عنوان الفصل الثالث من كتاب ديفيد ديوك، الذي ترجمه إلى العربية إبراهيم الشهابي: (التعالي اليهودي). وقد بدأه بالإشارة إلى أن نظرته إلى اليهود كانت مثالية في صباه. وبعد أن اكتشف تورّطهم في الشيوعية، خلال مراحلها المبكرة، بدأ يطرح أسئلة لا يجرؤ المرء على طرحها في المجتمع الأمريكي حولهم؛ شعباً وديناً. وعندما كتب مارك توين: (كل أمة تكره الأخرى، ولكنهم جميعاً يكرهون اليهود)، قال في نفسه: ما الذي يتصف به اليهود ليثيروا مثل هذه الكراهية؟)، وذكر أنه في بحثه عن إجابة لهذا السؤال بدأ بإعادة قراءة العهد القديم مولياً اهتمامه إلى العلاقات بين اليهود وغيرهم، فوجد -كما يقول- إن العهد القديم غارق في العرقية وإظهار بني إسرائيل بأنهم شعب مختار لا يجوز أن يتزاوجوا مع الآخرين، ويمجد مذابحهم للكنعانيين واليعقوبيين والفلسطينيين والمصريين وشعوب أخرى، وأنهم لم يدخِّروا رجال أعدائهم ولا نسائهم ولا أطفالهم؛ بل ولا حيواناتهم ودواجنهم. وأورد النصوص الدالة على كل ذلك موثقة.
وتحت عنوان فرعي هو: (التلمود عقيدة تعالٍ يهودية) قال المؤلف: إن صحائف التلمود عرض موسوعي لقانون اليهود وعاداتهم جمعه مئات الأحبار عبر القرون، وهو شريعة اليهود المشتركة مهما كانت اتجاهاتهم. ثم أورد مقتطفات من تلك الصحائف تذكر أن اليهود وحدهم البشر، وجميع أبناء غيرهم حيوانات، وأنه إذا ضرب غير يهودي يهودياً يجب قتله لأن ضرب اليهودي يعني ضرب الإله. وقال: ساعدتني معرفة هذه النصوص وأمثالها على فهم سبب ظهور الشعور المعادي لليهود عبر القرون، وبيّنت لي تبصُّراً في الروح اليهودية المعادية لغير اليهود.
ولكاتب هذه السطور أن يضيف إلى ذلك تعامل اليهود السيء مع غيرهم واستغلالهم لهم اقتصادياً عبر التاريخ، وكون ولاؤهم في أي مجتمع وجدوا لطائفتهم وإن كان ذلك، أحياناً، على حساب الوطن الذي يعيشون فيه.
وذكر المؤلف أنه عند ما بحث في الموسوعات الكبرى عن مصطلح (اللاسامية) وجد أنها تحاول تفسيرها تاريخياً بمحض التعصب المسيحي ضد اليهود حتى إنها، أحياناً، تقول: إن المسيحيين اضطهدوا اليهود لمجرد أن الأناجيل تلومهم على صلب المسيح، ولم تذكر قط أن أحد منابع (اللاسامية) هو المواقف العرقية المفعمة بكراهية اليهود أنفسهم لغيرهم من الشعوب.وفي عنوان فرعي آخر من هذا الفصل هو: (الصهيونية بوصفها عنصرية) قال المؤلف: إن موسى هيس ألَّف كتاباً عن القيم التلمودية ورد فيه: (كل يهودي ملزم آلياً بفضل مولده بالتضامن مع أمته بأكملها؛ إذ عليه أن يكون يهودياً أولاً، ومن ثم كائناً بشرياً.ثم قال ديوك: إنه لا يجرؤ أحد على إدانة مثل هذه الكلمات لأنها صادرة عمن وضع أسس الصهيونية والشيوعية معاً. وقال: إن مؤرخاً صهيونياً بارزاً اسمه سيمون دبناو ألف، أيضاً كتاباً ورد فيه: (إن اندماج اليهود بالشعوب الأخرى يُعدُّ خيانة لعلم الشعب اليهودي ومُثُله). بل إن لويس برانديز، الصهيوني الذي كان رئيس المحكمة العليا الأمريكية قال: (اليهود قومية متميزة، ومهما كان بلد اليهودي أو مقامه أو مذهبه فهو بالضرورة عضو في هذه القومية).