* لندن - اندرو ميتشل (رويترز):
يقول المحللون إن وقف الاتجاه الصاعد في أسعار النفط الذي دفعها إلى مستويات جعلت وصولها إلى مستوى 50 دولارا للبرميل أمرا واردا يحتاج إلى حدوث تحول كبير.. مثل كساد اقتصادي أو شتاء دافئ أو ربما تغيير الرئيس الأمريكي.
وارتفعت الأسعار بالفعل بأكثر من الثلث هذا العام مسجلة ذروتها اليوم الاربعاء عند 44.28 دولاراً للبرميل وهو أعلى سعر منذ بدء تداول عقود النفط الاجلة في بورصة نايمكس بنيويورك قبل 21 عاما.
ومرة تلو الأخرى يقدر المحللون حدا لارتفاع الأسعار لكن مسيرة الصعود تتجاوزه مع استمرار الطلب القوي الذي لا يترك أي ثغرة في نظام الامداد العالمي للتكيف مع الاضطرابات المحتملة في امدادات منتجين كبار مثل العراق وروسيا وفنزويلا.
ويرى المحللون أنه مثلما أحدث النمو المفاجئ في الطلب على النفط في الصين ثورة في سوق النفط العالمية هذا العام فان الأمر يحتاج إلى تغيير اقتصادي أو سياسي كبير لخفض الأسعار الان. وقال الاقتصادي فيليب فيرليجر في اسبين كولورادو (التراجع عن المستويات الراهنة لن يحدث قريبا ولن يكون سهلا).
وأضاف (يجب أن نرى زيادة في المخزونات ويحتاج ذلك بالفعل إما إلى كساد كبير أو شتاء معتدل يجعل لدينا مخزونا كبيرا من زيت التدفئة).
وعززت المخاوف من أن يشن متشددون إسلاميون هجمات على البنية الاساسية للطاقة مما شجع على عمليات شراء مكثفة من جانب صناديق استثمار كبرى تراهن على جني أرباح كبيرة إذا واصلت الأسعار ارتفاعها.
وأغلب الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) تنتج النفط بكامل طاقتها لذلك ليس هناك فرصة لظهور زيادة مفاجئة في الامدادات تحد من الأسعار في السوق.
ومشروعات التنقيب المؤهلة باسعار اليوم لتحقيق انتاج جديد تحتاج لسنوات. وأفاد تقرير لمؤسسة (بي. اف. سي انرجي) دون توقع أي أنباء خافضة للأسعار ومع اقتراب الطلب على النفط الخام من ذروته خلال العام سيكون أمام المضاربين الفرصة لمواصلة دفع الاسعار لارتفاعات جديدة في الأسابيع المقبلة.
وقد يكون السبيل الوحيد لتهدئة اسعار النفط هو أن ترتفع الأسعار بدرجة كبيرة حتى تبلغ ذروتها فتنخفض كما يحدث في الدورات الاقتصادية. وحتى الآن يبدو أن الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة لم يؤثر بدرجة تذكر على نمو الاقتصاد العالمي مع تباطؤ محدود في النمو الصيني وتحقيق الاقتصاد الأمريكي لنمو قوي.
لكن الاقتصاديين يحذرون من أن أسعار النفط تقترب الان من مستويات الاسعار التي ستعوق النمو العالمي وهو ما يؤدي بدوره للحد من الطلب على الوقود. ويقول ليو درولاس في مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن (سيكون هناك أثر لاحق لاسعار النفط على الطلب. إنه أمر يحتاج لوقت لكنه يحدث والناس ينسون ذلك مما يعرضهم للخطر).
وفيما قد يكون مؤشرا على ارتفاع معدلات التضخم ارتفعت أسعار النفط مقتربة من المستويات التي بلغتها أثناء الحظر العربي على تصدير النفط عام 1973 وأعلى قليلا من نصف مستواها أثناء الصدمة النفطية التي أعقبت قيام الثورة الإيرانية عام 1979. ودفعت هاتان الصدمتان النفطيتان الاقتصاد العالمي إلى حالة من الكساد.
وقال بنك باركليز كابيتال في تقرير (في حين تجاهل الاقتصاد العالمي حتى الان ارتفاع سعر برميل النفط إلى 40 دولارا إلا أن الارتفاع المطرد عن مستوى 50 دولارا سيأخذ أسعار النفط إلى نطاق يكون لها فيه أثر ملحوظ على النشاط) وتغيير الرئيس الأمريكي في الانتخابات المقررة في نوفمبر تشرين الثاني المقبل قد يكون من العوامل الأخرى المهمة التي قد تساهم في تهدئة الأسعار.
ولا يرجع ذلك إلى اتجاه المرشح الديمقراطي جون كيري لتشجيع مصادر الطاقة البديلة بقدر ما يرجع إلى اعتباره من جانب البعض أقل ميلا من الرئيس الحالي جورج بوش للانخراط في أعمال عسكرية في الشرق الأوسط.
وقال متعامل أوروبي في سوق النفط (إذا كانت الولايات المتحدة أقل ميلا لخوض حرب بسبب النفط فإن نسبة كبيرة من علاوة الحرب الراهنة ستتبدد).
لكن هذا الاحتمال مازال يطغى عليه الأثر المحتمل لتعطل كبير في الإمدادات رغم أن حدوث ذلك سيواجه بسرعة بالسحب من الاحتياطيات الاستراتيجية.
ويورد فيرليجر على سبيل المثال احتمال ان تتعطل صادرات الخام الايراني في إطار تداعيات الصراع مع الامم المتحدة بسبب برنامج طهران النووي.
وأضاف فيرليجر (كل ما يتعين على إيران عمله لدفع أسعار النفط إلى 60 و70 و80 دولارا للبرميل هو أن تعلن وقف صادراتها كرد انتقامي على قرار لمجلس الأمن).
وربما يكون ذلك أمرا افتراضيا لكنه يظل معبرا عن المخاوف التقليدية لمشتري النفط الذين يرون سوقا تنقصها الامدادات إلى أقصى درجة ومستعدون لدفع المال لتأمين الامدادات.
وتابع (خفض الأسعار يحتاج لتغيير في نفسية المشتري بالأجل).
|