* بريطانيا - هاروقيت - أُسامة النصار:
يدرس العديد من أبنائنا وشباب المستقبل حالياً في بريطانيا بهدف تعلم اللغة الإنجليزية أو بهدف الدراسة الجامعية أو الدراسات العليا في الجامعات البريطانية ذات السمعة العالية في العالم.
(الجزيرة) حاولت أن تلامس هموم طلابنا هناك وحاولت أن تعطي صورة مصغرة عن أوضاع تعلم اللغة الإنجليزية في بريطانيا من خلال هذا التحقيق. فإليكم أبرز ما جاء فيه..
مدارس تعليم اللغة: نضع مواصفات خاصة لسكن الطلاب السعوديين
***
اختلاف كبير
* أجرينا هذا التحقيق مع عدد من الطلاب السعوديين والخليجيين الذين يدرسون في أكاديمية هاروقيت لتعليم اللغة الإنجليزية وذلك في مدينة هاروقيت التي تقع شمال انجلترا وكانت بدايتنا مع الطالب محمد العسيري الذي أمضى ستة أشهر في دراسة اللغة في نفس الأكاديمية وسألناه عن أوضاع الدراسة هناك فقال: بريطانيا من أفضل الدول لتعلم اللغة الإنجليزية المنبع الأصلي لهذه اللغة والإقبال الكبير من أغلب جنسيات العالم على هذا البلد لتعلم اللغة دليل على ذلك ويقوم بتدريسنا مدرسون متمكنون في غالبيتهم ويعطوننا المبادئ الأساسية لتعلم اللغة ويبقى الدور الباقي علينا كطلاب لاكتساب اللغة الصحيحة والسليمة من خلال الممارسة والاحتكاك خارج الأكاديمية مع العامة.. وحول ظروف العيش قال العسيري: نحن نعيش مع عوائل بريطانية ونحاول أن نستفيد منهم المزيد من مهارات تعلم اللغة من خلال الحديث معهم ولكن الحقيقة أن المعيشة في بريطانيا مكلفة نوعاً ما على عكس الدول الأخرى كما أن كثيراً من الأشياء تختلف علينا مثل الأكل وطبيعة المجتمع والثقافة وأشياء أخرى لكن بشكل إجمالي لقد استفدت من وجودي هنا وأصبحت أتحدث الإنجليزية بشكل أفضل من قبل وها أنا سأسعود إلى أرض الوطن قريباً.
المسألة نسبية
* التقينا الطالب طارق القحطاني الذي شارفت دراسته على النهاية وسألناه عن طبيعة العيش في بريطانيا فقال: المجتمع هنا مختلف عن مجتمعنا فالمجتمع هنا عملي ومتقيد بالرسمية أكثر من غيره وهذا شيء طيب في كثير من الأحيان على عكس الدول الأخرى مع العلم أن هناك أشياء اختلفت علينا، أبرزها تكلفة المعيشة المرتفعة عكس الدول الأخرى لكننا جئنا بهدف تعلم اللغة وهذا الأهم.
وعن السكن مع عائلة إنجليزية فقال القحطاني: أنا اعتقد أن العيش مع عائلة أفضل لممارسة اللغة لأن الممارسة هي الجزء الأهم في تعلم اللغة رغم اختلاف الكثير من العادات علينا فهم يقدمون لنا الوجبات اليومية ما عدا الغداء ويجالسوننا ويتحدثون معنا، بل في أحيان كثيرة نصبح أحد أفراد عائلتهم ونشاركهم في كل شيء وتبقى هذه المسألة نسبية من عائلة لأخرى.
وحول المعاملة في ظل الأحداث المتسارعة في العالم والهجمة الإعلامية الشرسة على الإسلام أضاف قائلاً: لا يوجد تغيير يذكر وبالأمانة العوائل البريطانية تحترم وجودنا معها وحتى الأكاديمية تجعلنا نؤدي الصلاة جماعة في رحابها لكن بعض النظرات من بعض الأشخاص تختلف بحكم أننا مسلمون ولكن هذا لا يصاحبه أي شيء يذكر.
يسألوننا عن الإسلام
* أما الطالب ياسر العتيبي الذي أمضى ما يقارب ثمانية أشهر في دراسة اللغة فقال: كانت اللغة الإنجليزية مشكلة كبرى تواجهني أثناء دراستي في الثانوية أما الآن هناك فرق كبير منذ أن أصبحت أمارسها وأتحدثها أفضل من قبل وأنا الآن أسكن مع عائلة تساعدني في اكتساب المزيد من اللغة.
