الغلاء طال كل شيء وأصبح مشكلة حقيقية لها تأثيراتها السلبية، ويكاد لا يخلو مجلس من المجالس من الحديث عنه، فالجميع بات يلمس ذلك بدرجات مختلفة. الحكومة - أيَّدها الله - وبإدراكها لحجم المشكلة، تحرّكت لوضع حدٍّ لها لما يمكن أن تفرزه تأثيرات الغلاء من تداعيات وانعكاسات على المجتمع. وقد شهدنا تحركات عديدة على أصعدة مختلفة لمواجهة مشكلة الغلاء، ممثلة في زيادة الرواتب في القطاع العام وبعض شركات القطاع الخاص، ودعم السلع الأساسية ودعم بعض السلع المستوردة، كمحاولة لكسر الاحتكارات ومواجهة جشع بعض التجار. ولعلّ خطوة أمانة مدينة الرياض، تعتبر من الخطوات الموفّقة بوضع تسعيرة أسبوعية لبعض السلع الأساسية ونشرها في الصحف، أو من خلال موقع إلكتروني خاص بها.
هناك أدوار عديدة لأطراف متعدِّدة جميعاً ستساهم بكل تأكيد لحل جزءٍ من المشكلة، فهناك دور هام على جمعية حماية المستهلك التي أعلن عن تأسيسها مؤخراً بأن تقوم بإطلاق حملات توعية للمستهلك البسيط، وأن يتم توزيع مطويات إرشادية تتضمّن كافة الجوانب المتعلّقة بحماية المستهلك في كل أموره الحياتية، بالإضافة إلى القوانين والتشريعات المنظمة، بهدف أن يكون المستهلك على دراية كاملة بحقوقه وملمّاً بما ينبغي عليه عمله في حال تعرُّضه للغش، والجمعية يجب أن تقوم بدور فاعل في مكافحة ظاهرة الغلاء.
وعلى الرغم من كل هذه الجهود التي بذلت لمكافحة مشكلة الغلاء، فإنّ هناك المزيد من الجهود التي ينبغي أن تبذلها الجهات المعنيّة ممثّلة بوزارة التجارة بالدرجة الأولى، ولعلّ فتح باب الاستيراد أمام المورِّدين وتفعيل مكافحة الاحتكار التجاري، هي أحد أهم البدائل الإستراتيجية للتعامل مع أيِّ غلاء في الأسواق، باعتبار أنّ الطريقة المثلى لاحتواء الجشع والتضخُّم هي تعزيز حجم المعروض من أيِّ سلعة. وكذلك هناك ضرورة ملحّة لتفعيل دور الأمانات والبلديات في مراقبة الأسعار، والعمل على السيطرة عليها، وبخاصة في ما يخص المواد الغذائية ومستلزمات الحياة اليومية.
المستهلك نفسه عليه دور كبير يمكن أن يقوم به في عملية مكافحة الغلاء، من خلال العمل على ضبط سلوكه الاستهلاكي، خصوصاً المستهلك المسرف بحاجة وبدون حاجة، ومن المؤكّد أيضاً أنّ وسائل الإعلام يمكنها القيام بدور ملموس في توعية المستهلكين بقواعد الاستهلاك السليم.
Fax2325320@ yahoo.com