بعد رحيلك أيها العزيز، أو ربما بعد هجرانك، والأكيد بعد رحيل مأمني الذي كنت فيه طفلة حالمة، أنام تحت عيونك الحنونة وأختبئ، كنت أسافر مع أحلامي ومع الأماني، ومن دون خوف أسافر لأي مكان، كنت متيقنة بأن أبواب مدينة قلبك دائما مفتوحة لي فهي ديار الأمان لطفولتي..
كنت أرسم الدنيا بألوان زاهية في لوحة متواضعة أصف جمالها، أرسم ووجهي مليء بالفرح لم أشعر بقسوة الزمن ولم أتساءل أبدا ماهو المجهول؟
بعد رحيلك أيها العزيز، أو بعد هجرانك، والأكيد بعد رحيل روحك إلى الخالق، ورحيل جسدك الطاهر المطروح في ساحة الموت ساكناً من دون حراك يلتف الناس حوله، ينظرون إليه ويتأملون.. يترحمون على روحه الطاهرة.
هنا بعد رحيلك تحطم وجه الطفولة وكشر الزمن عن أنيابه لتصبح خطواتي متبعثرة أتخبط بدونك يمينا وشمالا ..أصبحت بقايا مشاعر تتلاعب بها الهموم تترسب هناك في الأعماق.. وأنا فاقدة ذاكرة الأيام أحسب أيام حاضري من دون هدف من دون عنوان، أنا لا إنسان ..محسوب فقط في عداد الوجود لا أكثر..
بعد رحيلك رحل إنسان كان له ماض وعنوان.. كان له قلب ومكان.. كنت معه وكان له زمان تركته وأناس تتغنى بآهاته، وجروحه تركتني أعيش في حاضر يائس، أريد أن أعيش بارتياح ،لكني لا أقوى، وكيف لي أن أحيا وأنت في عالم بعيد ؟وأنا في دنيا، وقد تملكني حبك وهو أقوى من إرادتي كيف لي أن أعيش؟
أيها الحبيب العزيز؟ أعترف لك أنني في بحور الماضي أغوص وفي فك الحنين إليك ألتهم ..وقد استحوذ عشقك على روحي المتعطشة، أعترف لك أنني حقا أحتاج لعطائك أفتقدك كثيرا ياأبي العزيز..
|