* حاوره - صالح الفالح:
بشر معالي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن حمد العطية أبناء الخليج أن التوقيع على بطاقة التنقل فيما بين دول المجلس سوف يتم قريباً.. وأفصح معاليه في حديث خص به (الجزيرة) أن القادة الخليجيين سوف يناقشون خلال القمة الخليجية التي تعقد يوم غد الاثنين في العاصمة البحرينية (المنامة) موضوع (البطاقة الذكية) السكانية لمواطني المنطقة، وشرح معاليه في هذا السياق أن البطاقة سوف تتضمن جميع المعلومات الخاصة بكل فرد ويمكن بواسطتها التعامل في المجالات الصحية والتعليمية ورخصة القيادة وغيرها.
وأفاد في معرض تصريحه أن الجواز الخليجي الموحد لا يزال قيد البحث والدراسة من قبل اللجان الفنية المتخصصة.. وكشف عن دراسة أعدت حيال الجدوى الاقتصادية لمشروع ربط دول الخليج عبر شبكات قطارات، مشيراً في هذا الصدد إلى أن هذا المشروع سوف يعرض على القادة خلال قمة (المنامة)، وأعلن في سياق حديثه أن العمل جارٍ حالياً على تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي بين دول المجلس.. وفيما يلي نص الحوار:
الأولوية للموضوعات الاقتصادية
* تقرر أن تعقد القمة الخليجية في دورتها الخامسة والعشرين في العاصمة البحرينية (المنامة) في العشرين من شهر ديسمبر.. ما هي أبرز ملامح جدول أعمال هذه القمة؟
- إن قمة المنامة تعقد في ظل تطورات إقليمية ودولية مهمة ومستجدات بالغة الحساسية والدقة، حيث سيناقش قادة دول المجلس خلال قمتهم الخامسة والعشرين الأوضاع المتدهورة وغير المستقرة في العراق وتأثيرها على دول الجوار، وكذلك الوضع في الأراضي الفلسطينية بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ضد الشعب الفلسطيني، إضافة إلى موافقة سوريا المبدئية على استئناف المفاوضات مع إسرائيل بدون شروط.
ويتضمن جدول أعمال القمة بحث العلاقات مع إيران وقضية جزر دولة الإمارات العربية المتحدة، وموضوع الإرهاب وتداعياته على المنطقة والتدابير التي اتخذتها دول المجلس على المستويين المادي والفكري، إضافة إلى مسيرة العمل الخليجي المشترك وقضايا الاقتصاد والتعليم والسكان.
حيث إن القمة ستركز على الموضوعات الاقتصادية من خلال العديد من المشروعات الجديدة والتقارير المهمة التي تم رفعها إلى المجلس الوزاري خلال اجتماعه التحضيري 93 في المنامة لإدراجها على جدول أعمال القمة، وتصب باتجاه تعزيز البرنامج الزمني للاتحاد النقدي وصدور العملة الخليجية الموحدة وخطوات تنفيذ السوق الخليجية المشتركة ومشروع النظام الصناعي الموحد لدول المجلس، بالإضافة إلى مشروع تشكيل لجنة عليا تعنى بالسياسات السكانية، وتقرير متابعة بشأن دراسة جدوى إنشاء خط سكة حديد بين دول المجلس، والذي أحالته قمة الكويت العام الماضي للدراسة، وتقريراً حول بطاقة الهوية (البطاقة الذكية) السكانية لمواطني دول المجلس التي ستتضمن جميع المعلومات الخاصة بكل فرد ويمكن بواسطتها التعامل في المجالات الصحية والتعليم ورخص القيادة والتنقل بين دول المجلس، وفي مرحلة لاحقة سيمكن بواسطة هذه البطاقة تخليص المعاملات لدى الجهات الحكومية وغيرها في مختلف دول مجلس التعاون. كما أن هناك العديد من القوانين والقضايا المهمة التي سترفع إلى قادة دول المجلس لاعتمادها وتصب جميعها في خدمة مواطني وشعوب دول المجلس بتوفير المزيد من الرفاهية والرخاء لأبناء المنطقة.
التدرج بقرارات المجلس
* مجلس التعاون الخليجي (البيت الخليجي) على مدى خمسة وعشرين عاماً مضت من مسيرته.. هل ترون أنه قد حقق آمال دول المجلس ولبى طموحاته التي ينشدها؟
- دعني أوضح أمرًا هنا قبل الإجابة على هذا السؤال، وهو أن الآمال والطموحات التي ننشدها لمجلس التعاون، سواء على مستوى قادة دول المجلس وكذلك المسؤولين في حكومات دول المجلس أو على مستوى شعوب دولنا، وكبيرة ومتنامية بحيث إنها تزداد مع كل خطوة تقارب أو إنجاز يتم تحقيقه.وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة وعشرين عامًا على تجربة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قد يرى البعض أن الإنجازات التي حققها لا ترقى إلى تطلعات شعوب دول المجلس التي توقعت سرعة الإنجاز وسرعة الوصول إلى تحقيق الأهداف، وهذا مؤشر إيجابي ودلالة على الرغبة الصادقة في دفع مساره إلى الأمام، فالطموحات والآمال المتواصلة هي سر الحياة والدافعة لتطوير الأداء، والآمال العريضة تدفع أصحابها لمواصلة العمل الجاد والمثابرة على تحقيق الأهداف، وتجمعنا الخليجي صاحب طموح وأهداف، تستند إلى تطلعات قادته وطموح شعوبه، ويسعى ليصبح تجمعًا إقليميًا اقتصاديًا وصناعيًا ونقديًا موحدًا يضيف مزيدًا من المنعة والقوة لهذه المنطقة ويعزز فرص مستقبل لأجيالها القادمة.
