شارفت أيام العيد على الانتهاء وبدأنا نمدد أطرافنا ونلملم شتاتنا استعداداً لبداية العمل، والأيام السعيدة مرت بالكثيرين مِنَّا دون أنْ يحسوا بها أو يعرفوا لها طعماً أو لوناً. *** ما أتعس هؤلاء الذين أغلقوا شرايين قلوبهم وصدوا الفرح عنها فكان عيدهم تجهماً ويأساً، وما أصعب الحياة إذا مَرَّ بها يومٌ لم نفرح فيه أو نبتسم له أو حتى نفكر من خلاله بالتجاوز عن سيئات الآخرين، فالعيدُ لا يستطيع أن يُفرحنا ما دامت شراييننا غير مهيأه لنقل التسامح، كما أن اللبس الجديد لن يضفي على عقولنا (ثقافة الفرح) ما دامت أرواحنا لا تشعر بمن حولها وتتزين لإسعادهم. *** لا أعتقدُ أنَّ هناك شخصاً لا يُحب الفرح ولا يرغب في العودة إلى فطرته التي جبله الله عليها، إلا أنَّ هناك مَنْ أرهقته سوءاته فشلت كيانه وسيطرت على جوارحه حتى إذا بحث عن الفرح داخله وجده باهتاً بدون أصول، وإذا حاول استرجاعه من أعماقه تدخلت نفسه الأمَّارة بالسوء فردعته وعنَّفته؛ لهذا كل واحد منا يقرأ العيد على طريقته الخاصة وكيفما تبرمجه مفاهيمه حول الحياة. *** ثمة أمور كثيرة تؤكد جهلنا في استخراج مكنونات السعادة داخلنا وأننا نجهل أبسط الطرق للوصول إلى ثقافة الفرح، لكن التغيير والتطوير سُنَّة كونية، ومَنْ مِنَّا لا يريد أن يغير شيئاً بحياته، فكلنا محتاجون إلى التغيير والتطوير وبدرجاتٍ متفاوتة، فالذي لا يتغير جماد وستتكالب عليه الوساوس والاكتئاب والقلق وستهاجمه الأمراض الجسمانية والنفسية فسيمرض ثم يموت وربما ينقرض. *** أرأيتم أو سمعتم عن حيوان الديناصور الضخم، لقد أثبتت بعض النظريات أن سبب انقراضه عدم تكيفه مع البيئة، فهو ذو حجمٍ كبيرٍ ويريد أنْ يأخذَ ولا يُعطي، لهذا انقرض لأنه لم يتكيف مع الكائنات المحيطة به ويبتسم لها فرفضته ولم تأبه به. *** أيها التعساء.. اعلموا أنَّ العيد أفضل النقلات الروحانية لتغيير حياة البشر، فهو يأتي دوماً بعد عبادة وسكينة ليغسل النفس ويعيد برمجتها إلى بدايتها، تلمسوا الحب من الكائنات حولكم، انظروا إلى إيجابيات الحياة لتروا جمالها وتتلذذوا بحسنها، عَمِّروا أرضها لتحصدوا أفضل زرعها، وحبوا أهلها لتعرفوا قيمة عيدها.
|