ولكاتب هذه السطور أن يذكر بأن إدارة بوش الأب، الذي امتلك قلوب بعض الكتاب الخليجين بالذات، هي التي فرضت قوتها على الجميع حتى أبطل مجلس الأمن قراره السابق، الذي وصف الصهيونية بأنها عنصرية.وبعد ذلك أورد المؤلف قول المفكر اليهودي برنارد لازار، الذي عاش في فرنسا خلال القرن التاسع عشر: (لو كان هذا العداء وهذا الكره لليهود قد ظهرا في زمن معين وبلد معين لكان من السهل تعليل الأسباب المحلية لهذا الموقف. ولكن هذا العرق ما زال هدف الكراهية من قبل جميع الأمم التي أقام بينها. وبقدر ما كان أداء اليهود ينتمون إلى أمم شتى وعروق متنوعة فلابد أن تكون أسباب (اللاسامية) كامنة في إسرائيل ذاتها، وليس في أولئك الذين يعادونها).وبعد أن ذكر المؤلف بالوثائق كراهية اليهود لغيرهم ختم الفصل سائلاً: هل وسائل الإعلام محقة في الإيحاء بأن المسيحيين يحتكرون الكراهية في حين أن اليهود يحتكرون الإحسان؟
وعنوان الفصل الرابع من كتاب ديوك: (العرق والمسيحية واليهودية). وقد تحدث فيه عن أمور مرتبطة بنظرة المسيحية واليهودية إلى العرق، وأشار إلى أن اليهودية مناهضة للمسيحية. وقال: عندما بدأت أتحدث علناً عن الكراهية الموجودة في التلمود صُنِّفت حقوداً متعصباً لا سامياً من قبل الإعلام في بلدي، فغضبت جداً، لكن الهجمات الظالمة الموجهة إليَّ زادتني عزيمة على الصمود، واكتشفت وجود عدد من اليهود الذين أصيبوا بالهلع لما رأوه من تعصُّب اليهودية وحقدها، فتجرؤوا على كشف حقيقة الصهيونية والتعالي اليهودي. ومن هؤلاء الأمريكيان: ألفرد ليننتال، وناحوم تشومسكي، وإسرائيل شاحاك في إسرائيل. ومما قاله الأخير: (اليهودية مشبعة جداً بكراهية عميقة للمسيحيين.. وإن مجرَّد اسم يسوع كان يعد عند اليهود رمزاً لكل ما هو كريه، وأن الإنجيل لا يسمح بتدريسه في مدارس إسرائيل الحديثة.. بل إن الصهاينة حرقوا - بصورة احتفالية- مئات النسخ منه في القدس عام 1980م).
ثم قال: (إن العداء بين اليهودي والمسيحي تعاظم بمرور القرون. وفي العصر الحديث قام اليهود بدور رئيس في أكبر مذبحة واضطهاد ضد المسيحيين في التاريخ: تلك التي جرت في ظل الأنظمة الشيوعية السوفيتية والأوروبية الشرقية). ويبذل اليهود في أمريكا جهوداً لنزع المسيحية عن الأمريكان، وهم المسيطرون على وسائل الإعلام، التي تتفانى في محاولات إقناع الملايين بأن اليهود ما زالوا شعب الله المختار، وأن مقاومة تصرفاتهم المعادية للمسيحية إنما هي مقاومة لإرادة الله.
وما ذكره المؤلف عن محاولات وسائل الإعلام ليس مقصوراً -في الواقع- عليها. بل امتد إلى جهات أخرى. ومن هذه الجهات بعض الجماعات الدينية المسيحية. ففي إحدى زيارات الرئيس كلينتون للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة قال: (إن واعظي الديني أخبرني أنني إن عارضت إسرائيل فإن الرب سيغضب مني) ولا شك أن ذلك الواعظ، أو القسيس، كان من الذين قال عنهم المؤلف: (يعتقد بعض القساوسة أن الشعب اليهودي سيعود يوماً إلى المسيح، ولذلك علينا دعم إسرائيل بغض النظر عن مدى ما تقترفه من أعمال مروعة ضد المسيحية). ولعله أراد بالكلمة الأخيرة الفلسطينيين، لأن هذه الأعمال مرتكبة ضدهم.