وأضاف: أنا أطمح لدراسة الجامعة هنا في بريطانيا وأتمنى أن اجتاز كل العقبات من أجل ذلك مستقبلاً.
وعن طبيعة التعليم والعيش في بريطانيا قال: العيش هنا يصحبه ارتفاع المعيشة وعدم الانسجام الكامل مع مجتمع جديد ومتقدم مثل المجتمع البريطاني فالكل عانى الصعوبات في البداية ولكن مع مرور الوقت بدأنا نتأقلم شيئاً فشيئاً وأكثر ما يؤرقنا هو فراق الأهل والأحبة في الوطن الغالي الذي نتمنى أن نعود إليه مرفوعي الرأس.
وعن نظرة الشعب البريطاني للسعوديين قال: بلا شك النظرة أثرت عليها الأحداث الأخيرة والحملات الإعلامية ولكن هناك شريحة كبيرة تعرف من هم السعوديون وما هي خصائصهم المعروفة ولكن نواجه من حين لآخر أسئلة عن الإسلام مختلفة نجيب عليها بكل صراحة ونلمس رضاء الكثير عنها لأنهم يأخذون صورة مغلوطة من خلال الإعلام أحياناً عن الإسلام.
المعيشة مكلفة
ويقول الطالب محمد النويصر الذي سيكمل دراسته الجامعية في بريطانيا: حيث جئت أنا وشقيقي لدراسة اللغة ومن ثم الالتحاق بالجامعة وما زلنا في البداية ونتأمل أن نجتاز عقبة اللغة للالتحاق بجامعة ليدز القريبة من هاروقيت.
وأضاف: المعيشة مختلفة هنا في بريطانيا وأسلوب التعليم مختلف يساعد من لا يتحدث الإنجليزية بطلاقة أن يتحدثها مع مرور الوقت والشيء الأهم هو الممارسة التي تشكل (80%) من تعلم اللغة والمتاح هنا في بريطانيا الذي كل من فيها يتحدث هذه الإنجليزية والأوضاع هنا جيدة لا شيء مختلف سوى ارتفاع تكاليف المعيشة واختلاف الثقافة.
وعن تقبل المجتمع هناك للطلاب السعوديين أضاف: هناك الكثير من الطلاب السعوديين في بريطانيا خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي جعلت الكثير يلجأ لبريطانيا ونلتقي بكثير منهم أثناء صلاة الجمعة في الجامع العربي في ليدز ولا شيء يختلف سوى بعض الأشياء التي نتمنى أن تختفي في المستقبل بجهودنا جميعاً نحو النظرة للإسلام.
فقدنا هذه العادات
* أما شقيق محمد وهو سيف النويصر يشاطر شقيقه الحديث ويؤكد أن بريطانيا مكان مناسب لتعلم اللغة ويقول: المدرسة هنا تعطينا الأساس ويبقى علينا الباقي لتعلم اللغة.
وأضاف حول أبرز التغييرات التي طرأت على حياته خلال دراسته في بريطانيا قائلاً: لقد تغير علينا أسلوب الحياة وبعض العادات الاجتماعية الطيبة في مجتمعنا حتى الأكل ونوعيته تغيرت علينا والأجواء تغيرت وأثر عليها غلاء المعيشة فلك أن تتخيل أن قيمة المشروب الغازي في بريطانيا يكلف سبع علب في المملكة وهذا أحد الأمثلة.
لم نتأثر مباشرة
وتحدث لنا أحد الطلاب من سلطنة عمان الشقيقة وقال: إن الدراسة في بريطانيا جيدة رغم الاختلاف بين مجتمعاتنا الخليجية والمجتمع البريطاني إضافة إلى الحياة الصعبة هنا بحكم ارتفاع المعيشة وصعوبة التكيف مع المجتمع الجديد وتعد البداية هي أصعب المراحل للطالب.
وعن أوضاع المعيشة قال: أنا أعيش مع عائلة بريطانية وأجد منها كل احترام وتقدير ويساعدونني في ممارسة اللغة ويبذلون جهداً إضافياً بجانب دور الأكاديمية في إكسابي المهارات اللازمة لتعلم الإنجليزية وأشار: نحن نؤدي الصلاة جماعة في الأكاديمية وفي الجامع يوم الجمعة والمجتمع البريطاني لم يتأثر مثل غيره بشكل مباشر بالنظرة للإسلام والمسلمين.
