نَعَم، يا ابنةَ الشغَفِ المُستبدِّ بقلبي..
لكِ الحبُّ والشعر والذكرياتُ..
وإضْمامَةٌ من حروفي الأَنيقَهْ
لكِ النَّهر والرَّوضُ والصادحاتُ..
وزَهْرُ حنينٍ رشفنا رحيقَهْ
لك الشَّوقُ، لمَّا وَصْلنا إليهِ..
رأينا المدى وعرفنا سُموقَهْ
رسمتُ لكِ الحبَّ وجهاً طليقاً..
كما رسم الفجرُ لي منكِ روحاً طَليقَهْ
هنالِكَ حيثُ رأيتُ الصَّفاءَ..
وحيثُ منحتُ الوفاءَ حقوقَهْ
هنالك حيثُ رأيتُ الصَّباحَ وضيءَ المُحيَّا..
تغازل أنغامُ شعري بريقَهْ
هنالك حيثُ تنادى الضياءُ..
ورَوْنَقُ زهرِ الرَّبيعِ..
وأَسعدَ كلُّ رفيقٍ رفيقَهْ
وحيثُ انتشَتْ نَغَماتُ الطيورِ..
وهبَّتْ إليها، تبادلُها الشَّوْقَ..
كلُّ زهورِ الحديقَهْ
وحيث استدارَ إلينا الصباحُ..
وأَلْقى علينا تَحايا رقيقَهْ
رسمْتُ لكِ الحبَّ كوخاً جميلاً..
ومهَّدْتُ بين ضلوع القوافي طريقَهْ
سكبتُ لكِ الشعرَ من فَيْضِ حبِّي..
ومن نَبْضِ قلبي..
ومن ومضاتِ الحروف الرشيقَهْ
من الوَهَج الشاعريِّ تلظَّى..
بهِ خاطري حين أذْكى حريقَهْ
من الصَّمْت حين تحوَّل نُطْقاً..
وسطَّرْتُ منه على صَمْتِ نُطْقي وثيقَهْ
رُويداً، فإني سأَطوي القوافي..
وأجتاز أَوْديةَ الذكرياتِ السحيقَهْ
سأقفز فوق رءوس الجبالِ..
لأنشر فوقَكِ ظِلَّ الغصونِ الوَرِيقَهْ
غصونٌ وَرِيقَهْ؟
سؤالٌ يفتِّق ثَوْبَ صفائي..
فهل تُبصرين فُتوقَهْ؟
حنانَيْكِ، إنْ أشرقَتْني الهمومُ بِريقي..
وإنْ صَدَمَتْني الوجوهُ (الصَّفيقَهْ)
حنانَيْكِ، لا تيأسي، إنْ طواني..
سكوتُ الإباءِ قليلاً..
وقد أَطْلَقَ اللِّصُّ في الدَّارِ بُوقَهْ
سأُخرج صمتي من الصَّمْتِ حتى..
يكونَ لصمتي حديثٌ وحتى..
يكونَ حديثي صَدَىً لنداءِ الحقيقَهْ
فنحنُ نعيش على جُرُفِ العصرِ..
عصرِ الولائمِ يأكل فيها الصديقُ صديقَهْ
على جُرُفِ العصرِ..
عَصْرِ انكسار الحضارةِ..
عصرِ الصَّباح الذي سَمَلَتْ مقلتيه خيوطُ الدُّخَانِ..
فأصبح ينسى شروقَهْ
حنانيكِ، لا تيأسي إِنْ رَسَمْتُ الجراحَ العميقَهْ
رسمتُ لكِ الحزنَ في وجهِ صمتي ونُطْقي..
وفي وجهِ شعري..
وفي وجه ساعةِ عمري..
وثانيتي والدقيقَهْ
رسمتُ لكِ الزَّفَراتِ المُسَمَّاةَ باسمي..
وباسمِ النَّسائم حين يرطِّبُها الدَّمْعُ..
من قَطَراتِ النَّدَى..
