تعقيبا على الخبر الذي كتبه الزميل أحمد الأحمدي من مكة المكرمة بتاريخ 17-5-1425هـ يقول الخبر (الشيخ القحطاني يجيب على سؤال: هل يمكن أن يكون الآباء أعداء للأبناء؟!) وكانت المحاضرة للشيخ الدكتور أنس بن سعيد بن مسفر القحطاني.. ويقول الخبر بدأ الشيخ محاضرته بتوجيه رسالة عتاب إلى كل أب فرط في التربية ولم يعط الأبناء حقوقهم الواجبة عليه من تربية صالحة وسلوك قويم ومنحهم حريتهم كاملة فضلوا وأضلوا.. وبين أن الأب قد يكون عدوا لابنه حين يهمل تربيته ويتغاضى عن توجيهه وتعليمه أمور دينه ويبخل عليه بالحب والعطف والحنان.. مؤكدا أن مسؤولية الأب لا تقتصر على النواحي المادية من طعام وشراب ومأوى بل إن الجوانب المعنوية والنفسية من أولويات مسؤوليات الآباء.. هكذا يجب أن تكون المحاضرات في هذه الأيام ومع كثرة المهرجانات يجب أن يركز على الشباب وما يعانون منه من ضياع وإهمال وسوء تربية وغياب آباء عن أسرهم أوقات كثيرة وسفر آباء وترك أبنائهم.. نقول للشيخ أنس بن سعيد شكرا لهذا الشيخ الشاب على محاضراته الشيقة دائما وإن كنت لم أحضرها ولكنني أستمع إليها بواسطة الأشرطة.. لقد وضع اليد على مكان الجرح.. الشباب وما أدراك ما الشباب ثروة غالية ولكن إذا ضاعت هذه الثروة ماذا بقى لنا؟؟ أعتقد ويعتقد كل لبيب بأنه لن يبقى لنا شيء إذا ضيعنا ثروة الشباب خاصة.. أي ثروة أخرى إذا ضاعت يمكن أن تعوض ولكن الشباب إذا ضاعوا من يعوضهم؟ الشباب ما بين فضائيات وغياب أسري ومخدرات وسفر وجفاء أسري نلاحظه ورغم حاجته إلى الاحتواء الأسري في هذا العصر وكل ذلك بسبب غياب الآباء وبسبب بعدهم عن أبنائهم.. بسبب هجرهم لمنازلهم.. بسبب أنانيتهم.. بسبب حبهم لذاتهم وترك أبنائهم يغرقون في عالم الضياع.. بسبب انشغالهم بأمور الحياة.. إذا انشغل الأب من يرعى الابن؟! لن يجد له راعياً بعد الله إلا والده وأسرته ولكن إذا كان هذا الأب تاركا ابنه في وادٍ وهو في واد!! هل يأتي أحد وينظر إليه؟ لا لن يجد من ينقذه من غرقه إلا أقرب الناس إليه والمسؤول عن تربيته وهو والده ولكن إذا وجدنا الأب بعيداً كل البعد عن تربية ابنه وبعيداً كل البعد عن مبادئ التربية وبعيداً كل البعد عن منابع العطف و الحنان لابنه.. فكيف نلوم هذا الشاب المراهق إذا وقع في عالم الضياع وانضم إلى جلساء السوء وغيرهم وأصبح محترفاً بكل ما تعنيه الكلمة من ضياع.. بهذه الحالة يأتي الأب ويريد أن يلوم الآخرين، ولكن لا .. اللوم يقع عليه وليس على الآخرين، لا شك أن التربية تريد تضحية وتريد تنازلات عن بعض المشاغل وتريد مرافقة أخوية ما بين الابن وأبيه وأيضا استعانة بالله سبحانه تعالى وصبر وما هي إلا أيام وسنوات إلا وهذا الابن يكون صاحب خلق وسلوك سوي ويتجاوز مرحلة المراهقة وبعدها تقل المسؤولية عن الوالد وتتركز على الابن وبالفعل يجد هذا الأب ثمرة تربيته وصبره ويشكر الله أن وفقه لإيجاد ابن صالح يخدم مجتمعه ويدعو له بالخير.. ولكن إذا الأب ترك بينه وبين ابنه فجوة كبيرة تزيد مع مرور الأيام و مع كثرة جلساء السوء فكيف له يريد أن يصلح ابنه.. عالم الشباب عالم يوجد فيه الغرائب والمتناقضات ولكن لا تتركوهم لأيدي أعدائهم وجلساء السوء.. لاتجعلوهم سهلي المنال بل اصنعوا جيلاً متربياً تربية صحيحة وسليمة وبعيدة كل البعد عن الانحراف وأسبابه.. اجعلوا بينهم وبين جلساء السوء سياجاً قوياً وسداً حصيناً حتى لا يقعوا فريسة لهؤلاء الأعداء.. افتحوا صدوركم لهم كما قال الشيخ .. أعطوهم من أوقاتكم .. ضحوا من أجلهم .. قدموا لهم .. ابحثوا عن مكامن آلامهم وحاولوا علاجها.. أوجدوا لهم قنوات اتصال بزملاء صالحين لا تجعلوا مشاغلكم أهم من صلاحهم بل أجلوا ما يمكن تأجيله وقفوا بجانبهم حتى يستطيعوا السير في الطريق السليم وبالتالي دعوهم لوحدهم وسوف تجنون ثمار تلك التربية وهي ثمار عظيمة إن شاء الله لا يعادلها أي ثمار أخرى..
كل هذا استوحيناه من ما نشاهده من انحراف لشباب مراهقين ما زالوا قصراً ولم يأت هذا الانحراف من فراغ بل من غياب الأب وانشغاله وسفره وسهره ووجود جليس السوء والمؤثرات الأخرى من فضائيات.. مخدرات .. سفر.. فراغ .. وتكون النتيجة ترك دراسة.. وقوع في مخدرات.. سرقة .. سهر بالليل .. نوم بالنهار .. وخاصة خلال هذه الإجازة حيث إننا نجد بالفعل أبناء ضائعين وآباء غافلين وآباء مسافرين!! إذا لا تلوموا الشباب إذا اصطادهم أعداؤهم بل اجعلوا المسؤولية يتحملها الأب والمجتمع واللوم اجعلوه مشتركاً.. في الختام أتمنى من الله لكم أبناء صالحين.
مناور بن صالح الجهني
الأرطاوية - الجزيرة |