حوار - ظافر الدوسري
أكد الدكتور محمد السويل رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن المدينة تراقب نحو 8 آلاف مصدر مشع يدخل ويخرج من المملكة، وأكثر من 20 ألف شخص يعملون على مصادر الإشعاع.
وحول المرحلة الحالية التي تشهدها المدينة قال السويل: حالياً نمر بمرحلة إثبات الذات، وأشار إلى أن المملكة حققت المستوى العالمي للمدى الزمني للبت في براءات الاختراع، وقال إن مدينة العلوم بتت في 87% من الطلبات المقدمة إليها. وعزا الدكتور السويل قلة المنشورات والمطبوعات العلمية بالمملكة إلى توجه عدد من العاملين في مجالات البحث إلى قطاع الأعمال التي أنشئت حديثاً خلال السنوات الأربع الماضية.
جاء ذلك ضمن الحوار الذي أجرته معه (الجزيرة)، والذي سلط الضوء خلاله على الكثير من نشاطات مدينة العلوم والتقنية وعلاقاتها بنظيراتها من المؤسسات الأخرى، وغيرها من المواضيع التي تطالعونها خلال الحوار التالي:
*****
* دكتور محمد.. بداية حدثنا عن مستوى الخبرة التي حققتها الكفاءات والكوادر الوطنية في المدينة؟
- مستوى الكفاءات والقدرات لدينا عال بدليل ما تتسلمه من شهادات عالمية وتقدير رفيع ومنشورات عالمية وأيضاً براءات اختراع، والكوادر الوطنية - دون مجاملة - لا تختلف عن الكوادر البحثية في مختلف الحالات، والله خلق كل هؤلاء ونفس العقول الموجودة في الخارج هي نفسها الموجودة في الداخل، وقد تكون التي في الداخل لديها دافع الحماس أكثر وأشد من غيرها؛ ولذلك نحن الآن نمر بمرحلة يجب أن نثبت أنفسنا من خلالها، وأنا على يقين بأن القدرات الوطنية لا تقل كفاءة عن القدرات الأخرى إذا ما أتيحت لها الفرص والإمكانات, والفرص الآن متوافرة - ولله الحمد - وكذلك الإمكانات ونتفاءل بها كثيراً.
* بنظركم.. ما الإيجابيات المتوقعة من خلال توقيع مذكرات التفاهم بين المدينة والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة؟
- كما ذكرنا سابقاً فإن المؤسسة والمدينة لم تكتشفا بعضهما هذا اليوم؛ فهما تعملان بعضهما مع بعض منذ سنين عديدة، والتعاون بينهما لا يحتاج إلى مذكرة تفاهم، لكن هذه المذكرة إنما هي إطار رمزي لا يمكن أن يعمل، وسبق أن قامت بين المؤسسة والمدينة أوجه تعاون, ولكن هذه المرحلة سوف تركز على توليد تقنيات محلية, وكما تعلمون نحن أكبر بلد منتج للمياه المحلاة، ولكن في مجال التقنية لا يتناسب عملنا مع الإنتاج، ونرجو أن نتمكن جميعاً مع المؤسسة ومع مؤسسات الدول الأخرى من تطوير تقنية محلية لإنتاجنا من المياه المحلاة، وأيضاً قد تكون تقنية يمكن أن نصدرها إلى الخارج.
* هل تجاوزتم مشكلة عدم وجود بنية تحتية تقنية متكاملة وضعف الكوادر البشرية المؤهلة لتغطية احتياج إدارة البحوث والتطوير؟
- البنية التحتية اللازمة للبحث والتطوير في وضع جيد - ولله الحمد - في المدينة وفي المملكة ككل مع وجود الخطة الوطنية أو السياسة الوطنية للعلوم والتقنية حديثاً التي تعرفونها ورصد لها نحو 8 مليارات ريال؛ فهذا كفيل بأن يضع البنية الأساسية في محلها ويحسن منها. وبالنسبة إلى الموارد البشرية فالمملكة لديها شباب مدرب ودائماً تحتاج إلى أكثر، والمدينة تسعى مثل بقية مؤسسات الدولة الأخرى إلى تحسين ورفع مستوى الكفاءات لديها عبر التدريب والتطوير، والحاجة ستظل مفتوحة وأي شخص في العالم يتوقف عن التطوير يحكم عليه بالموت.
