أرسل رسالة عبر هاتفه النقال يدعو أخاه فيها إلى حضور حفل زفاف ابنته، هذا الحكيم كما يظن الذي يعتقد أنه بمنزلة يوسف عليه السلام بين أخوته، فهو يرى أنه التقي الورع والأقرب إلى الله على الرغم من أن أفعاله لا تقول شيئا مما يعزز ما يعتقده، لم يكلف نفسه عناء مخاطبة أخيه ليدعوه، وفضل من باب إدارة الوقت ربما أو من باب رفع الملامة والحرج أن يرسل رسالته لابن أمه وأبيه إن حضر وإلا بسلامته فقد قام بواجبه الشكلي.. هكذا ثمن العلاقة بينه وأخيه وهكذا أملت عليه حكمته المزعومة وهكذا فعل ما يناقض دعواه التي لا تنقطع لصلة الأرحام وللتواصل وبما ينتظر من يحيد عن هذا من عقاب في الدنيا والآخرة..
على أي حال، في عالم تحكمه موازينه المقلوبة ولا يعترف بمنطق ثابت، لم يعد مستغربا أن يقتصر حجم مشاركة الأخوال أو الأعمام في المناسبات العائلية المهمة كزواج أحد الأبناء أو البنات الذي يرتبط بشكل أو بآخر بكل أفراد العائلة على استقبال رسائل نصية عبر الهاتف ليعلموا ولترفع الملامة فلا يقال إنهم لم يدعون لهذه المناسبة أو تلك، فالمسائل بين الناس في تفريغ غريب وعجيب لقيمة علاقة صلة الرحم وللتواصل فيما بينهم ينتهجه كثيرون ولا تتعدى في زمننا الغريب هذا الشطارة والقدرة على التنصل من أن يحاج أحدنا بأي طريقة كانت حتى وإن خلف الحرص على الشكليات تأليب ما في النفوس وتآكل المودة ورحم الله الماضي وأهله، فرغم جهلهم بكثير مما نعلمه الآن كان الإنسان والقيم التي ترفع مقامه تمارس بحي وبرغبة أكيدة لتحقيق غاياتها وما وجدت لأجله.
أعود ثانية وأؤكد، أن الأشياء التي يراها البعض صغيرة، تتجمع لتشكل في النفوس ما لا يمكن تجاهله أو التعايش معه، وتفسد بتكرارها وتجمعها المحبة والترابط بين الناس وتتحكم في مستقبل علاقاتهم، وإن كانت كلمة بسيطة قالت لصاحبها دعني، فالفعل أولى بأن يقول هذا وإن صغر في تقييمنا له.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com