما رفعوه وما هو: موقوف عليهم من الآثار في السياسة بخاصة وعامة، وما بينه كذلك: الآمدي والغزالي والسرخسي وابن دقيق العيد وابن تيمية وابن قيم الجوزية من آراء حرة خالدة في شؤون النظر وسياسة العمل، وتبادل المعلومات والسفر من أجل ذلك.
قال هو: عبدالله بن مسعود.
وقيل لمسروق: كانت عائشة تحسن الفرائض؟
قال: والله لقد رأيت الأحبار من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسألونها عن الفرائض.
وقال أبو موسى: ما أشكل علينا أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- حديث قط فسألناه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً.
وقال ابن سيرين: كانوا يرون أن أعلمهم بالمناسك عثمان بن عفان، ثم ابن عمر).
ثم ذكر (كبار العلماء) في الأرض كلها في جملة أطرافها، ثم فصل وبين حقائق وضوابط، وما كان عليه هؤلاء الكبار حال الاتفاق، وحال الاختلاف، وبين كذلك استقراء حالات الإضافات العلمية العجيبة التي تتعجب كيف تمت مع بساطة الحال وكراهية المظاهر.
ولقد يطيب لي من خلال هذه الإجابة المختصرة أن أهيب بالعلماء والباحثين وسواهم ممن ينظرون ويبحثون حال سياسة العلم والإدارة والتنقيب في زوايا نوادر كنوز علوم ومعارف هذه الأمة أن ينظروا بوعي فطن عال مسؤول، هذا الكتاب (إعلام الموقعين) ففيه مع دقة النظر وسعة البال وصلاح النية الزكية وحرارة الشعور بالمسؤولية تجاه التجديد في شؤون الحياة، وكذا الإضافات العلمية ما ينير لهم السبيل القويم القيم.
|