فمع الاقبال منقطع النظير على الزواج في كل صيف لاهب تزحف الخاطبات نحو الاعراس والمناسبات بحثاً عن زوجة مناسبة توافق طلب شاب مقبل على الزواج. ويعقد مسألة الزواج وسريانه الاشتراطات الزائدة في مواصفات الزوجة والغريب ان الذي عليه الغالب بل السواد الأعظم من الشباب هو طلب أفضل الصفات الشكلية والظاهرية من الشعر المنثور على الأرداف والخصر المنحل والقد المياس والذي لا يعبر غالباً - في رأيي - سوى عن فقر الدم والشعر المشقر أو الأسود والعينين السوداوين المتسعتين او الرموش المستعارة الخ.. ولكن من المعلوم أن كل هذه الصفات الشكلية ليست ثابتة أو علامة فارقة فالمرأة الرشيقة الأنيقة قد تتحول بقدرة قادر بعد الزواج الى كتلة من الشحوم والدهون بفعل العجز والكسل والخادمات ولن يسعف الشد والربط ولا الترميم. وكن متماسكاً أيها الشاب امام الترهلات والخمول والنوم حتى الظهر بسبب الخادمات والوزن الزائد.
إن هناك اشياء أهم بكثير وتشكل معالم لخريطة الزواج يجب مراعاتها من قبل الشاب وحتى الشابة لأن لها حق الاختيار فهي تحمل المشاعر الإنسانية والنوايا الأخلاقية ذاتها في طلبها للزواج من العفة والستر وطلب الولد {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ربما لم أو لا يفطن البعض من الشباب أن الجمال جزء لا يستهان به في مسألة الزواج ولكن هناك أسساً في الزواج لا تخلو من طلب التدقيق فلكل فرد ما يناسبه من النساء كالسؤال عن طيب المعاملة وحسن المعشر والذكاء الفطري والمكتسب والإلمام بأعمال المنزل وحسن المعاملة للوالدين والصلة بهما فضلا عن الاخلاق والدين مصداقاً لقول الرسول عليه افضل الصلاة والسلام: (فأظفر بذات الدين تربت يداك) الحديث.. وهما جانبان من البديهي السعي في طلبهما ولكن القصد أن التركيز والمبالغة في طلب المواصفات الشكلية للزوجة امر على غير المعتاد قبول المبالغة فيه وهو ما يدخل الشباب في حيرة وأهلهم في التباس في هل توافق هذه الفتاة ذاك الفتى؟ والواقع ان عمق الزواج وقدسيته تتمركز في الدين والخلق وما عداه فيدخل في مهاترات وتعريض ببنات المسلمين في ارتفاع ونزول في حظوظ وأسهم الفتاة في الزواج والستر. كما قد يعيب على الشباب كثرة ودقة طلب المواصفات الشكلية لأن هذا قد يعبر بصورة أو بأخرى عن ضعف في شخصية الشاب بتردده. كما أن الإنسياق وراء رغبات الشباب في تجاوز فلانة لانها غير متوافقة مع طلباته الخاصة إلى فلانة قد يسبب إحراجاً أو أذى نفسياً لبعض الفتيات وهذا بسبب ان الرحلات الاستكشافية للخاطبات لا تخلو من الغلط والثرثرة بما لا ينفع في مسألة سرية وشخصية الخطبة، ومن الأمور المتعلقة بالزواج والتي لا زال المجتمع يعاني منها هي مسألة طلب البنت الصغرى قبل الكبرى للزواج وهنا فإن الثقة بالنفس والنية الحسنة للفتاة سوف لن تدع للوساوس وللهموم مجالاً أو طريقاً إلى تفكيرها ولو لوهلة، فالحياة بتفاصيلها كتبت قبل وجودها من العدم وتأخرها في الزواج لا يغير في الأمر شيئاً من السعادة أو عدمها، كما أن تناقل الصور بين يدي الخاطبات والشباب أو الفتيات أمر لا يخلو من عدة محاذير لا تحمد عقبى الاستهانة بها حتى ولو افترض حسن النية فبأي حق يتم تداولها وكيف عندما تسقط هذه الصورة أو تلك بيد من لا يخاف ولا يخشى.. إن الزواج بحد ذاته يعد حياة جديدة لكلا الطرفين من الشاب والفتاة ومن هنا فإن التوافق في الاتجاهات والدوافع وراء الزواج وتكوين أسرة صالحة بوالديها وأفرادها هو الأهم من الشكليات الزائفة.
|