وباسمِ نساءِ العراقِ اللَّواتي..
يُراقبْنَ آثارَ بغدادنا بجفونٍ غريقَهْ
وباسم النَّخيلِ الذي مال عُرجونُه حين مال الإباءُ..
وأَلْهَبَ سَوْطُ الجفافِ عروقَهْ
وحين تلظَّى بنار الأعادي..
وأحرقت القاذفاتُ عزوقَهْ
وباسمِ يتامى فلسطيننا والثَّكالَى...
وباسم العمائم والحجر الذهبيِّ الأَبيِّ الذي..
بَلَّ في راحةِ الطفلِ ريقَهْ
وباسم البيوتِ التي أُتِخمَ الهَدْمُ منها..
وباسمِ بقايا البيوتِ العتيقَهْ
وباسمِ الذي، والَّتي، واللَّواتي..
من الضعفاء الذين تساقَوا كؤوس المآسي..
ومازال يَسقيهم الظالمُ المُستبِدُّ عُقوقَهْ
نَعَم، يا ابنةَ الشَّغفِ المُستبدِّ بقلبي..
نَعَم، سِرْتُ نحوَكِ سيراً حثيثاً..
وأسرجتُ نحوَكِ ألْفَ حِصانٍ..
ولكنْ، أبي أنْ يُطاوعني رَكْضُها الحُرُّ..
واستوحشَتْ من ظلام شجوني..
ومن حَسَراتِ القلوب الشفيقَهْ
نَعَم، يا ابنةَ الشَّغَفِ المُستبدِّ بقلبي..
رَسَمْتُ لكِ الحُلُمَ العربيَّ المُسّجَّى..
يُلَفُّ بأكفانِ ذُلّ..
ويُحْمَلُ فوق الرءوس الحَليقَهْ
إلى أين يُحْمَلُ هذا المُسَجَّى؟..
ومن دونه يتلوَّى السِّياجُ..
وخَلْفَ السِّياجِ المقابرُ..
أبوابُهنّ غَلِيقَهْ
وشارونُ يُشعلُ حَوْلَ السِّياج نَعيقَهْ
هنالكَ حيث تهاوى الشموخُ
وطابَ لقُطْعانِ قومي الرُّضوخُ
وحيث طوى الليلُ سِرَّ الضحايا..
وماتتْ من الحُزْنِ فيه الشموعُ
وحيثُ تهاوى جدارُ التَّسامي..
وأدمتْ بقايا الجدارِ الصُّدوع
وحيثُ خَشَعْنا أَمام الأعادي..
وفارَقَنا في الصلاةِ الخشوعُ..
وجرَّ عباءاتِ قومي الخضوعُ..
لماذا خضعنا؟ لماذا انهزمنا؟..
لماذا طوى النعيمُ عنَّا بُروقَهْ؟
سؤالٌ كبيرٌ تَمُرُّ الليالي..
ويَنعِقُ ناعقُ إِعلامِ غَرْبٍ..
وإعلامِ شرقٍ..
ومازال وجهُ السؤال الكبيرِ كئيبا..
ومازال لِصُّ المبادئِ..
يُطْلِقُ في الدَّار بُوقَهْ
نَعَم، يا ابنةَ الشَّغَفِ المستبدِّ بقلبي..
أقول - برغم احتدامِ المآسي- ..
- برغم التَّضعْضُع في صفِّ قومي- ..
- برغم التَّناسي - :
هنالِكَ فجر جميلٌ..
يُطلُّ علينا..
رُؤَاه المضيئةُ تُدْني الرَّجاءَ إلينا..
يُذكِّرنا بتلاوةِ آي الكتابِ..
يذكِّرنا بالدُّعاءِ المُجابِ..
برائحةِ الغّيْثِ لمَّا تحرِّكُ شوقَ التُّرابِ
هنالك فجرٌ عرفنا طريقَهْ
سيفتح بالنور بابَ الحقيقَهْ
|