ولا يفوتني هنا أن أوضح أن مجلس التعاون تبنى (مفهوم التدرج) والابتعاد عن حرق المراحل لتحقيق أهدافه، كما أن قراراته تتخذ بناء على التوافق لأعضائه ومراعاة مصالحهم، وقد حقق مجلس التعاون العديد من الإنجازات التي تجاوزت الحد الأدنى من الآمال، وجعلته محور إشادة ونموذج يشار إليه في التعاون الإقليمي.
الجواز الخليجي قيد الدراسة
* الجواز الخليجي الموحد والدخول بالبطاقة الشخصية للمواطن الخليجي، والتي ستتيح له سهولة التنقل فيما بين دول المجلس لا تزال أحلاماً طال انتظارها.. متى ترى هذه القرارات النور؟ وهل ثمة عراقيل تقف في طريقها؟
- إن القرارات المتعلقة بتسهيل تنقل مواطني دول المجلس بين الدول الأعضاء بالبطاقة الشخصية ليست حلماً، بل أصبحت واقعاً ملموساً، حيث إن التنقل بالبطاقة الشخصية بين الدول الأعضاء مطبق ومنذ فترة بين أغلب الدول الأعضاء وفقاً لاتفاقات ثنائية، وستكتمل حلقة التنقل بالبطاقة قريباً جداً، فالمملكة العربية السعودية ستوقع قريباً اتفاقيات ثنائية مماثلة مع الدول الأعضاء حول تطبيق مبدأ التنقل بالبطاقة الشخصية. والأمر لن يتوقف عند هذا الحد فقد شرعت الدول الأعضاء في الإعداد والتجهيز لإصدار البطاقات الذكية التي ستوفر للمواطن في دول المجلس إلى جانب تنقله بين الدول الأعضاء بواسطتها خدمات إضافية أخرى بواسطة إضافة معلومات إلى الشريحة الإلكترونية التي تحتوي عليها البطاقة عن حياته الصحية والتعليمية، والتعريف به عندما يطلب أي خدمة في أي من الدول الأعضاء، وقد يضاف إلى ذلك كله الخدمة الائتمانية.
أما بالنسبة للجواز الموحد فإنه نظراً لما لتوحيد هذا الجواز من جوانب فنية وإدارية فإن هذا الموضوع لا يزال قيد البحث والدراسة من قبل اللجان الفنية المتخصصة.
وما أود أن أؤكده في هذا الجانب هو حرص الدول الأعضاء وعملها الدؤوب على تعزيز مسيرة العمل المشترك وتكريسها من خلال توفير كل ما من شأنه تكثيف وزيادة الاتصال والتواصل بين مواطني دول المجلس تحقيقاً لتطلعات القادة حفظهم الله.
ربط الخليج بالقطارات
* مشروع ربط دول الخليج عبر شبكة قطارات أسوة بالدول الأوروبية، لا شك في أنه سيسهل عملية التنقل وسيسهم في تعزيز الجانب الاقتصادي لدول المنطقة، ما رأيكم في مثل هذه المشروعات؟ وهل سيكون ضمن ملفات القمة؟
- كلف المجلس الأعلى لمجلس التعاون في الدورة (24) التي عُقدت في دولة الكويت في ديسمبر 2003م وزراء النقل والمواصلات بإعداد دراسة جدوى لمشروع إنشاء شبكة سكك حديد تربط بين دول المجلس، بما يؤدي إلى تسهيل تنقل المواطنين وتعزيز تواصلهم وزيادة حركة النقل التجاري وانسيابها بين دول المجلس بما يساهم في تعزيز نموها الاقتصادي.
وقد تم خلال هذا العام إعداد دراسة أولية قيمت بشكل مبدئي الفوائد المحتملة للمشروع، بما في ذلك زيادة التكامل بين دول المجلس وزيادة التبادل التجاري وتوفير فرص وظيفية للمواطنين.
وفي ضوئها تم اتخاذ قرار بالبدء في إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وهو ما نأمل أن يتم في المستقبل القريب.
وسوف يعرض على هذه القمة تقرير متابعة لإحاطة المجلس الأعلى بما توصلت إليه الدراسة الأولية.
