يشكل الإنسان هدف التنمية وأساسها، ويتعين عليه إزاء ذلك أن ينهض بأعبائها، وتحسين مستوى أدائه لكي يحقق غاياته المنشودة وأهدافه المبتغاة.
ومن يلقي نظرة على وجوه الإنفاق للمليارات الواحد والأربعين التي خصصها سمو ولي العهد- حفظه الله- للعديد من المشاريع الخدمية والتنمية، يدرك من أول وهلة أن محور ذلك كله هو الإنسان في هذا الوطن، الإنسان المؤهل أن يعي دوره ومسؤوليته، وأنه لبنة مهمة لإعلاء صرح الوطن وسد ثغرة من ثغراته.
وجوه الإنفاق تلك كلها وجوه مهمة، وهي متلمسة لحاجات المجتمع، إلا أن جانب التعليم يعدّ بحق الأهم من بينها، إذ ان التعليم هو بناء للإنسان القادر على فتح آفاق التنمية بشتى وجوهها، وهو السبيل الأمثل لصياغة مجتمع متكامل، تغيب عنه عوامل الضعة والضعف، ويستلهم من التاريخ تطلعاته إلى المستقبل، ويغرس القيم الفاضلة ويتعامل بها، ويمد جسور المودة مع الآخرين، ويحمل الأمانة بكل مسؤولية.
وإذا كان التعليم مهماً وفق ما أسلفت، فإن التعليم الفني والتقني الذي رصدت له حصة كبيرة من المكرمة، يعتبر في الظروف الراهنة شديد الأهمية، مواكبة لمعطيات العصر، ومسايرة لركب الحضارة، وجسراً للهوة السحيقة التي تفصلنا عن الدول التي أخذت بأسباب العلم، فارتقت في مختلف جوانب الحياة لاسيما في الجانب الاقتصادي، الذي يلقي بتبعاته على مستوى رفاهية الفرد والمجتمع.
ومما لا ريب فيه أن توجيه شباب الوطن إلى التعليم الفني والتقني يخدم القطاعين الصناعي والتجاري، خاصة مع التوجه إلى إحلال الكوادر الوطنية محل العمالة الأجنبية، الأمر الذي يعتبر بدوره دفعاً لغائلة البطالة، التي تعلو برأسها منذرة بآثار اقتصادية واجتماعية سلبية.
وإن التوسع في هذا الجانب ليشمل مرحلة التعليم العالي عبر إنشاء مزيد من الجامعات والكليات، ومنح البحث العلمي اهتماماً أكبر هو خطوة لا تقل أهمية عن سابقتها.
ومن شأن زيادة فرص الإقراض من صندوق التنمية العقاري ومن بنك التسليف، أن تحمل بوارق الأمل لفك أزمات المقترضين وإقالة عثراتهم وتحسين أوضاعهم، لكي ينالهم ما نال أسلافهم، بيد أن من المهم أن يدرك المقترض أن هذا القرض دين ينبغي سداده، وأن في المجتمع من قد يكون أحق بالقرض منه، فيشرع في السداد حتى وإن لم يحن موعده، رحمة بإخوانه الذين لم يسعفهم الحظ في نيل القرض، وجميعنا يعلم أن من لا يرحم لايرحم.
من الحكمة أن يحسن كل منا -كأبناء لهذا الوطن-الدور المنوط به، فيؤديه على أحسن وجه، يرفع راية حب العطاء وتغييب الذات، ويضع مصلحة الوطن فوق مصلحته الخاصة، متيقناً أن ذلك ينعكس بالخير عليه وعلى الآخرين من حوله، ويمتد للأجيال القادمة، وأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض.
(*)رئيس مجلس إدارة شركة دهانات الجزيرة |