لكل أمة أيام عز ورخاء، تعتبر مرورها عيداً كل عام فما من أمة إلا وبلغت المجد وانتقلت من الحضيض إلى القمة.
فالمملكة السعودية منذ عام 1351هـ وبعدما أعلن صاحب الجلالة المغفور له الملك عبدالعزيز توحيد شمل هذه البلاد وتتويجها باسم المملكة العربية السعودية منذ ذلك اليوم وهي تسير بخطى حثيثة نحو العزة والرقي.. وستصل إلى القمة إن شاء الله بعين ذلك الرجل الساهرة صاحب الجلالة الفيصل المعظم، فقد بسط يديه على جميع المرافق المتخصصة بنهضة البلاد وسلامتها وجعل نصب عينيه جميع متطلبات النهوض بها في شتى الميادين وسلامتها من أيدي الطامعين وحفظ كل ذرة من ترابها.
فهذه البلاد قبل أربعين عاماً على الأكثر لم تكن سوى صحراء قاحلة مكونة من هضاب سوداء وجبال سمراء وبحر من الرمال، فقد يقف من كان في ذلك العهد أو من كان يسمع عنها مبهوتاً مسحوراً لما يراه من تقدم ورقي في جميع الميادين وذلك في مدة قصيرة، فالبلدان الأخرى لم تصنع حضارة كهذه الحضارة التي ترفه فيها هذه البلاد في مدة كهذه المدة.
نعم قد صنع لهذه البلاد صاحب الجلالة أبرز معالم التقدم والرقي التي لو جمعت في بوتقة واحدة لنتج معجزة فوق هذه الرمال، حقاً إنها معجزة تلفت نظر الناظر إليها وتدهش الرائي إذا رآها، إنه يرى جنة الجنان وليست كبحر من الرمال كما ذكرت آنفاً، ولتثبت في ذهن هذا الناظر بأن الحياة وقيام الحضارة ليس من الضروري أن تقام على ضفاف الأنهر وداخل الغابات المفروشة بالزروع الخضراء.
فقد أثبت وجودها صاحب الجلالة الملك المعظم فوق هذه الرمال وجعلها واقفة منتصبة الصدر بجانب الدول الأخرى إن لم تتفوق عليها في بعض المرافق.
فجلالته استطاع أن يهيئ الأمن والاستقرار لتثبت هذه البلاد من أي زحزحة أو تحريك وهذا هو الشيء المفقود عند معظم البلدان وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على العبقرية الفذة والحكم المستمد من كتاب الله وسنة رسوله، وهذه أكبر نعمة من نعم الله التي أنعم بها علينا في هذا العهد المجيد ونستطيع أن نثبت بأن ذلك من نعم الله بقراءتنا للصحف والمجلات وسماعنا للأخبار بما يحدث في معظم البلدان من حوادث خطيرة ومصائب مؤلمة تدل على عدم توفر الأمن والاستقرار وخير شاهد على ذلك دولة أمريكا أقوى وأعظم الدول نجدها مهددة في كل ثانية ودقيقة بعدم الأمن والراحة، فقد هيأت لنفسها القوة العلمية والدفاعية وجميع المجالات وتخطت ذلك لتثبت بقاءها على غير كوننا هذا فاتجهت إلى كون آخر ألا وهو القمر، ولكن هذا التقدم الباهر لم تستطع أن تهيئ الأهم من ذلك وهو الأمن التام.
ومن المعروف بديهياً أنه إذا فقد الأمن فقدت لذة هذه الحياة.
إن هذه الميزة التي منّ الله بها على هذه البلاد والفريدة بها بين جميع دول العالم لناتجة من العين الساهرة على جميع الشؤون والقضايا وهذا خير دليل يشهد بأن هذا العهد عهد مجيد حقاً.
ثم نجده جلالته لم يبخل على هذه البلاد بأي شيء يدر عليها بالمنفعة والخير فوهبها أولاً وقبل كل شيء.
فلم يمر يوم على هذه البلاد إلا والفيصل يهدي إليها المشاريع الفريدة والتي تكلف ملايين الريالات.
فبالأمس طار الفيصل إلى المنطقة الجنوبية ليقدم هدية فريدة في الشرق الأوسط لأبطال جيشه الأشاوس قدرت بخمسمائة مليون ريال، إنه مبلغ طائل جداً، ولكن الفيصل حفظه الله لا يعتبره إلا قليلاً من كثير فلا شيء غال على هذا الوطن في رأي جلالته ثم نرى جلالته يسير براً إلى المنطقة الشرقية في غضون الأيام الماضية القريبة ليتفقد أحوالها وليهدي إلى أبنائها مشروعاً من أعظم المشاريع مرت خمس سنوات على بدء إنشائه، إنه مشروع الري والصرف فجلالته لا يهتم بقطاع ويهمل الآخر بل يجسم جميع القطاعات ويجعلها نصب عينيه، فقدم هدية الأمس إلى أسوده الأشاوس أبطال القوات المسلحة ونراه اليوم يقدم بيديه هديته إلى أبنائه المزارعين!
إنها منتهى العناية بجميع القطاعات وملاحظتها من جميع الجوانب فهنيئاً لأفراد ذلك الشعب بهذا الرجل الذي بهر الشرق والغرب بحسن حنكته ومعالجة مشاكل بلاده الداخلية والخارجية بأحسن صورة.
ثم ها هو جلالته يهيئ لطلبة العلم أفضل العلوم العصرية بإنشاء كلية الطيران ليتعلم فيها الطالب مهنة العصر ألا وهي فن الطيران ليقوم بالذود عن هذا الوطن وليصبح نسراً يصارع الشمس في كبد السماء وجلالته لا يقتنع بما أعطى فأمر بإنشاء كلية البترول والتي تعتبر النواة الوحيدة في الشرق الأوسط ليتلقى الطالب فيها أحدث العلوم عن هذا العصر في شتى المجالات علاوة على الجامعات والكليات والمعاهد الأخرى.
نعم الفيصل لم يبخل على هذه البلاد فقد خطا وقاد مسيرتها حتى وقف بها على مقاعد القمم وكفى بأن التاريخ سيسطر له سطوراً ناصعة في أولى صفحاته عن منجزاته الضخمة وعهده الزاهر والله نسأل أن يحفظ ذلك البطل الأشم ذخراً لهذا الوطن.
|