المجلس يرحب ويدعم المرأة
* ما هو نصيب المرأة الخليجية من خارطة مجلس التعاون الخليجي، حيث لا يزال دورها غائبًا ومشاركتها مهمشة (عن المجلس) رغم بلوغها مراكز قيادية في أغلب الدول الخليجية؟
- المرأة الخليجية تلقى اهتماماً متزايداً من أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، وقد تمثل هذا الاهتمام بالقرار الذي أصدرته القمة في دورتها الثالثة والعشرين (الدوحة - دولة قطر 21-22 ديسمبر 2002م) بأن تقوم الهيئة الاستشارية بإعداد دراسة متكاملة عن وضع المرأة الاقتصادي والاجتماعي والأسري، وقامت الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى بإعداد دراسة متكاملة في هذا الجانب، حيث قدمت تلك المرئيات للقمة في الدورة الرابعة والعشرين (الكويت - 21-22 ديسمبر 2003م)، حيث صدر قرار بإحالة تلك المرئيات إلى الدول الأعضاء لتنفيذها حسب ما تراه كل دولة.
أما إذا كنت تقصد مجال مشاركتها في العمل في الأمانة العامة للمجلس، فأنا أستغرب مثل هذا الطرح فهي مسألة تعود إليها لا للأمانة وهي دوماً موضع ترحيب ولم ولن نتردد في دعمها والاستفادة من خبراتها وكفاءتها المتفوقة، وهذا ما هو موجود فعلاً على أرض الواقع، حيث لدينا عدد من الكفاءات النسائية غير المتفرغة اللاتي تستعين بخبرتهن الأمانة العامة للمجلس في مجال تخصصهن.
وتقوم الأمانة العامة بالتنسيق والإعداد لكثير من المنتديات الاقتصادية والاجتماعية للمرأة الخليجية، والتي شاركت بشكل فاعل في هذه الملتقيات.
تطوير التعليم
* فيما يتعلق بجانب التربية والتعليم في منطقة الخليج.. هل هناك خطة من أجل تحسين وتطوير المناهج التعليمية بصور تتناسب مع المرحلة المقبلة؟
- أقر المجلس الأعلى في دورته 24 (الكويت، ديسمبر 2003م) وثيقة التطوير الشامل للتعليم.
وقد تضمنت الوثيقة عدداً من البرامج الخاصة بتطوير التعليم والنهوض به على مستوى دول المجلس.
كما أصدر المجلس الأعلى في دوراته السابقة عدة قرارات تتعلق بالتعليم، شملت الخطة المشتركة لتطوير مناهج التعليم العام (المنامة 2001م)، وتبنت الهيئة الاستشارية دراسة القرارات الخاصة بمنظومة التعليم والبحث العلمي (مسقط، 2001م) والتوجهات الخاصة بالتعليم (الدوحة، 2002م).
كما تبنى المجلس الأعلى التوجهات الواردة في وثيقة الآراء لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز فيما يخص التعليم، والجهود الآن قائمة لمتابعة خطوات التنفيذ من قبل الدول الأعضاء واللجان الوزارية المكلفة بتطبيق قرارات المجلس الأعلى ومتابعة تنفيذها.
العراق واليمن لن يشاركا
* خلال قمة المنامة، هل ستنضم كل من العراق واليمن ليكونا مشاركين في أعمال هذه القمة الخليجية؟
- كلا لن يشارك العراق واليمن، مشاركين في أعمال هذه القمة، مع إدراك دول المجلس للثقل الاقتصادي والسياسي للعراق واليمن، وهما دولتان جارتان وشقيقتان، والدول المتجاورة ترتبط عادة بوشائج اجتماعية واقتصادية وإنسانية، وهناك تأثيرات متبادلة قوية بين شعوبها، فالعراق واليمن يربطهما بدول المجلس علاقات بهذه الخصوصية، ويجب توثيق هذه الروابط بشكل تدريجي، لذلك وافق المجلس على انضمام اليمن إلى المجالس المتخصصة، ومشاركة العراق في دورة كأس الخليج السابعة عشرة والتي تقام في مدينة الدوحة.
ربط الخليج كهربائيًا
* فيم يتعلق بمشروع الربط المائي والكهربائي الموحد لدول المنطقة، ما المراحل التي قطعها هذان المشروعان المهمان؟
- فيما يتعلق بالربط الكهربائي، فقد سبق أن اعتمد المجلس الأعلى هذا المشروع بعد أن أثبتت الدراسات جدواه الاقتصادية، وتم إعلان تأسيس هيئة الربط الكهربائي في عام 2001م، وهي هيئة مستقلة، للقيام بإنشاء المشروع وتشغيله وصيانته.
والعمل جارٍ حالياً على تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع، حيث يشمل المشروع ثلاث مراحل، يتم في الأولى ربط مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الكويت، ويتم في المرحلة الثانية ربط دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، وفي المرحلة الثالثة يتم الربط النهائي بين جميع دول المجلس.
وفيما يتعلق بالربط المائي فقد وجه المجلس الأعلى بإعداد دراسات جدوى لهذا المشروع، وقد تم خلال هذا العام إعداد دراسة للجدوى الاقتصادية للمشروع أظهرت فوائد إيجابية وملموسة له.. وسوف تُعرض نتائجها على المجلس الأعلى.
|