* بغداد - د. حميد عبد الله:
من يزور مدينة العمارة (350 كم جنوب بغداد) يندهش من مشهد المجانين وهم يجوبون شوارع المدينة وازقتها، يرتدون ملابس رثة ويقومون بحركات مضحكة مرة ومفجعة مرات! هؤلاء المجانين بعضهم جنَّ لأسباب سياسية وآخرون كانوا ضحايا حروب صدام لكن الجميع يشتركون بهم واحد هو عدم قدرة عوائلهم على توفير العلاج اللازم الذي يمكن ان يخفف من درجة جنونهم أو أن يعيد لهم قليلا من عقولهم التي فقدوها.
بعض هؤلاء المجانين جنَّ بسبب ملاحقة مخابرات صدام له في لندن فهذا المجنون الذي يدعى أمير حسن، حاصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية وكان رجال المخابرات يشكّون بانتمائه للحزب الشيوعي العراقي مما اضطر أمير أن يهاجر إلى لندن في مطلع عقد الثمانينات لكن المخابرات ظلوا يلاحقونه وقد تابعوه في لندن وبينما كان يستحم في إحدى الحمامات العامة في العاصمة البريطانية تعقبه ثلاثة من مخابرات صدام والقوا به من الطابق الثالث فتسببت الحادثة في إحداث رجة في المخ فقد على إثرها عقله وبعد دخوله إحدى المستشفيات العقلية في لندن استعاد قدرته على التوازن ففضل العودة إلى العراق ليقضي بقية حياته بين أفراد عائلته وفي ربوع وطنه لكنه وبعد ليلة واحدة من وصوله إلى مدينة العمارة اقتاده رجال الأمن وأودعوه في إحدى الزنزانات لمدة عام كامل ثم افرجوا عنه وهو مصاب بأعلى درجات الجنون وظل أمير يجوب شوارع العمارة حتى هذه اللحظة ولا يمتلك أهله ثمن توفير العلاج له أو نقله إلى مستشفى المجانين.
|