في كل مرة يحل فيها شهر رمضان المبارك ضيفاً علينا فإن الكثير من حياتنا تتغير في هذا الشهر الفضيل، فالكثير من الناس- هداهم الله - قد استدلوا الطريق إلى المساجد، وأصبحوا - ولله الحمد - من الدائمين على الصلوات الخمس في أوقاتها, كما أن المصاحف قد استبشرت بهم خيراً بعد أن عادوا إليها بعد طول جفاء، ولا ننسى الكرم الذي أضحى عليه البعض من بذل وعطاء وكرم غير محدود، فهل كنا ننتظر فقط دخول شهر رمضان المبارك لتتغير تصرفاتنا وإهمالنا، أم أن هذه المبادرات هي مؤقتة فقط وتزول مع انتهاء الشهر الفضيل فنبدأ بالتكاسل عن أداء الصلوات جماعة، ونهجر القرآن إلى رمضان القادم!! لا أتمنى ذلك ولكني أتفاءل بأن نحرص كثيراً على ديننا الذي فيه صلاحنا وخيرنا في الحياة الدنيا والآخرة، لكن وعلى ما يبدو أن هناك فئة وهي قليلة- ولله الحمد - لا تغيّر فيها ليالي وأيام شهر رمضان المبارك شيئا فتبقى سلوكياتها وتعاملها مع الناس كما هو، فعندما أرى ما يصدر من هؤلاء القلة من تصرفات خاطئة في شهر رمضان المبارك فإنني أتساءل في قرارة نفسي ما الذي غيَّره إذن فينا رمضان؟ فإذا كانت أخلاقنا وتصرفاتنا كما هي قبله وبعده لم يستجد عليها جديد.. ولم تتغير ولم تصبح قابلة (للتعديل) فإذن نحن لم نستغل روحانياته ولا أدبياته الإيمانية لتحسين سلوكياتنا وتعاملاتنا مع الناس؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان خلقه القرآن كما قالت عائشة - رضي الله عنها - وهو الذي قال (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فإذا كانت هناك نقاط سلبية في حياتنا كان الأجدر بنا أن نستفيد من قدوم شهر رمضان لتصحيحها.. فالصوم ليس الإمساك عن الطعام والشراب فقط وإنما هو الإمساك عن كل ما هو حرام ومكروه ومن السباب والشتائم واللفظ البذيء، وعندما أقول ذلك لما يحدث أحيانا من شجار بين البعض من الناس وفي عز النهار على موضوعات بسيطة لأن نفوس البعض في رمضان شينه وقابلة للانفجار في كل لحظة، وهناك من الصور اليومية التي نستعرضها في شوارعنا وأسواقنا ومكاتب العمل.. فهل أحدث فينا الصيام تغيرات جديدة، وهل شعور البعض بالجوع والعطش وحاجته إلى السيجارة بالنسبة للمدخنين قد قلب مزاجهم إلى أشخاص سريعي (النرفزة) والغضب.
|