هذه مشكلة السعوديين
ومن جانب آخر التقينا مسؤولة أكاديمية هارفيت لتعليم اللغة الإنجليزية وهي السيدة جاكي قورفري وتحدثت عندما سألناها عن طريقة تعامل الأكاديمية مع الطلاب العرب والسعوديين خصوصاً فقالت: لدينا طلاب كثيرون عرب ومن السعودية تحديداً ويأتوننا بشكل متزايد في كل عام وما يسري عليهم يسري على كل الطلاب في الأكاديمية باستثناء بعض الخصوصيات التي نراعيها لهم مثل خصوصية المأكل والمشرب وممارسة الشعائر الدينية وتوفير السكن الملائم لهم فعندما نختار لهم العوائل التي سيسكنون معها نراعي ألا يوجد لديها كلاب وألا يوجد بها جنسيات تتحدث لغة واحدة بهدف توفير مناخ ملائم لممارسة اللغة الإنجليزية كما أن تلك العوائل لا تقدم لهم لحم الخنزير وهم على علم مسبق بذلك.
وحول مستواهم الدراسي قالت: الطلاب العرب يتحدثون الإنجليزية ولكن لديهم مشكلة في الكتابة وربما هذا يعود لأسلوب التعليم المسبق في بلدانهم أو بسبب أسلوب تعلم اللغة الأصلية إذا كان يعتمد على الأسلوب السماعي أو الكتابي ونحن نقول للطلاب بمختلف جنسياتهم: إن الدور الأكبر يعود عليهم لتعلم اللغة من خلال الممارسة والدراسة أما الأكاديمية لا تقدم سوى الأساسيات والأساليب المثلى للتعلم.
وحول خصوصية المسلمين أضافت: نحن نراعيها والطلاب المسلمون يؤدون الصلاة جماعة في زمن الفراغ في أحد الفصول دون أن نسألهم ونحن هنا نراعي كل الثقافات والأديان ونحترمها ومن ضمنها الدين الإسلامي.
وحول رأيها في الطلاب السعوديين تحديداً قالت: إنهم أكثر الطلاب الذين يعانون في البداية وتتغير عليهم المعيشة أكثر من غيرهم من الجنسيات الأخرى وربما هذا يعود إلى الثقافة الأصلية من خلال السكن والأكل وأسلوب الحياة السريع والعملي في بريطانيا كما أن مشكلتهم في التعليم هي نفس المشكلات مثل الطلاب العرب وهي الكتابة التي هي أصعب عليهم من المهارات الأخرى.
وحول أسلوب التعامل في ظل الظروف الحالية أكدت جاكي أن لا اختلاف في أي شيء سوى الأنظمة التي تجري على كل الجنسيات دون تحديد أما نظرة المجتمع لا اعتقد أنها مضرة بالطلاب وعلى تحصيلهم الدراسي في بريطانيا.
وحول الإقبال المتزايد على بريطانيا أشارت بقولها: نعم هناك إقبال وربما يفضل الكثير الآن الدراسة في بريطانيا بدلاً من الدول الأخرى مثل أمريكيا وفي بعض الأحيان نرفض بعض الطلبات من السعودية بحكم عدد الطلاب السعوديين الذين يشكلون أكثر الجنسيات من غيرهم وبحكم الحفاظ على الجودة.
مشكلة العرب مزمنة
كما تحدث لنا مدرسان من الأكاديمية وهما الأستاذة جاسيكا والأستاذ شارلي الذي درس فترة من الزمن في الكويت وأكدا على نفس المشكلة وهي أن الطلاب العرب يتحدثون بشكل جيد ولديهم مشكلة في الكتابة وأشاروا أنهم أفضل من بعض الجنسيات كالصينية واليابانية تحدثاً ولكن تلك الجنسيات تتفوق عليهم بالكتابة وهذا يعود من الأساس وأسلوب التعليم في البلدان العربية، ربما.
وأكدوا أن اللغة ممارسة وتعلم ويبقى الدور الأكبر على الطالب ومدى حرصه على الدراسة بخلاف ما يقدمه في الأكاديمية.
مشاهدات
* ما تحدث به المسؤولون حول تأثر الطالب السعودي بالتغيير أكثر من غيره في الفترة صحيح وهذا ما اتضح أثناء حديثنا مع الطلاب الذين أكدوا أن الغلاء في المعيشة هو السبب تقريباً.
* عشرة طلاب عرب في الأكاديمية، (8) منهم سعوديون وهذا رقم كبير على مدرسة طلابها لا يتجاوزون الثلاثين طالباً.
* العوائل الإنجليزية تختلف من حيث كل شيء، فالبعض لديهم مساكن مريحة والبعض الآخر العكس تماماً.
|