كتبت في الأسبوع الماضي عن مشكلة السياحة الخارجية على شباب الأمة وقيام شركات السفر والسياحة بالترويج لهذه السياحة المضرة بأبنائنا وبناتنا، وخطورة هذه المشكلة التي استفحلت، ودعوتُ إلى دراسة هذه المشكلة وتضافر الجهود لوضع الحلول والبدائل.ولبيان شدة خطورة هذه المشكلة أحببتُ أن أذكر أبرز الانحرافات الناجمة عن السياحة الخارجية، وذلك لكي نتوقاها كما قال حذيفة رضي الله عنه: كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. وأبرز هذه الشرور والانحرافات فيما أرى هي: - الانحراف العقدي والفكري: ويتجلى هذا الخطر من كون الساحة الخارجية من خلال السفر إلى تكلم البلاد لا تحظى بما يحظى به مجتمعنا، وبالتالي فإن الشبهات تسبق الشهوات، وكل يدعو لمعتقده والكل يحسن شبهته، مما يؤدي إلى أن يقع البعض في مثل هذه الدعوات وهذه الشبهات والانحرافات، فلا عجب أن ترى ساحراً أو كاهناً أو مشعوذاً أو قارئاً للكف أو الفنجان يبدي مهاراته الشيطانية لعامة الناس ويكتسب المال من خلالها، فيندفع إليه شيب وشباب لسؤاله عن مستقبلهم فيقعون فيما حذّر منه النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ أتى كاهناً أو عرافاً فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد). ولنا أن نقيس على ذلك من الفوضى العقدية والفكرية ما يطول وصفه. - الانحراف الأخلاقي والسلوكي: مما لا شك فيه أن القدوة لها تأثير كبير على الأخلاق والسلوك، وبالله عليكم ما بالكم بشباب جعل العالم المنحل قدوته وقبلته! وما عساه أن يجني؟ وهل يُجنى من الشوك العنب؟!. إنّ الاعلام اللاهث وراء المادة عبر قنواته الفضائية وعبر صحفه ليرسم صوراً جميلة وبراقة ويدعو دعوة نرجسية إلى تكلم البلاد، ثم تأتي الشركات السياحية لتضع النقاط على الحروف بعروض أصابها التخفيض الأخلاقي قبل المادي، فيلهث وراءها الشباب قليل الوعي، فيسافرون بقيم وأخلاق ويعودون بدونها، فلا عجب أن نرى في تلكم البلاد بعض الشباب المسلم من رجال ونساء وهم يتشبهون بالكفار والمنحرفين في كل شيء فيلبسون في رقابهم السلاسل، وعلى صدورهم صور المشاهير، يقلدون الغرب في لباسهم، في قصات شعورهم، في أجسادهم شبه العارية، في تسكعهم بالشوارع بدون حسيب ولا رقيب.. الأبناء والبنات على حد سواء؛ لأن الوالدين لا مسؤولية لهم إلا دفع التكاليف المادية والمرافقة، إن كان هناك مرافقة، وإلا فالبعض يرسل أولادهم وحدهم، وهذا والله ليس من ضروب الخيال بل هو واقع ملموس، فخرجت لنا أجيال تحمل كثيراً من الأمراض الأخلاقية والسلوكية وبالتالي أصبحت أمراضاً جسدية وأخطرها مرضان: * الأمراض الجنسية الخطيرة: إنَّ مثل هذه الأمراض هي نتيجة للانحلال الأخلاقي والسلوك غير السوي، فما زال فيروس الإيدز يفتك بالبشرية بعد أن ضلت الطريق، وألقت العفة وراء ظهرها، فأعداد المصابين وصلت أرقاماً مخيفة.. وإنَّ السياحة الخارجية من البوابات الرئيسية لدخول هذا الداء الفتّاك إلى بلادنا حرسها الله. * المخدرات: لقد أصبح بعض شبابنا فريسة لهذا الداء الفتّاك؛ لأن الارتباط الوثيق بين السياحة الخارجية والنوادي الليلية، وبيوت الدعارة والخمور والمخدرات بيّن واضح، حيث يعاني أكثر من 180 مليون شخص من الادمان على المخدرات، وآثار ذلك الوخيمة على الفرد والمجتمع لا تحصيها الأقلام، ولا شك أنَّ المخدرات تتداخل مع جرائم أخرى كعصابات الجريمة المنظمة التي يمتد عملها إلى الدعارة والسطو والخطف وغسيل الأموال. - الانحراف الاقتصادي: المال هو عصب الحياة وقلبها النابض، وإن موازين القوى العالمية تغيرت عن السابق، فالقوة قديماً محصورة في القوة العسكرية، ولكنها في هذه العصور بدأت تتغير، ومن هذا التغير علو شأن القوة الاقتصادية، فهذه دولة اليابان عسكرياً معروف حالها، ولكنها من الدول ذات الثقل عالمياً، وذلك لقوتها الاقتصادية، فحري بنا أبناء العقيدة وأبناء هذه البلاد الطيبة أن نسعى إلى حماية اقتصاد بلادنا، لما فيه القوة والمنعة لنا جميعاً، ولكننا نواجه كل عام اهداراً لمقدرات البلاد وأموالها، حيث اشارت احدى الدراسات التي نشرت في صحيفة الوطن في العدد 234 بتاريخ 27-3-1422هـ إلى أن السعوديين ينفقون ما يقارب 30 مليار ريال على السياحة الخارجية، وهذا يطرح سؤالاً وجيهاً: أليست بلادنا أحق بهذه المليارات؟!!.. ألا نعلم أننا بهذه التصرفات غير المسؤولة نضعف أنفسنا ونقوي غيرنا.. ننمي اقتصادهم ونكسد اقتصادنا؟؟، فما أعظم المخاطر وما أكثر الانحرافات، وهذا بعض ما نجنيه من السياحة الخارجية.
مركز هيئة عرقه |