سعادة مدير التحرير للشؤون الرياضية بجريدة الجزيرة الأستاذ محمد بن صالح العبدي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد اطلعت على رأي الدكتور صالح بن مقبل العصيمي حول إنشاء محكمة رياضية، وما انتهى إليه اجتهاده من تحريم لها.. وذلك في صفحة الرياضة العدد 11713 بتاريخ 9-9-1425هـ.
ونحب أن نوضح أن الرياضة لها أنظمتها وقوانينها الفنية المتفق عليها عالمياً وذلك لكل لعبة من الألعاب.. وحكام كرة القدم وغيرها يحكمون هذه القوانين بين الفرق الرياضية أثناء المباريات.. وقد تحصل ملابسات واختلافات في فَهْمِ نصوص هذه القوانين أو تفسيرها.. ولابد من الرجوع فيها إلى مرجعية متخصصة للفصل في هذه المنازعات.. وهو ما يطالب به المختصون في الشؤون الرياضية، وذلك وفق أنظمة الاتحاد الدولي (الفيفا). وهذا لا نعتقد أن فيه أي تعارض مع الشرع كما صوره الدكتور.. فحكام المباريات في كل لعبة يحكمون بموجب هذه القوانين ولابد عند الاختلاف من مرجعية، وهذا أمر بديهي ومنطقي.. إلا إذا كان الشيخ صالح يعتبر أن حكام الألعاب الرياضية المختلفة يحكمون بغير ما أنزل الله بتحكيمهم لهذه القوانين.. فهذه مسألة فيها نظر!؟
إن القوانين الرياضية مثلها مثل الأنظمة العمالية واللجان العمالية التي تفصل في منازعات العمال مع كفلائهم.. ومثلها مثل أنظمة ولوائح الخدمة المدنية.. ومثل لجان فض المنازعات التجارية وقوانينها.. وأنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية.. وكذلك أنظمة وقوانين المرور.. فهل هنالك مَنْ يقول إن هذه التعليمات والأنظمة والقوانين مصادمة للشرع..؟
أما ما ذكره الشيخ صالح العصيمي من أمثلة يستدل بها على ما ذهب إليه.. مثل رئيس النادي الذي اتهم بالاختلاس فأنصفه القضاء.. والآخر الذي اتهم بالشعوذة.. فهذه جنايات لا علاقة لها بالرياضة ولا بالقوانين الرياضية.. وهذا استشهاد في غير محله.
إن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما بعث معاذاً إلى اليمن قال له:(بِمَ تحكم؟). فقال: بكتاب الله. قال: (فإن لم تجد؟). قال: بسنة رسول الله. قال: (فإن لم تجد؟). قال: اجتهد رأيي ولا آلو.
وهذا يعني أن هنالك أموراً لم تَرِد في الشرع.. ويترك الاجتهاد فيها للمختصين في كل مجال من المجالات بما يتفق مع العدل والحق.. وهما القاعدتان الأساسيتان.
فرجل المرور المختص له أن يسن القوانين المرورية التي تراعي العدل والحق.. والمختص في وزارة العمل له أن يسن القوانين العمالية التي تحقق العدل والإنصاف.. والمختصون في الشؤون الرياضية لهم أن يسنوا القوانين الرياضية ويحتكموا إلى القوانين الدولية مادامت تراعي هاتين القاعدتين.. ولا يقال إن في ذلك حكماً بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى.
وابن القيم -رحمه الله- يقول: كل ما وافق الحق والعدل فهو من الشريعة وإن لم يقله نبي مرسل أو يوجد في كتاب منزل.
وعليه فإن إنشاء محكمة رياضية تفصل في المنازعات الرياضية بين الفِرَقِ الرياضية والأندية.. وفق أنظمة وقوانين الاتحاد الدولي (الفيفا) لا بأس به إن شاء الله. والله ولي التوفيق
حمود بن عبدالعزيز المزيني
سدير- المجمعة |