تحدث الإسلام عن العدل في كتاب الله وفي السنة المطهرة في مواضع شتى لتَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ لأهمية الموضوع وحجة المجتمعات أجمع إلى هذا الخلق النبيل والصفة الحميدة التي تحيا بها الأمة وتسمو في ظلها ويتآلف الناس وتسود المحبة بينهم بسبب العدل، وحذّر الإسلام وتوعد من إهمال هذا الأمر العظيم، ففي صحيح البخاري ومسلم جاء عن معقل بن يسار رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (ما من عبد يسترعيه الله عز وجل رعية، يموت يوم يموت، وهو غاش رعيته إلا حرم الله تعالى عليه الجنة)، وفي رواية: (فلم يحطها بنصحه لم يرح رائحة الجنة). ونحن إذ نتعرض لفضيلة العدل، نجد لزاماً علينا أن نعرف ما هو العدل؟ العدل فضيلة للنفس تحدث من اجتماع الفضائل الثلاث: الحكمة والعفة، والشجاعة، وذلك عند مسالمة هذه القوى بعضها البعضن واستسلامها للقوة المميزة، حتى لا تتغالب ولا تتحرك نحو مطالبها على سوم طباعها، وتحدث للإنسان سمة يختار بها أبداً الإنصاف من نفسه على نفسه أولاً، ثم الإنصاف والانتصاف من غيره وله. والمراد بالعدل هو إعطاء كل ذي حق حقه بغير تفرقة بين المستحقين ومؤاخذة المسيء أو المقصر على قدر إساءته وتقصيره بدون إعانات أو محاباة، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالعدل في كثير من الآيات مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (سورة النساء: 58). وأمر الله بالعدل حتى مع الأعداء ونهى عن الظلم، خضوعاً للبغضاء فقال سبحانه عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(سورة المائدة: 8). والعدل في الحكم بين الناس مهما كانوا، مسلمين وأهل كتاب إذا تحاكموا إلى المسلمين.
(*) الرياض. |