* بغداد - د. حميد عبدالله:
مع ساعات الفجر الأولى تسلل إلى شارع حيفا في قلب العاصمة العراقية بغداد مجموعة من المسلحين الذين يحملون الرشاشات وقاذفات ار. بي. جي. وانتشروا خلف العمارات التي كان صدام يتباهى ببنائها ويعتبرها واحدة من أهم المعالم التي تؤرخ لفترة حكمه.
كلمات مشفرة بدأ يتبادلها المسلحون عن طريق هواتفهم النقالة وكان سكان العمارات يصغون السمع لهذه الكلمات التي كانت أقرب إلى الهمس لكن هدوء الليل كان يجعل كل شيء مسموعاً.
قناصة الحرس الوطني كانوا منتشرين على أسطح العمارات وهم يرصدون الشارع الذي تحول إلى قلعة للمقاومة بعد أن كان من أكثر شوارع بغداد بهجة وأماناً.
كان عناصر الحرس الوطني وقوات الاحتلال على علم مسبق باحتمال حدوث تسلل إلى الشارع بناء على معلومات استخبارية كما يبدو، وبعد أن دخل المسلحون إلى ميدان القتل والقتال أغلقت الدبابات الأمريكية مداخل الشارع ومخارجه.
وروى أحد سكنة شارع حيفا الذي كان يسترق السمع ويتابع عبر النافذة حركة الشارع المريبة أنه سمع أحد الأشخاص يقول لصاحبه: (الله معك) وبعده بثوانٍ سمع صوت دوي هائل، إذ اصطدمت سيارة مفخخة بدبابة أمريكية وقد تمكن القناصة من قتل سائق السيارة وتمكن هو من إيصالها إلى الدبابة وكان الانفجار شارة البدء لاندلاع المعركة.
كان قائد السيارة المفخخة قد تناول قدح ماء من صاحب أحد الأكشاك بينما تناول زميلان معه الإفطار عند صاحب الكشك نفسه ويبدو أن منفذ العملية قد ودع الحياة بشربة ماء فيما ترك رفاقه يمارسون حياتهم حتى إشعار آخر، حيث سيكون لكل منهم ميعاد مع الموت في شارع حيفا أو في الحي العسكري في الفلوجة أو في حي الهادي في سامراء أو في إحدى ضواحي الانبار أو غيرها من مناطق العراق التي أصبحت تتفجر موتاً وحمماً تحت أقدام المحتلين.
|