* قلة المنشورات والمطبوعات العلمية المتخصصة في تقنية المعلومات جعلت المملكة في حاجة إلى هذا النوع من المطبوعات؛ فما دور المدينة في ذلك؟
- قلة النشر في الواقع أعزوها إلى أن كثيراً من العاملين في تقنية المعلومات - في ظل الثورة التي شهدها البلد والانفتاح على تقنية المعلومات والاتصالات خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية - اتجهوا نحو قطاع الأعمال، خصوصاً القطاعات التي أعطيت تراخيص جديدة، والتي أنشئت حديثاً؛ فاجتذبت الكثير من القوى الوطنية التي كانت تعمل في مجال البحث. وأعتقد أن هذا أثر قليلاً، ولكن على المدى الطويل سيكون عاملاً إيجابياً جداً؛ لأن هؤلاء الذين اشتغلوا في الحقول العملية في بيئة الأعمال لا يزالون قريبين من البيئات الأكاديمية والبحثية والمدينة والجامعات، وسوف يعودون إليها بقوة وبمعلومات أفضل؛ وبالتالي تنعكس تلك الخبرة على البحث والتطوير والنشر بشكل أفضل.
* إذاً.. ما دور المدينة في ذلك؟
- المدينة إحدى المؤسسات التي تعمل في هذا الاتجاه، ودورها يندرج تحت إطار السياسة الوطنية للعلوم والتقنية، وهي تنسق الدعم، والدولة هي التي تدعم الكل, والمدينة أحد الأطراف الرئيسة في تنسيق الدعم وتسعى داخل معاهدها إلى تطوير داخلي للتنسيق مع مؤسسات الدولة ومع الخارج.
* حظ المرأة السعودية في الحصول على براءة الاختراع ضعيف للغاية على الرغم من وجود مبدعات، وفي المقابل فإن بعضهن يتهمن المدينة بوضع بعض العراقيل في هذا المجال؛ فما ردكم ؟
- أولاً، المدينة لا تضع عراقيل أمام أحد، وهي تدرك أن العنصر النسائي عنصر قوي، وأنه يمكن أن يسهم بإبداعات وقدرات؛ ولهذا نحن ندعم هذه الكوادر بكل الطرق؛ فالمدينة دعمت طالبات الدراسات العليا والدراسات الجامعية ودعمت بحوثاً لسيدات عملن في المجال الأكاديمي عن طريق برنامج المنح، ولا أعتقد أن من العنصر النسائي من تقدمت لبراءة اختراع ورفض طلبها، بل نحن نرحب ونحفز لذلك، وأرجو إن كانت هناك سيدة قدمت لبراءة اختراع وواجهت مشكلات أن أعرف عنها شخصياً. وبهذه المناسبة فإن موضوع البراءات في المدينة وصل - ولله الحمد - إلى مراحل متقدمة. هل تعلم أن هناك ما يقارب 13500 طلب براءة بتّت المدينة في 11300 أي نحو 87% منها أنجز؛ بمعنى أنها منحت البراءة أو أسقطت الطلب حسب النظام.