ثم تحدَّث المؤلف عن مسألة مهمة خاصة بأصل اليهود، فقال: إن الشعب اليهودي الحديث ينقسم إلى قسمين: السفارديم والاشكينازيم. فالقسم الأول هاجروا من فلسطين إلى شعوب البحر المتوسط، ويفترض أنهم ينتمون إلى قبائل إسرائيل، أما القسم الثاني فجاؤوا من جنوب غربي آسيا المعروفة بالخرز، وهؤلاء يشكلون الغالبية العظمى من الشعب اليهودي الحديث. وهذا يعني أنهم ليسوا من سلالة إبراهيم.
وعنوان الفصل الخامس من الكتاب المتحدَّث عنه: (اليهود والشيوعية والحقوق المدنية). وقد استهله المؤلف بذكره أنه أدرك أن اليهود يمارسون أخلاقيات معينة فيما بينهم، ويعظون بأخلاقيات أخرى للتعامل مع الآخرين. فأخلاقياتهم العرقية تعلمهم التضامن والحفاظ على التراث الذاتي، لكنهم ينصحون الآخرين بالتنوع والليبرالية. ولولا هذه الثنائية لما أمكن الإعلام الأمريكي الذي يسيطرون عليه أن يدعم إسرائيل التي تروج لليهودية في مدارسها ويُعارض إنشاد ترانيم عيد الميلاد في المدارس الأمريكية، ويدعم إسرائيل التي تفصل المدارس اليهودية عن العربية، ويدين الفصل في المدارس الأمريكية.على أن كاتب هذه السطور يرى، أيضاً، أن الغربيين-وفي طليعتهم الأمريكيون- يدعون إلى مُثُل جيدة في مظهرها ويطبقونها في مجتمعاتهم على وجه العموم، لكنهم يتعاملون بنقيضها مع الأمم الأخرى؛ وبخاصة الأمة الإسلامية.
ثم قال المؤلف: وفي السبعينيات تسلل اليهود إلى مؤسسات كل شريحة سياسية يدركونها؛ مروجين وجهات نظر ازدواجية مختلفة، لكن عيونهم دائماً على مصالح اليهود والدولة الإسرائيلية. ثم تحدث تحت عنوان فرعي هو: (المساواة بين الرجل والمرأة). وبدأه بقوله: لم يقم دعاة تحرير المرأة بإقناع النساء بأن تنشئة الأجيال القادمة أقل أهمية من بذل جهد في خط تجميع صناعي فحسب؛ بل شجبوا دور المرأة زوجة وأماً معاً أيضاً. وقد أسهم فرويد في تدمير الأسرة بدعمه للاتصال الجنسي غير الشرعي، ودمج هو وأتباعه الجنس بالحب، وعللوا تدمير وحدة الأسرة بعدم الإشباع الجنسي. وقال: لقد أدت مسألة تحرير المرأة إلى اضطرار الزوجات والأمهات إلى دخول سوق التوظيف بسبب المعايير الاقتصادية الجديدة؛ مضيقة حدود الاختيار للواتي اخترن دور بناء الأسرة. وإن من أبرز دعاة المساواة بين الذكر والأنثى في العصر الحديث غلوريا شتايم، وبيتي فريدان، وبيلا ابزوغ. وهن ينتمين إلى أكثر الثقافات قمعاً للجنس؛ وهي الثقافة اليهودية. ثم قال: قلّة هم الذين عرفوا أن حركة الحقوق المدنية نشأت من القوى التي دفعت الثورة الروسية، والتي كان لها تأثير في اشتراك أمريكا في الحرب العالمية الأولى، وكانت سبباً في نشوب الحرب العالمية الثانية، والتي في النهاية أوجدت دولة إسرائيل. ولقد أدركت أن وسائل الإعلام أهم سلاح يستخدمه اليهود ضدنا (أي الأمريكيين المنحدرين من أصل أوروبي). ولهذا ركز المؤلف بحوثه -كما قال- على التغلغل اليهودي في وسائل الاتصالات الجماهيرية وهيمنتهم عليها.وأستودع الله القارئ الكريم إلى الحلقة القادمة، التي هي الأخيرة
|