لو قلت إننا جميعاً ضحايا المعلومة الخاطئة والتحوير لما أظنني أخطأت ذلك. وهنا لا بد أن يأتي الإعلام على قائمة المسؤولية من الناس وإليهم.
كلنا تابعنا قضية الاعتداء الشهيرة على زوجة من زوجها، والتي تجاوزت آثارها الحدود.
ظننا أن الموضوع انتهى بنهم الإعلام وسبقه عند حدود المصالحة، غير أن المسألة استعيدت باستضافة الزوج على قناتين فضائيتين، ولم يفصل بين توقيتهما سوى أربع وعشرين ساعة.
ما الجديد إذاً؟ كيف سيشبع الإعلام نهمه ونهم فضول المتابعين لما خلف الحقائق؟ لا شيء. المفاجأة أن المقابلتين تمَّتا مع الرجل الذي بقي يسرد الواقعة بفلسفة مستفيضة، فتارة يقولب الأمور كيفما أراد، وتارة أخرى يضع محاوريه في الزاوية؛ ليطرح عليهم نفس الأسئلة!
والغريب هو محاولة دعم موقفه بالاتكاء والاستشهاد على بعض الآيات القرآنية، وأحاديث للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؛ ليؤكد في بعضها أن الرسول نهى عن ضرب المرأة على وجهها، بينما أدخلنا في تفاصيل عائمة وشتَّت الموضوع القضية التي يفترض أنه أهمل إذا كانت هذه هي الخلفية الحقيقية.
هنا، لا بد من إشارة واضحة، وهي استدعاء مشاعر العامة، وتحسين الصورة المشوهة بالتسلُّق على صور الدين السمحة والنقية، والتي يكفلها التعاطف والتراحم لأي كان.
هل كنا من البراءة بمكان أن نضحك على بعضنا البعض ونهمل أدوات التحليل المنطقي والواقعي، وأن نصبح جميعاً كمتلقين أداة عبور سهلة لمن أراد أن يجمل نفسه بأن يستغل مشاعرنا الروحية بالاستشهاد بسيل من الأحاديث الشريفة والآيات الكريمة؟ هل يظن بعض الإعلام أننا من السذاجة بحيث لا نميز بين تعاليم ديننا ممثلة في كتابه الكريم وقدوة البشر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وبين هفوات آخرين حادوا عن الطريق الصحيح؟ ليس ذلك فقط، فقد أدخل الضيف في أخلاقيات رجالنا وشهامتهم وتاريخ المملكة ككل وحتى الحملات الخارجية علينا، وإننا لن نقبل في بيوتنا ما يملى علينا من الخارج!
أليس كلنا يعلم ما هي تعاليم الدين الحنيف إزاء مثل هذه القضايا؟ أوليس القائل: (إن امرأة دخلت النار في قطة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي دعتها تأكل من خشاش الأرض) هو الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؟ وكيف يسمح القائمون بذلك اللغط الصريح بين الأحاديث وبين آيات الكتاب الكريم، وقد ذكر حديثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول...) على أنه قول للعزيز الحكيم؟
لا أدري أي تقييم وتمييع يمكن أن يعطى لهاتين المقابلتين، مع مَن استخف بنا وبعقولنا وبمشاعرنا أيضاً، خصوصاً مقابلة كأس العصير، عندما بدت فبركة التقارير الطبية وما دون ذلك واضحة تماماً، وكان أسلوب الحوار أشبه بالتسطيح، خصوصاً عندما تبادلا أطراف الحوار مع كأس العصير والمسبحة!!
|