* وكم نسبة الفتيات السعوديات في ذلك العدد ؟
- لا أعلم، لكن إذا كانت هناك سيدات تقدمن للبراءة ولم يجدن معاملة حسنة فأنا أسهل المعاملة، ولكن لا نمنحها براءة إذا لم تكن تستحقها عن جدارة؛ فأرجو أن أسمع من السيدات اللاتي قدمن إلى براءة اختراع عن أي شكوى موضوعية. ولكن أريد أن أضيف أيضاً أن المعدل العالمي للنظر في البراءة ليتم منحها أو رفضها يتراوح بين سنتين وثلاث، والمدينة الآن وصلت إلى هذه المرحلة؛ فهي أيضاً من سنتين إلى ثلاث تبت فيما يقدم إليها أو قد يكون أقل من ذلك. ونحن نسعى إلى تسريع الوقت، وليعلم القارئ عن طريقكم أن أكثر من 87% من البراءات التي قدمت إلينا تم البت فيها، وهذه نسبة جيدة والوقت اللازم لذلك من سنتين إلى ثلاث في بقية دول العالم، وهو كذلك بالنسبة إلينا.
* ماذا عن توجه المملكة نحو استخدام الطاقة النووية في إنتاج الطاقة الكهربائية وما بحوثكم في هذا المجال؟
- المدينة لديها بحوث في مجال الطاقة النووية، وهو مجال الحماية من الإشعاع، ولدينا نحو 20 محطة في أنحاء المملكة تراقب أجواء المملكة على الحدود والإشعاع، وخصوصاً في الجو، وتعطي إنذاراً لحظياً إذا كانت هناك مشكلة، ولم يكن هناك - ولله الحمد - ما يدعو إلى ذلك، كما أن المدينة تهتم بالحماية من المصادر المشعة التي تدخل البلد؛ فهناك مصادر مشعة كثيرة للطب والزراعة وتطبيقات آبار الزيت وغيرها، والمدينة تراقب نحو 8 آلاف مصدر مشع يدخل ويخرج المملكة وتراقب أكثر من 20 ألف شخص يعملون على هذه المصادر، منها أشعة إكس للمستشفيات وللمصانع، وهي تراقب تعرضهم للإشعاع بشكل دوري، وإذا تعرض أحد لأكثر من جرعة؛ فهذا يوجب وقفه؛ فالمدينة تبذل جهداً جيداً في مجال الحماية من الإشعاع، وكذلك لدينا دراسات تبحث في تطبيقات الطاقة النووية لإنتاج المواد وتحسين خواص مواد البناء والبلاستيك والكابلات، وأيضاً إطالة عمر بعض الأغذية بالتشعيع، وهذه كلها في مراحل متقدمة يمكن أن تنقل إلى الصناعة بشكل سريع. إما ما يخص التقنية النووية واستخدامها في التحلية فهذا - كما تعلم - قرار سياسي، وإذا اتخذ قرار بذلك فالمدينة سوف تطور نفسها؛ لتكون مؤهلة لتنفيذ القرار، لكن القرار السياسي لا أعلم به وهو ليس من اختصاصنا.
* لم تتم الاستفادة من تقنية النانو بشكل فعال وسمعنا أن مجلس الوزراء أوصى بتفعيل هذه التقنية؛ فما تعليقكم على ذلك ؟
- برنامج تقنية النانو في المدينة خصوصاً قوي، وله أكثر من سنتين، وله نتائج بحثية جيدة جداً، وندعوكم لزيارة المدينة لمشاهدته. وسأعطيك مثالاً؛ فبعض الإخوة الباحثين في المدينة تعاونوا مع باحثين في جامعة الملك سعود وجامعة أمريكية وطوروا استخدام تقنية النانو لتحسين كفاءة الخلايا الشمسية ورفع كفاءتها إلى خمسين أو ستين في المائة، وهذا يعتبر إنجازاً عالمياً حصلوا بموجبه على براءة اختراع، وحصل هذا البحث على تقدير عالمي كبير جداً والتقنية موجودة ونحن لنا باع فيها وعندنا أعمال جيدة - كما ذكرت - ليست مجرد خطط، وندعوكم لزيارة المدينة لمشاهدة هذه الأشياء بأنفسكم.