في مثل هذا اليوم من عام 1919 بدأت الانتفاضة العسكرية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك ضد السلطنة العثمانية.
ولد مصطفى كمال سنة 1880 بمدينة (سالونيك) التي كانت خاضعة للدولة العثمانية، أما أبوه فهو (علي رضا أفندي) الذي كان يعمل حارساً في الجمرك، أما لقب (كمال) الذي لحق باسمه فقد أطلقه عليه أستاذه للرياضيات في المدرسة الثانية. وبعد تخرجه في الكلية العسكرية في استنبول عين ضابطاً في الجيش الثالث في (سالونيك) وبدأت أفكاره تأخذ منحنى معادياً للخلافة. وما لبث أن انضم إلى جمعية (الاتحاد والترقي) ، واشتهر بعد نشوب الحرب العالمية الأولى حين عين قائداً للفرقة 19، وهُزم أمامه البريطانيون مرتين في شبه جزيرة (غاليبولي) بالبلقان. وبدأ اتاتورك يشعل ثورته التي يحميها الإنجليز، وانضم إليه بعض رجال الفكر وشباب القادة الذين اشترطوا عدم المساس بالخلافة، واستمر القتال عاما ونصف العام ضد اليونانيين. وبعد تجدد القتال بين أتاتورك واليونانيين في 1921 انسحبت اليونان من أزمير ودخلها العثمانيون دون إطلاق رصاصة، وضخمت الدعاية الغربية الانتصارات المزعومة لأتاتورك، فانخدع به المسلمون وتعلقت به الآمال لإحياء الخلافة، ووصفه الشاعر أحمد شوقي بأنه (خالد الترك) تشبيهاً له بخالد بن الوليد. وعاد مصطفى كمال إلى أنقرة حيث خلع عليه المجلس الوطني الكبير رتبة (غازي) ، ومعناه الظافر في حرب مقدسة، وهو لقب كان ينفرد به سلاطين آل عثمان، فتعزز موقفه الدولي والشعبي، ووردت عليه برقيات التهاني من روسيا وأفغانستان والهند والبلدان الإسلامية المختلفة. وبعد انتصارات مصطفى كمال انتخبته الجمعية الوطنية الكبرى رئيساً شرعياً للحكومة، فأرسل مبعوثه (عصمت باشا) إلى بريطانيا 1921 لمفاوضة الإنجليز على استقلال تركيا، فوضع اللورد كيرزون - وزير خارجية بريطانيا - شروطه على هذا الاستقلال وهي: أن تقطع تركيا صلتها بالعالم الإسلامي، وأن تلغي الخلافة الإسلامية، وأن تتعهد تركيا بإخماد كل حركة يقوم بها أنصار الخلافة، وأن تختار تركيا لها دستورا مدنياً بدلاً من الدستور العثماني المستمدة أحكامه من الشريعة الإسلامية. نفذ أتاتورك ما أملته عليه بريطانيا، واختارت تركيا دستور سويسرا المدني، وفي نوفمبر 1922 نجح في إلغاء السلطنة، وفصلها عن الخلافة، وبذلك لم يعد الخليفة يتمتع بسلطات، وجعل نفسه أول رئيس للجمهورية التركية في 29 أكتوبر 1923 وأصبح سيد الموقف في البلاد.
|